بقلم : محمد بن علي البلوشي
وصل عدد متابعي أحد الوعاظ نحو17 مليون متابع..هل كان كل هؤلاء معجبين ومحبين له من داخل بلاده وخارجها؟..هؤلاء قد يصدقون كل مايقوله من الأمور الدينية فهي ملعبه والناس لدينا لاشأن لها بالتصديق من عدمه بل اتباعه وتصديقه..لكن المشكلة أكبر حينما يصدقون عندما يلعب خارج ملعبه فيتطرق إلى الشؤون الاقتصادية والفيزيائية والفلكية وعلم الذرة والبرمجيات..المعلوم أن الساسة يديرون السياسة والاقتصاديون يفتون في الاقتصاد ورجال الأعمال يديرون الاقتصاد والوعاظ شأنهم الوعظ الديني لاغير والطلاب يتعلمون ويدرسون ويتخرجون ويبدأون العمل ويسعون إلى اكتساب مهارات جديدة في حياتهم. وسط هذا الضجيج اليومي يقفز البعض اليوم بغية تقدم الصفوف أسوة ربما بالفتى الذي تقدم الجميع فأستغرب منه عمر بن عبدالعزيز فكانت الإجابة »إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه» وهنا الموقف والمقارنة مختلفة..هؤلاء لاينشدون تقدم الصفوف للسلام بل لأنهم يعتقدون فيتوهمون بأنهم أحق بتقدم الصفوف حينما يطلقون الاتهامات وحشد الأكاذيب في عقول الناس لتصديقهم ثم الإيمان بهم..بحيث لم يبق اليوم صغير وجاهل وساذج إلا ورأى في نفسه اليوناني «نارسيس» فالجميع عليهم أن يلتفتوا لهم ولسواهم فهم يرون ما لايرون. ومن العجائب أن يزخر الفضاء العام بكمية غير طبيعية من تزييف الحقائق وتمييعها بكل سهولة فكل له مآربه..لكن لا لشيء سوى جذب الانتباه عبر تشويه الحقائق وتغييب الوقائع فهذه لايراد بها الخير بل لفت الأنظار عبر السموم التي تبث..فاليوم لم يبق أحد لم ينظر في شؤون الدولة إلى مايعتقدون أنهم على صواب..دعوني أعيد الكلمات التي قد تحمل في طيها الاستبداد لكنها احيانا تضبط إيقاعات الانفلات حينما رد مسؤول حزبي في حادثة تشيرنوبل عن حديث الناس عن تسرب الاشعاع «اهتموا بأبنائكم واسركم، اهتموا بدراستهم وبعائلاتكم.. التفاصيل الكبيرة ستهتم بها الدولة» هذا حينما نؤمن بأن الدولة صادقة وتسعى للعدل وتعامل الجميع بإنصاف..ولا يشك في ذلك إلا مخادع للآخرين. لكن البعض مهووسون بالصراخ والعويل بين حين واخر حتى لايخفت «نورهم» واراه في الواقع «ظلالهم» ليلقوا التهم والوهن إلى جسد الوطن..كل تضحيات السنوات الطويلة يمكن أن تنسف في لحظة بحجر من جاحد ومجنون..وكل هذا العمل والبناء والمنجز يرونه وهما والناس أصيبت بالعمى..الذين لايستطيعون مقاومة الحر في صيف قائظ إلا وقالوا انه بسبب الفساد..هؤلاء القوم ليسوا منافقين بل جاحدون ومن يعتقد أنه يملك الصواب فأما متفلسف أو خائب..فأركان البلاد راسخة وثابته قوية لأنها أسست على الحق لا على الباطل بغية نفع الناس بها..والمتخاذلون والمتشائمون والمحبطون يريدون إيجاد قطيع كامل يتبعهم.. يستيقظون صباحًا على التذمر والشكوى بدلًا من رؤية شروق الشمس والطيور تذهب بحثًا عن أرزاقها..فكل يعمل في موقعه وإن كان النقد البناء هو الهدف فأهلاً وسهلاً به ولنفرش له ألف سجادة حمراء..إلا أن في سطوره هو مزيد من صناعة الاحباط والوهن.. فالنقد والملاحظات البناءة تستخدم الحقائق في القضايا الحياتية للناس..ويميل الناس الظرفاء والبسطاء أحيانا إلى السخرية الاجتماعية تعبيرًا عن التذمر العفوي. أولئك يعتقدون أنهم اكثر فهما في كل شيء.. في الاقتصاد وكيف يمكن أن يحولون البلاد إلى اقتصاد مزدهر ومنتج وأكثر فهما في التعليم ليستطيعوا حل معضلة التعليم دون أن يقدموا مقترحًا بذلك.. وإلخ. لكن الحديث المحبط ومحاولة حجز ركن أو زاوية في المناخ العام هو ديدنهم.انهم ليسوا صادقين.» قُلْ هَاتُوا بُرْهَانكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».ويتصف هؤلاء عادة بالترف والرفاهية..هؤلاء لم تطحنهم الحياة ولم يخبروها لينتجوا خبرة تساعد في تطوير النهضة الوطنية..الكلام ورمي الاحباط في المناخ العام لاينبغي السماح له فالإحباط صناعة المحبطين الكارهون لكل شيء جميل. كم أرى وأسمع كثيرًا أحاديث مغلفة بالجهل والبعيدة عن الواقع.. تشكك في كل شي وتريد أن تهدم كل منجز ليعلو صراخها وضجيجها ليغطي على الحقائق الثابتة والراسخة.. ليكون ضجيجها فوق مؤسسات الدولة الراسخة والمغروسة بالدم والعرق والجهد وعمر السنوات وترسخها النهضة المتجددة.. بناء عمان والعزم على تحقيق آمال الناس سيمضي للأمام لكن هناك بعض المكابرين الذين لايرون الجميل ويتوهمون أنهم فوق ذكاء الجميع وبأنهم اوتوا الحكمة بينما سلب الآخرون منها.. هذه أصوات نشاز ينبغي أن تعرى حقيقتها وأن يقوم أصحابها بالحجة إن كانوا على ضلالة وإن كانوا يفترون فهناك القانون الذي لا أحد يعلو عليه وجلب المغرضين أمام القانون بحيث لا يستمرئون الكذب في كل مرة ..أما تكسير البنيان وجلب معاول الهدم فلا يمكن القبول به. فيشن البعض سهام الأكاذيب والتدليس على «الحقائق التي هي عنيدة» ولذلك يستمرؤن في محاولة تكذيبها. عندما تحفظ لك الدولة كرامتك فأنت تعيش ضمن مؤسسات راسخة تمضي بثقة..وحينما يتاح لك العلم دون تمييز فأنت في بلد ينشد العدل ويسعى لبسطه..وآيات بيانات كثيرة. لاينبغي أن يسمح للمشعوذين الجدد بهدم البناء.