الرهوة على المربوطة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/فبراير/٢٠٢٢ ٠٩:٠٠ ص
الرهوة على المربوطة

بقلم : علي المطاعني

‏في الوقت الذي وضعت فيه وزارة الإسكان والتخطيط العمراني قيودا على التصرف في الأراضي الممنوحة للمواطنين في التوزيعات الجديدة، مثل عدم البيع أو التصرف إلا بعد تعمير الأرض، نجد في المقابل بأنها ترفض فرض رسوم على الأراضي البيضاء التي مُلكت على مدى ال 50 عاما الفائتة بمساحات شاسعة في أماكن وسط العاصمة مسقط والمحافظات تقدر قيمتها بملايين الريالات في تناقض غريب أن يصدرمن وزارة معنية بهذه الجانب وهي يفترض أنها تسعى حثيثا لإرساء كرسي العدالة بين جميع المواطنين ليصدق عليها قول المثل (الرهوة على المربوطة)، أي على المواطن العادي الذي تلحف بغطاء الصبر الجميل إنتظر عشرات السنين ليمتلك أرضا وليبنى عليها بيتًا له وأسرته بعد طول إنتظار ليجد في النهاية قيودا من حديد تمنعه من حق التصرف في قطعته. فالمواطن الصابر وبعد أن جاءه الفرج أخيرا يتهادى، بمنحه قطة أرض مساحتها بالكاد 600 م م، بالسيوح والجبال حيث لاكهرباء ولاماء ولا خدمات، وعلى المواطن أن ينتظر عشرات من السنين أخرى حتى تكتمل منظومة الخدمات المفضية تلقائيا لشروعه في البناء والسكن بعد طول سكون، فكون أن يملك المواطن أرضا وبغض النظر عن مايحيط بها خير من أن لايملك بالطبع، غير أنه وقبل أن ترتسم الإبتسامة كاملة غير منقوصة على محياه، فوجئ بقرار سرق مشروع الإبتسامة، وسريعا عاد التجهم والضجر واضحا على وجه إستبشر خيرا قبل سويعات، وفي اللسان إستئسد طعم المر بدلا من طعم الشهد الذي كان من المفترض إنه سيد الساحة وسيد اللسان. حدث ذلك عندما قيدت الوزارة إمتلاكه للأرض بشرط ما أنزل الله به من سلطان، شرط يناقض معنى (التملك) ويعارض أصول الحرية في التصرف في ملك الذات لا في ملك الغير، وهو شرط يعارض كل نواميس وأصول العدل والعدالة، القرار يقول بأن على (صاحب) الأرض ألا يتصرف فيها بالبيع، إلا بعد إكتمال البناء، في الواقع لا أحد يعلم ماهو السر أو الأسرار من هكذا قرار، لماذا التصرف بعد البناء فقط وليس قبله، فهل ياترى المقصود أن لاتظل الأرض بيضاء لتضيف بياضا جديدا للبياض السائد أصلا في أراض شاسعة مملوكة لمقتدرين تركوها هكذا ثم ناموا، لتضيف بعدا من القبح للمشهد العام في المدن، فإذا كان ذلك هو المقصود فإن القرار قد أوغل في مستنقع الخطأ دون ريب، فحرمان المواطن من البيع شل قدرته على التصرف في (أرضه) وهو حق مكفول في كل الشرائع السماوية ليبقى أمام تحد واحد فقط وهو (البناء)، وقد تكون لدى المواطن خيارات أخرى أو حلول أخرى تضمن له الإنتفاع من أرضه بنحو مثالي وستفضي هذه الحلول إلى بناء الأرض في نهاية المطاف بيده أو بيده غيره، وفي ذات الوقت يتحصل المواطن على فوائد أخرى قد تكون تجارية أو ذات منفعة بنحو ما تحقق له بناء بيت له في مكان ما وليس بالضرورة في ذات الأرض. إن التصرف الحر يفضي حتما لحلول ترضي صاحب الأرض وإذ هو يعلم قبلا بأنه سيفقد حقه في الحصول على أرض أخرى من الدولة إن هو إساء أستثمار ريع أرضه، وهو في النهاية حر في خياراته وإختياراته وهو يعلم سؤ المنقلب والمصير إن هو أخطأ، تلك هي الحرية في معناها الأجمل والمتسقة مع القوانين والعدالة. الإندهاش والإستغراب والحيرة أن الوزارة وإذ هي صفدت أيادي مُلاك الأرض العاديين نجدها لا تتعامل بالمثل وبالحزم حيال الأراضي البيضاء الشاسعة الواسعة ولاتفرض عليها أي رسوم ليعود ريعها للخزينة العامة، وأصحاب الأراضي البيضاء يشكرون الوزارة حتما على حسن صنيعها إذ هي تكيل بمكيالين كبير وصغير، الكبير للمواطن العادي، والصغير للمواطن المقتدر والذي أشترى بحر ماله أو ملك تلك الأراضي وتركها بيضاء من غير سؤ. أليست العدالة تقتضي أن تركز الوزارة جهودها مع أصحاب البيضاء وترغمهم على البناء وهم يملكون القدرة على التشييد، غير أنهم لايرغبون في ذلك لنظرة لهم بعيدة وبإعبتارها إستثمار آمن قادر على مناكفة أنواء الزمن. الوزارة لو أنها فعلت ذلك وغضت الطرف عمدا عن المواطن العادي، ورفعت راياتها الحمراء على أولئك لتحركت عجلة الإقتصاد قدما للأمام وبنحو متسارع عبر تدفق العوائد من تلك الأراضي، أو سيجدون أنفسهم مضطرين لتعميرها بعد أن ترهقفهم رسوم تركها هكذا لسنوات، وبالتالي تقوم مدن جديدة، وأسواق جديدة، وعمران يفضي لأضافة الجمال والرونق للمدن والأحياء وفي كل الولايات، والحركة العمرانية المتعاظمة لها مردود إقتصادي جيد كان على الوزارة أن تكرس جهودها فيه في مقابل أن تمنح الحرية كاملة لأصحاب القطعة الواحدة والبيت الواحد ليتصرفوا فيما يملكون كما يرغبون، العدالة تقتضي ذلك.نامل أن تعيد الوزارة النظر في قرارها غير الموفق بعد أن أوضحنا سلبياته ووصفنا سوءاته، وأن تمنح المواطن حقه السليب في التصرف كيفا يشاء ويرغب، فهو الوحيد الذي يعرف مصلحته، كما أنه ليس طفلا قاصرا لنفرض الوصاية الإلزامية عليه، ولتلتفت بنحو جدي للبيضاء الشاسعة ولتركيز جهودها فيها، ففي ذلك مصلحة للوطن، وريع مضمون للخزينة العامة للدولة، وحراك أكيد لعجلة العمران والتنمية المستدامة في كل ربوع البلاد.