مسقط - خالد عرابي
نظمت دار الأوبرا السلطانية مسقط مساء الأربعاء الماضي بالمكتبة الموسيقية بالدار أولى الندوات الأوبرالية في إطار موسمها الجديد (2024-2025) وهي محاضرة حول العرض الأوبرالي ورائعة جوزيبي فيردي "الحفل التنكري" الذي افتتحت به الدار موسمها الجديد ، والذي قدمت عرضه الأول مساء الخميس الماضي ونال أعجاب جمهور الدار ومثل بداية قوية بحق، كما قدمت العرض الثاني والأخير لأوبرا الحفل التنكري مساء أمس، وقدم المحاضرة والشرح غاستون فورنييه فاسيو، المستشار الفني لأوركسترا موتسارت في بولونيا. وشارك فيها: السوبرانو أليساندرا أدورنو ، والسوبرانو ماريا روزاريا فيتالي، والميزو سوبرانو كرستينا ميليس، والتينور داريو برولا، والباريتون أندريا بورجيني ، وعازف البيانو فرانشيسكو باربا جيلاتا، وترجمة تامر السيد.
وكان من اللقطات المميزة خلال هذه المحاضرة ولأول مرةهي حضور الطلاب ذوي الإعاقة السمعية والنطقية من طلاب الكلية العلمية للتصميم والذي ربما يتابعون ويتعرفون على مثل هذه الأعمال الأوبرالية و لأول مرة على حد وصفهم للـ "الشبيبة" ، وساهمت في الشرح ومن خلال لغة الإشارة حيث ترجمة لهم إليها هدى بنت سيف حميد العامري، مترجمة لغة الإشارة مما أضاف بعد جديدا و متميزا لما تقدمه دار الأوبرا السلطانية من أعمال فنية و موسيقية رائعة ، كما ساهم في توسيع دور و رسالة الدار إلى فئة جديدة لم تكن تصل إليها من قبل وهو من الأعمال الرئدة و المميزة للدار ليس على مستوى السلطنة فحسب وإنما على مستوى المنطقة العربية.
وكان من الأعمال الأخرى التي قدمتها الدار وبالتعاون مع الكلية العلمية للتصميم التعاون في تقديم أعمال تصميم إبداعية لطلاب الكلية تساهم أيضا في دعم و ايصال رسالة الدار للجمهور عبر طرق جديدة و مبتكرة ومنها تصميم ماسك مسرحي أوبرالي بطريقة فاخرة وقد وزعته الدار على حضور العرض الأوبرالي الافتتاحي "الحفل التنكري" وقد لاقا إعجابا كبيرا وارتداه غالبية الجمهور مما شكل لوحة فنية جميله و مشهد مبتكر بجانب اللوحاتوالمشاهد التي قدمها العرض.
حضر المحاضرة لفيف من جمهور الأوبرا من عشاق الموسيقى والغناء والأعمال الأوبرالية من المواطنيين العمانيين والمقيمين، وكان بمثابة نجوم الحضور مجموعة الطلاب ذوي الإعاقة السمعية والنطقية بالكلمية العلمية للتصميم و الذي أبدوا شغفا وتجاوبا كبيرا أثناء الحضور ظهر جليا من تفاعلهم بلغة الإشارة مع المترجمة لغة الإشارة هدى بنت سيف حميد العامري، مترجمة لغة الإشارة والتي أوضحت لنا ذلك وهم أيضا في تصريحات خاصة للـ "الشبيبة" عقب نهاية المحاضرة.
وأكد غاستون فورنييه فاسيو في بداية المحاضرة على أن أوبرا "العرض التنكري" واحد من الأعمال الخالدة لفيردي وهو عمل يبلغ من القوة الكثير حيث يجمع ما بين التراجيديا و الحب، وقد جاءت موسيقاه قوية وتعبر عن العمل ومضامينه ومشاهده ولوحاته الفنية، ثم شرح غاستون فورنييه فاسيو قصة العرض وكل لوحة أو مشهد على حدة كما تحدث عن الشخصيات الرئيسية و أبطال العرض بدءا من ملك السويد إلى صديقه المقرب وحارسه المخلص الأمين والمحب للملك "ريناتو" وهو زوج المرأة التي أحبها الملك "إميليا"، والعرافة التي لجأ إليها الملك لمحاولة استطلاع و معرفة بعض الأمور، وبقية الشخصيات الرئيسية الأخرى، كما أوضح غاستون فورنييه كيف تفرد فيردي بأسلوب درامي فريد حيث كان ينتقل وبكل سهولة في الدراما ما بين الحب والمرح إلى التراجيديا والحزن والتي تجلت في في واحد من المشاهد والتي وصفها غاستون بالمقطوعة السوداء أو العميقة وهي في المقطوعة التي قالت فيها العرافة للملك بأن هناك شخص سيقتلك وهو من الأشخاص الذين سيسلمون عليك باليد، وهو من الأقرباء إليك، و كانت المفاجأة أن "رينانو" صديقه المقرب و حارسه الأمين كان قد جاء متأخرا ولم يسمع كلام العرافة فصافح الملك أو سلم عليه ، في حين أن بقية الحضور ممكن جاءوا مبكرا و استمعوا إلى كلام العرافة تجنبوا مصافحة الملك، ومع هذا فإن الملك لم يصدق كلام العرافة و لم يستمع لنصحها ولذا كانت نهايته ومقتله بحق على يد "ريناتو" .
ثم اشار غاستون إلى واحد من المشاهد الاخرى الجميلة والأكثر رومانسية وقال عنه: " كما نرى فأن فيردي من عباقرة الأوبرا العالميين الذين تفردوا بأسلوب الجمع ما بين المرح والتراجيديا، ولقد رأينا كيف ينتقل من مشهد إلى آخر ضمن المشاهد الرومانسية إلى مشاهد أخرى موحشة، واستشهد على ذلك بالمشهد الذي قبل أن يكتشف ريناتو أن تلك السيدة أمراته، وذلك حينما أقترب شخص من الملك، وكان صوت صديقه المقرب "ريناتو" وأخبره بأنه يجب أن يبتعد عن المكان لأن هناك متآمرين يريدون قتله، ولكن الملك رفض في البداية، ثم قبل على شرط وهو ينتزع ريناتو الغطاء من على رأس ووجه هذه المرأة وهي "إميليا " وهي زوجة ريناتو الذي لم يعرف ذلك، وأن يأخذها إلأى المدينه دون رفع الغطاء عنها و يعده ريناتو بذلك، ولكن عقب هروب الملك ونوجه ريناتو لايصال تلك المرأة إلى المدينة وهي "إميليا" يأتي المتآمرون ويحاولون قتل من ظنوا أنه الملك لأنه يرتدي ملابسه وهو ريناتو، إلا أنه يكتشفون ذلك فيتركونه، ثم يسالونه عن تلك المراة فيقول لهم بأنها عابرة سبيل، فلم يصدقونه، ثم ينزعون الغطاء من على رأس إميليا ليكتشف ريناتو أنها زوجته وأنه لم يعرف ويظن أنها على علاقة آثمة مع الملك وأن صديقه الملك قد خانه مع أقرب الناس إليه وهناتتحول مشاعره من الحب للملك إلى السخط و الكره و الضيق وجاءت الموسيقى لتعكس مزيجا من الكوميديا والدراما وما بين الفرح و الحزن في الوقت ذاته.. ثم يتناول غاستون بقية المقطوعات ليصل غلى مقطوعة الانتقام ليكون ملخص المقطوعة أن ريناتو يقول : " سأنتقم .. سأنتقم .. سأنتقم منك أيها الخائن وينظر إلى صورة الملك لأنه أفقده أعز الناس إلى قلبه وهي زوجته .. وينتهي عرض "الحفل التنكري" بمشهد قتل الملك وذلك أثناء العرض التنكري حينما يتعرف الملك على إميليا و يمسك بيدها ليكون ريناتو قد تعرف على الملك من خلال إحدى الصديقات العاملات في البلاط معه ويقترب من الملك و يطعنه، وتكون المفاجأة أن يخرج الملك رسالة من جيبه قبل لفظ روحه مكتوب فيها أن حبه لإميليا حب عذري وأنه ليس على علاقة بها لأنها تحب زوجها، كما تكون المفاجأة الأخرى وهي أن يطلب من الحضور العفو عن ريناتو ليغادر خارج المدينة وألا يقتل أو يسجن.
ويقول خالد الغريبي ، طاب من ذوي الإعاقة بالكلية العلمية للتصميم: "سعدت كثيرا بأن حضرت هذا العرض وذلك لأول مرة في حياتي، فبحسب ما علمت أن كليتنا وقعت اتفاقية تعاون مع دار الأوبرا السلطانية مسقط، وفي إطارها كان حضورنا لهذا العرض وكذلك محاضرة اليوم، وكان حضور جميل لقد كان العرض ممته بالنسبة لي وهو شعور جميل وغريب لأنه لأول مرة في حياتي اشاهد عرض أوبرالي .. كم هو ممتع وشيق الأمر بالنسبة لي .. كنت أسمع بعض أصوات ضعيفة جدا بسبب الإعاقة ولكن لاحظت من خلالها نبرات فرح وأحيانا حزن وأصوات وأداء مختلف عن الغناء العادي ولكن كان جدا جميل وامتعني .. ولكن شعرت بالتأثر والحزن عن وفاة الملك في نهاية العرض لأنني شعرت بالخيانة له، وأثنى خالد على أن الترجمة للغة الإشارة قائلا: كانت واضحة جدا وجعلتني أفهم العرض والقصة وأنسجم معها بل وأتأثر بها".
ويضيف أياد العامري، في قسم التصميم الجرافيكي بالكلية العلمية للتصميم ومن طلاب الإعاقة السمعية والنطقية: لأول مرة في حياتي استمع لعمل أوبرالي كان شعور غريب وجميل جدا فالمترجمة نجحت في ان تنقلنا من مشهد إلى أخر بالترجمة إلى لغتنا وكنت سعيد جدا بالحضور وعجبتني القصة جدا وشعرت بالفرح والحزن في القصة وهي أول مرة أسمع فيها عن فيردي وعن الأوبرا.. نعم قرأت عن الأوبرا ولكن أول مرة أتابع واقعيا.
أما هدى بنت سيف حميد العامري، مترجمة معتمدة للغة الإشارة بالتلفزيون العماني وبالكلية العلمية للتصميم والتي ترجمت لهم فقالت: كانت تجربة جميلة جدا خاصة وأنه رغم أنني مترجمة متخصصة ومعتمدة من قبل التلفزيون العماني إلا أنها المرة الأولى التي أترجم فيها عمل أوبرالي ولدار الأوبرا السلطانية فكانت لحظة فرح و سعادة كبير خاصة وأنني لمست أنني نجحت في نقل الرسالة والترجمة باحترافية أثنى عليها الحضور من هؤلاء الطلاب وشكروني عليها ، وقالت بأنها تجربة جديدة وكان فيها تحدي لأن هناك مصطلحات كثيرة جديدة بالنسبة لي كمجال لأول مرة أترجم فيه ولكن تغلبنا على ذلك بالتنسيق المسبق ما بين الكلية و الدار و كذلك للنص والمحتوى و لذا خرج العمل بالشكل اللائق ونجحنا في نقل الرسالة على أفضل وأكمل وجه. وشخصيا سعدت كثيرا أنني نجحت في ايصال الرسالة
وقالت الدكتورة منى كمال إسماعيل، عميدة الكلية العلمية للتصميم: وقعنا مؤخرا اتفاقية ما بين الكلية ودار الأوبرا السلطانية مسقط وذلك في أمرين الأول فيما يخص التعاون في إطار بعض أعمال التصميم وفي إطارها قمنا بتصميم ماسك للدار، وكذلك صممنا طريقة لاستخدام هذا الماسك بحيث من يدخل من خلال "سناب شات" يظهر وهو مرتدي لهذا الماسك، أما الأمر الثاني فكان حضور طلاب القسم الجرافيكي من ذوي الإعاقة السمعية لبعض الأعمال وفي إطارها حضر هؤلاء الطلاب عرض أوبرا "الحفل التنكري" وكذلك هذه المحاضرة وبحق سعدنا كثيرا سواء الكلية ودار الأوبرا السلطانية بثمرة هذا التعاون أذ شعرنا بمدى الفائدة التي حدثنا عنها هؤلاء الطلاب وعن سعادتها بحضور مثل هذه الأعمال ولأول مرة في حياتهم، و أوضحت أن هذا التعاون يأتي في إطار سعي الكلية لادماج هذه الفئة في المجتمع بشكل أكبر، ولذا وخلال العروض المقبلة سنرى الأعمال المناسبة لهم وننسق لمثل هذا الأمر والاستمرار في التعاون مع دار الأوبرا السلطانية مسقط التي نتوحه لها بجزيل الشكر وخاصة المدير العام أمبرتو فاني ولجميع فريق العمل على تعاونهم وما بذلوه من جهود لجعل ها الأمر ممكنا."