"سلطنة عُمان التعاون والصداقة التاريخية مع جمهورية كوريا"

مزاج الأحد ٠٦/أكتوبر/٢٠٢٤ ١٧:٣٤ م
"سلطنة عُمان التعاون والصداقة التاريخية مع جمهورية كوريا"

مسقط - ش

أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بسيؤول، كتاب "سلطنة عُمان التعاون والصداقة التاريخية مع جمهورية كوريا"، للكاتب الكوري الدكتور "هي سو لي" حيث أقيم حفل تدشين الكتاب بمقر سفارة سلطنة عُمان في جمهورية كوريا، وذلك تحت رعاية سعادة كيم تشانغ مو الأمين العام للجمعية الكورية العربية. ويحوي الكتاب في طبعته الأولى (بالنسختين العربية والكورية) على سبعة فصول.

يتضمن محتوى الكتاب تقديم وكلمة للمؤلف، وسبعة فصول؛ كما يتضمن الكتاب دراسة عامة للأهمية الاستراتيجية لسلطنة عُمان بشكل خاص؛ وذلك استشعارًا من الكاتب بأهمية التعاون بين كوريا وسلطنة عُمان وتفعيل الجوانب التاريخية والثقافية والتراثية وغيرها، وربطها مع الواقع السياسي والاقتصادي المعاصر. وتناول الفصل الأول من الكتاب تاريخ وثقافة سلطنة عُمان، وجاء الفصل الثاني بعنوان "ألف عام من التبادل والتعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا"، فيما غطّى الفصل الثالث مرور 50 عامًا على العلاقات الدبلوماسية التي توطدت بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا 1974م-2024م، فيما تطرق الفصل الرابع إلى الثقافة والتقاليد العمانية، وتناول الفصل الخامس الجانب السياحي والتراثي لسلطنة عمان، ويحكي الفصل السادس عن آفاق التعاون الاقتصادي والاستراتيجي والوضع الاقتصادي لسلطنة عمان وسياسات التنوع الاقتصادي، أما الفصل السابع الأخير فركز على برنامج رؤية "عُمان٢٠٤٠".

50 عاماً من الصداقة

سلطنة عُمان هي لؤلؤة بحر العرب البرّاقة، حيث كانت ملتقى الحضارات الإنسانية نظراً لموقعها كنقطة تقاطع جغرافي سياسي بين الخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر. وبفضل الريادة الملاحية العُمانية التي صدَّرت أقدم تكنولوجيا في بناء السفن والملاحة البحرية في العالم، استطاعت أن تنقل تأثيرها الحضاري إلى أقصى الشرق من آسيا، وتحديداً شبه الجزيرة الكورية النائية.

واليوم، تقود سلطنة عُمان الحضارة الإنسانية المستقبلية في طريق الإصلاح والابتكار، مستندةً إلى تقاليدها الراسخة، وتراثها الثقافي العريق، وهويتها العربية الإسلامية الأصيلة. والأهم من ذلك، أن "روح الوئام والسلام" التي تشتهر بها سلطنة عُمان، قد ساهمت في الحضارة البشرية عبر التاريخ، مما يقود السلام العالمي، ليس في البلدان المجاورة الإسلامية فحسب، بل وفي جميع أنحاء العالم أيضاً.

وفي العام 2024م تحتفل سلطنة عُمان وجمهورية كوريا بمرور خمسين عاماً من علاقات الصداقة والتعاون القائمة على التبادل الثقافي والتاريخ المشترك الذي تمتد جذوره إلى ما يزيد عن ألف وخمسمائة عام. وقد تم تأليف هذا الكتاب ليسرد لنا قصة خمسين عاماً مضت، ويكون نبراساً لنا يرشدنا نحو خمسين عامًا أخرى في المستقبل.

نحو مستقبل أكثر متانة

ومما جاء في كلمة المؤلف الأستاذ الدكتور هي سو لي: "جاء دعم هذا المشروع من قبل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من أجل إبراز هذه العلاقة وإيصالها لتعريف شعوب العالم بالصلات العربية العُمانية مع جمهورية كوريا والمنطقة المحيطة بها، فمن المؤمل أن تقدم هذه الدراسة لكل من القارئ العربي والكوري معلومات قيمة ومفيدة حول هذه العلاقات وأهميتها بين البلدين". كما تمنى المؤلف أن يصبح هذا الكتاب وسيلة لتعريف الشعب الكوري بالمزيد حول سلطنة عُمان التي يعشقها. وأن يصبح نشر هذا الكتاب فرصة ممتازة لترقية مستوى العلاقات بين البلدين إلى شريكين للتعاون نحو مستقبل أكثر متانة، يقوم على صداقة عميقة وتواصل تاريخي طويل المدى.

الجدير بالذكر أن الكاتب بدأ اهتمامه بسلطنة عُمان في عام 1983م، عندما كان بصدد إعداد رسالته البحثية في مرحلة الماجستير، والتي حملت عنوان: "التبادلات التاريخية والثقافية بين كوريا الجنوبية والعالم الإسلامي". حيث استطاع المؤلف قراءة سجلات تاريخية مكتوبةً باللغة العربية عن الملاحين العرب القادمين من عُمان، الذين تقدموا على متن السفن إلى شبه الجزيرة الكورية عبورا إلى سواحل جنوب شرق آسيا وجنوب شرق الصين منذ فترة مبكرة من الزمن. وبعد ذلك، أُتيحت الفرصة له لزيارة سلطنة عُمان في عام 1990م لأول مرة.

مسار التواصل التجاري والثقافي

وقال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في تقديم الكتاب: "دأبت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على القيام باستغلال الوثائق والمخطوطات والمصادر والمراجع العُمانية وغيرها من أجل إبراز الجوانب الحضارية والتاريخية لسلطنة عُمان على مدار العصور والحقب التاريخية المختلفة، فضلاً عن العلاقات التاريخية التي ربطتها بالعديد من دول العالم، ويظهر ذلك الجهد من خلال الإصدارات التي أصدرتها الهيئة واستمرارها في هذا النهج لخدمة البحث العلمي والإبداع الفكري. وتنتهج الهيئة في ذلك مسارات متعددة، أولاً، إتاحة الوثائق والمصادر المختلفة للباحثين والدارسين لتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم في مجال تعزيز البحث العلمي في مختلف المجالات. وثانياً، قيام الهيئة بإعداد دراسات نوعية لم يتطرق إليها الباحثون والدارسون وترى أهمية إبرازها والوقوف على تلك الدراسات. وثالثاً، قيام الهيئة بتكليف باحثين متخصصين بإعداد دراسات نوعية ونادرة المصادر تتطلب مزيداً من البحث والتعمق في هذه الدراسات ومنها هذه الدراسة القيمة التي تُعنى بعلاقة سلطنة عُمان وتعاونها والصداقة التاريخية التي ربطتها بجمهورية كوريا، وحيث إن الوجود العربي العُماني امتد إلى شبه الجزيرة الكورية والصين وغيرها على مسار التواصل التجاري والثقافي، وقد أشارت بعض المصادر التاريخية الإسلامية والعربية حول تلك العلاقات منذ الحقب التاريخية القديمة، ورغم ذلك فإن المكتبة العربية تفتقر إلى وجود عدد من الدراسات المتخصصة كالتي نحن بصددها، فمما تجدر الإشارة إليه ومن خلال التواصل مع سفارة سلطنة عُمان بجمهورية كوريا والمبادرة التي تناولها سعادة السفير الشيخ زكريا بن حمد السعدي سفير سلطنة عُمان في سيؤول على أهمية إيلاء جانب العلاقات العُمانية الكورية أهمية خاصة وأنها تشهد نمواً متزايداً في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية وغيرها، فإن تتبع هذه العلاقة الممتدة يشغل بال الباحثين والدارسين ويحظى باهتمام من قبل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية التي تعمل على الكشف عن علاقات سلطنة عُمان بدول العالم وهو ما أبرزته من خلال إصداراتها واستمرارية العمل بهذا النهج والبحث في هذا الشأن مع باحث حصيف يتمتع بالقدرة والكفاءة الفكرية والعلمية والبحثية، ومهتم بشأن العلاقات بين البلدين، وحيث إن الأستاذ الدكتور هي سو لي، البروفيسور الفخري بمعهد الدراسات الإسلامية بجامعة سونغ كونغ هي، القدير والجدير بالقيام بهذه المهمة لما لمسناه من اهتمام وشغف لديه لاستقصاء هذه العلاقة والتي اجتمعت فيها رغبة هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية للقيام بمجال البحث في هذا الجانب والموافقة الإيجابية من قبل الأستاذ الدكتور هي سو لي لنبدأ معاً الشروع في إعداد هذه المادة التاريخية التي نقدمها اليوم لكل من القارئ العربي والكوري ولرفد المكتبات بهذا الإصدار لخدمة الباحثين الذين يولون اهتماماً بهذه العلاقة وبهذا التواصل العربي العُماني مع كوريا، فعليه نؤكد اهتمام الهيئة ومضيها المستمر وصولاً لتحقيق الأهداف والغايات المنشودة في تقديم الدراسات والبحوث المعمقة عن سلطنة عُمان وتاريخها وعلاقاتها الدولية".

جسور التواصل

فيما قالت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية، المديرة المختصة للدراسات الوثائقية وأحد المساهمين في التحضير للكتاب: يسلط هذا الكتاب الضوء على التاريخ العريق للعلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا، ملقياً الضوء على تاريخ عُمان وثقافتها وتراثها العريق، حيث استطاعت عُمان تسخير خبرتها الملاحية في بناء جسور التواصل بين الحضارات والشعوب في أصقاع الأرض مما هيأ لها دوراً مهماً ومؤثراً في صنع الحضارة الإنسانية. وهذا الكتاب عبر ما تضمنه من معلومات وحقائق ونماذج لعض الوثائق والصور والخرائط الداعمة يحاول رصد بعض أوجه وملامح هذا التاريخ للقارئ العربي والكوري. وهو ما أوضحه مؤلف الكتاب من أن العلاقات الثنائية بين الجانبين العربي والكوري قد بدأت منذ زمن قديم، وهي قائمة على صداقة أكثر عمقا ومتانة بالمقارنة مع أي بلد من بلدان العالم. ومن المؤمل أن تصبح هذه الحقائق التاريخية أساسا متينا للتعاون الأوثق والأكثر استدامة في المستقبل.