بقلم: علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تتسارع فيه الجهود للنهوض بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ومن خلال إقناع المستثمرين للاستثمار في كل القطاعات الإنتاجية والخدمية وبما يتواكب مع الخطط الموضوعة، إلا أن ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا بتكامل الجهود لتغدو كمنظومة واحدة تعمل بشكل منظم ومتناسق. لكن ما يحدث في رحلات الطيران من وإلى الدقم عبر طيران السلام لا يصب في خانة تلك الأماني الوطنية الاقتصادية الخالصة والشاهقة، فتأخير الرحلات لساعة في كل رحلة ذهابا وإيابا من شأنه هو وغيره أن يعطل الكثير من الاستثمارات، ويعكر أمزجة المستثمرين التي نسعى بكافة السبل لأن نجعلها دائما في قمة الألق والانشراح والحبور، ومن ثم تطفو على السطح صورة غير إيجابية عن الجهود المبذولة، فضلا عن ما يسببه التأخير في الرحلات والذي أطل كظاهرة منذ نوفمبر 2022م من تعطيل العديد من رجال الأعمال والموظفين، وانعكاس ذلك على ارتباطاتهم المسبقة سواء بالسفر إلى وجهات أخرى أو أعمالهم واجتماعاتهم، ناهيك عن الإحباطات التي تنزل عليهم لا بردا ولاسلاما، ثم تقف خيبة الأمل في حلوقهم كشوك يصعب بلعه كما يستحيل لفظه كنواة، وذلك أنهم يتوافدون إلى المطارات قبل ساعتين من الإقلاع التزاما بمواعيد الرحلات واحتراما للإجراءات المتبعة كأمر طبيعي في المطارات، الأمر الذي يتطلب تغيير منهجية الرحلات إلى الدقم، وأن تقوم الجهات الحكومية ذات العلاقة بدراسة هذه العثرات وتبعاتها على الاستثمار والسفر إلى هناك، والعمل على تلافي ما حدث ويحدث بشكل جذري وبأسرع وقت ممكن، فليس هناك وقت لإضاعته في هكذا ممارسات.
ولاشك أن الاستثمار الذي ننشده يجب أن تكون له موجهات ومراقبة دقيقة تلافيا للتأثيرات السلبية التي تؤثر عليه من جهات أخرى ترتبط به مثل الطيران وغيره، وحتى يتسنى لنا المحافظة على مصداقية توجهاتنا وصونا لماء الوجه من أن يراق سدى وعلى قارعات الطرق، وحتى لا ينطبق علينا (القول) يد تبني وأخرى تهدم من الجهة الأخرى.
ثم إننا لا يعقل أن ندعو المستثمرين للاستثمار والحال كما شرحنا، فما حدث هو أمر جلل ولا يغتفر ولا يمكن بطبيعة الحال السكوت عليه باعتباره يمس مصداقيتنا وجديتنا في الصميم، وفي قضية تمثل توجهات الدولة الاقتصادية والتنموية حاضرا ومستقبلا.
السؤال المطروح هنا وفي هذا المنعطف الخطير أين هيئة الطيران المدني وهيئة المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة، ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات من هذه الممارسات المؤسفة، كما أن تخصيص خط مسقط الدقم حصريا لشركة واحدة من شأنه أن يغدو مدعاة لهذا التراخي لعدم وجود منافسة تشعل عود ثقاب التنافسية بينهما في النقطة المتوهجة بشأن من هو الأفضل، والذي يستحق أن تهفو إليه الأنظار والأفئدة.
وبما أن الأمر بات كذلك فإننا نقترح من الآن فصاعدا على مطارات عُمان إضافة وتوفير خدمات التسلية والمرح واللعب المباح مع غرف للنوم لفائدة أولئك المستثمرين المعذبين المجهدين، حتى لا يخنقهم الانتظار، وهو ممل كما نعلم.
صحيح أن هواتفهم النقالة ساهمت مشكورة في تخفيف هذه الضغوطات عليهم بتفعيل ألعاب الهواتف كخيار إجباري وإذ هم كرجال أعمال ومستثمرين لاوقت لديهم أصلا للعب غير أن تلك خطوة أملاها فقه الضرورة، وعبرها اكتشفوا فائدة وجدوى الألعاب الموجودة بهواتفهم ربما للمرة الأولى.
ولنا أن نتخيل أيضا بأن العاملين أيضا في المطارات قد أصابهم أيضا نعاس التأخير اللزج، تزامنا مع السنة التي استنها طيران السلام سامحه الله، ولن نندهش هنا بالطبع، فالعدوى لها الغلبة في هكذا أحوال. بالطبع نتفهم حقيقة وجود طيران السلام كناقل تجاري ناشئ يحاول جاهدا أثبات ذاته، غير إن إثبات الذات كقضية تحتاج إلى عوامل مساعدة، وكلها تندرج تحت خط (الصرامة) والجدية. فهذا المجال ليس فيه مكان لأنصاف الحلول، بل هو خاضع تماما لمبدأ أن تكون أو لا تكون، وليس هناك منطقة وسطى هنا على الإطلاق. نأمل من الجهات المعنية ضبط هذا التأخير والوقوف على تأثيراته السلبية على الركاب والمستثمرين، والعمل على ضبط الوقت بشكل دقيق وبالثانية وليس بالدقيقة، فالقضية كما وصفناها ليست هامشية ولا عبثية، بل هي اقتصاد وطن ومستقبل شعب.