بقلم : محمد محمود عثمان
لابد من توجيه الشكر لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على التوجيهات الحاسمة التى صححت مسار الاقتصاد بعد أن منح جلالته قُبلة الحياة للقطاع الخاص الذي كان في حالة احتضار بعد أن أصابته جائحة كورونا وجائحة القرارات المنظمة لسوق العمل بالشلل شبه التام ، ووجهت سهاماً قاتلة للمستثمرين والاستثمارات التي فكرت في الهروب إلى أسواق أخرى مجاورة بحثا عن التسهيلات والأيدي العاملة الفنية الرخيصة التي تعد من المميزات النسبية للاقتصاديات الحديثة ،والتي تلهث خلفها كل الشركات متعددة الجنسية وعابرة القارات والاستثمارات الكبيرة قبل الصغيرة ، لتخفيض النفقات وتحقيق الأرباح.
لقد سبق جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله- الجميع وتناول مشاكل المواطنين والقطاع الخاص ومعاناة الشركات الصغيرة والمتوسطة
وارتفاع رسوم مأذونيات العمل ،حتى يتمكن القطاع الخاص من العودة للتعافي ، في الوقت الذي تأخرت فيه بعض الجهات المسؤولة ولم تواكب الحدث بالسرعة المطلوبة لتخفيف الاحتقانات والمعاناة القائمة بعد أن حرص جلالته على اللقاء المباشر مع المواطنين من مختلف محافظات السلطنة وأكد ترسيخ مبادئ الديمقراطية من خلال البرلمان المفتوح الذي استمع جلالته من خلاله بعقل وبقلب مفتوح ومباشرة لمطالب المواطنين ومشاكلهم على الطبيعة ، ثم جاءت توجيهاته الحاسمة بالتصحيح من خلال الفهم الصحيح والعميق لاحتياجات المجتمع وضرورات المواطنين الذين كانوا قد فقدوا الثقة أو الأمل في الإصلاح لسوق العمل.
لأن النظرة الثاقبة لجلالته - حفظه الله- أنعشت القطاع الخاص بما يعني إضافات حقيقية للاقتصاد الكلي للدولة وما له من انعكاسات إيجابية على كل قطاعات وفئات المجتمع من الأسر والأفراد، لأن التوجيهات جاءت لتنقذ سفينة القطاع الخاص التي جنحت وأوشكت على الغرق وكانت تحتاج إلى تخفيف الأعباء والضغوط وتصحيح مسارات القرارات غير المدروسة التي أضرت بالجميع وتسببت في خسائر فادحة بعد تسريح الأيدي العاملة وتعثر الشركات وتوقف المصانع وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وهروب المستثمرين وزيادة الديون وعدم القدرة على السداد
وتدل القرارات التي تأتي من أعلى ولاسيما إن كانت من رأس الدولة وقائدها على ضعف أو إخفاق الإدارات التنفيذية بكل مستوياتها في حسن إدارة الأمور ، لعدم فهم الواقع أو نقص الخبرة ، لأن البعض قد يخفق في الاجتهاد وهم يحاولون تحقيق المصالح الوطنية ، ويعتقدون أنهم يحسنون صنعا ، على الرغم من إساءتهم للاقتصاد
لأن الأصل في القرارات التنظيمية والإدارية أن تبدأ من الإدارات الأدنى إلى الأعلى لتعديلها أو إقرارها ، باعتبارهم الأقرب إلى المجتمع والأقدر على التعرف على المشاكل والإشكاليات الميدانية التي تواجه التطبيقات العملية للقوانين والتي تحول دون تحقيق المقاصد التشريعية منها ، وأهمها انسياب العمل ومراعاة الاحتياجات الفعلية للشركات والقطاع الخاص والافراد والمجتمع ككل ، لضمان تحريك عجلة الاقتصاد ودفع الإنتاج وتشجيع الاستثمارات وتوطينها وجذب المستثمرين ورؤوس الأموال الأجنبية والعمل على استقرارهم.
ولا شك أن حزمة المحفزات التي وجه إليها جلالة السلطان المعظم سوف تسهم في استقرار أوضاع القطاع الخاص وبث الثقة التي تنمحه الاطمئنان والقدرة على العطاء من أجل المجتمع واجيال المستقبل.
ولذلك نتمنى أن يعي المسؤولون في الإدارات التنفيذية الرسالة التي بعث بها جلالة السلطان للجميع في أن يكونوا أكثر قربا من القطاع الخاص ومؤسساته وأكثر فهما لاحتياجات المجتمع والتعامل معها بسرعة وإيجابية ، والبدء الفوري في تنفيذها ، بدون تأخير أو انتظار، لمساعدة الاقتصاد على سرعة العودة لمستوياته السابقة في إطار ضوابط السوق التي تحكمها دائما آليات العرض والطلب ، مع ترك الحرية للشركات في تحديد احتياجاتها الفعلية من الأيدي العاملة وعدم وضع العراقيل أمامها ،لأنها هي الأقدر على معرفة ما تريد وليس الجهات الحكومية ،في ظل الغياب الفاعل لبعض منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والنقابات العمالية ولجان حقوق الإنسان ،واللجان البرلمانية التي تمثل الشعب ، واللجان المتخصصة بغرفة التجارة والصناعة التي تمثل القطاع الخاص والتي لم تكن لها وقفة قوية أو واضحة في مجابهة تحديات القطاع الخاص ومشاكله وعدم طرح المبادرات لحلول علمية لمجابهة مشاكل التشغيل وسوق العمل، التي تسببت في ارباك الحياة الاقتصادية خاصة في القطاع الخاص.