بقلم : علي المطاعني
إعلان وزارة العمل عن أسماء الذين تم توظيفهم والبالغ عددهم 41.504 مواطنا ومواطنة في القطاعين العام والخاص في عام 2021، بالأسماء وأرقام البطاقات الشخصية يُعد خطوة مهمة تعكس العديد من الدلالات الهادفة إلى تأكيد مصداقية التوظيف والإحلال الذي تنتهجه الوزارة، وعملا وإلتزاما ميدانيا بمبدأ الإفصاح والمكاشفة الذي تعمل الوزارة على تجسيده في العمل الإداري في المرحلة الراهنة والقادمة في إطار حوكمة القطاع الحكومي كجزء من مستهدفات رؤية عُمان 2040، وإيمانا من الوزارة بأهمية العمل بوضوح مع المجتمع خاصة في مجال يُعد من أهم المجالات حساسية وتعقيدا على الإطلاق في إيجاد التوافق بين أطراف الإنتاج الثلاثة وإذ أن الإنسجام بينهم ليس بالمسألة البسيطة كما يتصورها البعض.
الأمرالذي يبعث على الإرتياح لهذه الخطوة التي إقترنت عبرها أرقام التوظيف بالأسماء والرقم المدني لكل مواطن ومواطنة تم توظيفهم وبدقة متناهية يتطلب تعزيزها في المرحلة القادمة في كل أجهزة الدولة لتجسير وتفعيل الثقة بين المواطنين والأجهزة الحكومية وإضفاء المزيد من المصداقية على التعاملات وحوكمة العمل في الجهاز الإداري للدولة.
بلاشك أن توظيف ما يقارب من 42 ألف مواطن في عام 2021، وفي ظل الظروف الإقتصادية والصحية التي تعيشها سلطنة عُمان كغيرها من دول العالم بنسبة زيادة عن المستهدف في نفس العام بلغت 128.6%، وهي نسبة تعكس حجم الإنجاز وضخامة الجهود المبذولة في إيجاد فرص عمل للمواطنين وتفريخ المبادرات الهادفة إلى المزيد من التعاون بين أجهزة الدولة والقطاع الخاص والبحث الدؤوب عن البدائل الهادفة إلى تمكين أبناءنا من تلابيب العمل في الدولة علي إختلاف أجهزتها المدنية والعسكرية سواء بالإحلال المباشر الذي وفر 12.669 وظيفة، أو بالوظائف المعلن عنها في القطاع الحكومي البالغة 19.097 وظيفة، أو من خلال التوظيف الناتج عن التدريب والتاهيل الذي وفر 6.428 وظيفة من خلال 18 إعلان عن هذه الفرص في عام 2021.
وما يثلج الصدر حقا هو أن جهود التوظيف في القطاع الخاص تحقق معدلات نمو طيبة إذ تم توظيف 49.276 مواطنا ومواطنة منهم 42.609 بعقود عمل، و13.620 تم تعينهم لأول مرة و28.989 تم تعينهم كدوران وظيفي، و6.667 بعقودعمل ناتجة من التدريب المقرون بالتشغيل ، وهو تطورا إيجابيا يسهم في إستيعاب الباحثين عن عمل ويطمئن الجميع بأن الجهود ماضية بحول الله في الطريق الصحيح بتعاون كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها في إدارة ملف التشغيل وما يمثله من أهمية كبيرة تتطلب المزيد من التعاون وتضافر الجهود في توفير المزيد من فرص العمل لتمكين أبناءنا من خدمة وطنهم في كل الميادين وتأهيلهم لإستيعاب التطورات والمتغيرات في سوق العمل.. ومن حسن الطالع أن تقرير وزارة العمل كان شفافا بنحو مرضي إزاء إيضاح نسب المعينين في القطاعين العام والخاص من الذكور والإناث وتوزيع الذين تم توظيفهم بين محافطات السلطنة وكذلك الوظائف والمهن التي وظفوا بها، وتسيمة الأجهزة الحكومية التي استوعبت عددا من المواطنين والمواطنات في إطار إفصاح وضع النقاط الحائرة على الحروف الثابتة فما لبث إن أستتب الأمر للطمأنينة في هذه المرحلة الدقيقة التي تحتاج إلى مثل هذه الشفافية والمكاشفة والعمل بوضوح أكثر لمواكبة متطلبات المرحلة ومعالجة الراهن بالبيانات الدقيقة.. الوزارة لم تغفل في أفصاحها المُشاد به الإشارة لجهودها في الحفاظ على القوى العاملة الوطنية من خطورة الإنهاء الجماعي للخدمات أو تخفيض الأجور خلال الفترة من الأول من يناير إلى الرابع من نوفمبر 2021، إذ بلغ عدد القوى العاملة الوطنية التي حافظت عليها من التسريح والفصل أكثر من 26 ألف في 96 منشأة، وحافظت على بقاء أجور أكثر من 28 ألف آخرين نتيجة للتفاوض والمناقشات والتدخلات لوقف مثل هذه الممارسات من قبل (بعض) الشركات التي تدفع العاملين للإستقالة، فهذه الجهود أسهمت في معالجة أكثر من 60 ألف حالة كانت معرضة أما للتسريح أو لتخفيض الأجور، وهو تطور إيجابي يسهم في الحفاظ على القوى العاملة الوطنية وتأكيد إستقرارها.
وفي المقابل أشار الإفصاح إلى المستفيدين من نظام الأمان الوظيفي البالغ عددهم 10.995 وهو رقم ليس بالبسيط تم تسريحهم من أعمالهم وإيحاد مصدر دخل لهم حتى يحصلوا على عمل ثابت.. إذن فإن الإنجازات التي أوردتها وزارة العمل ليست كأي إنجازات أخرى تتاح بتوفر الإعتمادات المالية أو كأي أعمال روتينية وإنما لها وضعها الخاص والصعب في ذات الوقت، والصعوبة تكمن في إيجاد التكامل والإنسجام عبر روح المودة والأخاء والإحترام المتبادل بين أطراف الإنتاج، مع الإقرار بوجود شروط لكل طرف يتم وضعها في بوتقة الإعتبار المؤطر بحسن النوايا.
بالطبع التحديات الماثلة أمام هذه الجهود والقوي العاملة الوطنية كبيرة ومتشعبة سواء عبر مدخل الأوضاع الإقتصادية والصحية وتأثيراتها على سوق العمل، وتنامي حدة المنافسة غير المتكافئة ووضعية التجارة المستترة وغيرها من التحديات كلها وجميعها عناصر تلقى بظلالها القاتمة على جدلية التوظيف في القطاعين العام والخاص.
في المقابل يتطلب من الجميع رفع ومضاعفة وتيرة التشغيل الذاتي عبر جهود مشتركة من هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الجهات بإعتبارها مجالا أوسع من إيجاد الوظائف التقليدية خاصة في المحافطات، إضافة لجهود توطين الفرص في ولايات السلطنة.
نأمل أن تكلل هذه الجهود بالمزيد من التوفيق والمزيد من التعاون من الجميع لكي تنجح توجهات تمكين ابناء الوطن من كل مفاصل العمل في الدولة.