السفير الإيراني: علاقاتنا مع سلطنة عمان قائمة على الثقة المتبادلة

بلادنا الأحد ٢٠/فبراير/٢٠٢٢ ٠٨:٥٠ ص
السفير الإيراني: علاقاتنا مع سلطنة عمان قائمة على الثقة المتبادلة

مسقط - الشبيبة

يحتفل الشعب الإيراني باليوم الثاني والعشرين من شهر بهمن (الدلو) من كل عام (الموافق الحادي عشر من فبراير) بمناسبة تأسیس نظام الجمهورية الإسلامية الإیرانیة. وبتأسیس «نظام الجمهورية الإسلامية» بدأ فصل جديد يقوم على مشاركة الشعب وإبداء کلمته، ونبذ الاستبداد الداخلي والتسلط الأجنبي وتحقيق الحرية والعدالة والاستقلال في إيران وهذه العملية مستمرة حتى يومنا هذا.

وقال سعادة السفیر علي نجفي سفير الجمهورية الإسلامية الإیرانیة لدى سلطنة عمان حول هذه الذكرى: تحقق الإستقلال السياسي وإرساء الديمقراطية الدينية لهي من أهم المكتسبات لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تمكنت من خلالها إيران من تحقيق مؤشرات مهمة في مراعاة وتنفيذ مبادئ الديمقراطية ومنح الحقوق السياسية للمواطنين والحفاظ على المساواة بين الجنسين بما في ذلك زيادة حصة المرأة ودورها في المشاركة الإجتماعیة وتواجدها في المراكز العلمية والأكاديمية بنسبة أکبر من الرجل، وکذلك حفظ حقوق الأقليات والتطور العلمي في مختلف المجالات منها الطبیة، وتكنولوجيا النانو، والمجالات النووية ومختلف الصناعات، والبعد عن الاقتصاد أحادي المنتج المعتمد على النفط وتقليص حصته في الموازنة العامة للدولة، وتقوية قدرة القطاع الخاص ودعم الاستثمار الأجنبي.

وفي هذا الإطار فإن من الإنجازات القيمة للجمهورية الإسلامية إجراء انتخابات حرة والإهتمام بالمبدأ الاصيل لتناوب النخبة وذلك بالإعتماد على أصوات الشعب. وقد أجریت حتی الآن في الجمهورية الإسلامية الإيرانیة أكثر من 40 عملية انتخابية بمشاركة شعبية واسعة وآخرها الانتخابات الرئاسية الثالثة عشر في 28 خرداد (الجوزاء) 1400هجریة شمسیة (الموافق 18يونيو2021م)، ومن خلالها تم اختيار فخامة الرئيس السيد إبراهيم رئيسي رئيسًا للجمهورية.

وأضاف نجفي: إستطاعت الأمة الإيرانية خلال العقود الأربعة التي أعقبت الثورة وبالرغم من كل العقبات والمشاكل الداخلية والخارجية خاصة كالحرب المفروضة والتي إستمرت لمدة 8 سنوات والعقوبات الظالمة، وبالتوکل والإستعانة بالله تعالی والجهود الدؤوبة في ظل الحنکة والقيادة الحکیمة أن تحرز تقدماً هائلاً في مختلف المجالات، مما جعل إيران تتواجد في المراكز العشرة الأولى علی مستوی دول العالم في العديد من المجالات، ویشار هنا إلی أهم هذه المجالات بحسب ما جاء في الإحصاءات والأرقام الصادرة من قبل المنظمات والمؤسسات الدولیة المعتبرة وهي: زيادة معدل محو الأمیة من 50 بالمائة إلى 95 بالمائة، زيادة عدد الطلاب من 160 ألف إلى أكثر من 4 ملايين طالب، تحقیق الإكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية والمواد الصحية بنسبة 95 بالمائة، النجاح في القضاء على العديد من الآفات والأمراض ومنها شلل الأطفال، إرتقاء المرکز الاقتصاد الايراني من المرکز 26 إلى المرکز 18، زيادة إنتاج الكهرباء من 5 آلاف ميغاواط إلى 68 ألف ميغاواط، وزيادة طول طرق النقل من 3 آلاف كیلومتر إلى أكثر من 30 الف کیلومتر، الزيادة في إنتاج القمح من 4 ملايين طن إلى حوالي 14 مليون طن، والحصول علی المرکز الثالث في بناء السدود والمرکز السادس في تكنولوجيا النانو، وإرسال قمرصناعي إلى الفضاء، إحراز المرکز التاسع في الصناعات النووية وتحقیق الاكتفاء الذاتي في إنتاج البنزين.

هذا وتمتلك إيران خامس أعلى مخزون للثروات الطبيعية في العالم وتستحوذ على 7 بالمائة من الاحتياطيات المعدنية العالمية وتعتبر كذلك رابع دولة في مخزون الوقود الأحفوري والمكانة الثانية في مجموع مخزون الموارد الهيدروكربونية (مزيج النفط والغاز) حيث تمثل نسبة سكانها واحد بالمائة من إجمالي عدد سكان العالم.

فيما يخص البعد الإقليمي فإن سیاسة واستراتیجیة الجمهورية الإسلامية الإیرانیة کانت دائماً مبنیة علی خفض التوتر وبناء الثقة المتبادلة والأمن الشامل والمتكامل، والإیمان بإمكانية توفير الأمن من قبل دول المنطقة دون الحاجة والاعتماد على التدخل الأجنبي.

وفي هذا السياق قامت حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثالثة عشرة، بوضع أولوياتها في تعزيز العلاقات والارتقاء بها مع جيرانها حيث إنه من البديهي أن تكون لسلطنة عمان مكانة مهمة لديها في هذه العلاقات والاستمرارية بها بشكل متميز كما كانت في السابق.

وإن الجمهورية الإسلامية الإيرانیة کانت سباقة دائماً في مجال مکافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة وذلك بإنفاق الأموال الطائلة والتضحية بأرواح الآلاف من أفضل أبنائها.

على الصعيد الدولي أيضًا فإن الجمهورية الإسلامية بالإضافة إلى إستمرارها فی سياستها التفاعلية، کانت ومازالت فی مسعی لتوطید العلاقات بین الأمم وحل القضایا الدولیة المعقدة بالمشاركة الجماعية لأنها تؤمن بأنه في عالم الیوم المتماسك، تتشابك مصالح جميع الدول والأمم، ولایمکن تحقیق مصالح دولة واحدة دون مراعاة لمصالح بقیة الدول.

من بين الإجراءات العملیة التي تدل على هذه الرؤیة، توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع ست دول، والذي کان لسلطنة عمان الصديقة والجارة بقيادة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعید – طيب الله ثراه – دور مهم ومؤثر فیه، ومن الواجب هنا أن أبعث مرة أخرى بسلامي إلى روح الفقيد.

وعلى الرغم أن انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي قد أخل عملیاً بانتفاع الاقتصاد الإيراني من هذا الاتفاق، فإن إیران وبایفائها لإلتزاماتها، قد اثبتت للعالم احترامها للاتفاقیات الدولية، كما أنها لاتزال مستمرة بالمفاوضات، وهذه المرة في فيينا وذلك من أجل رفع العقوبات الظالمة عن شعبها، ونتمنی كذلك أن نرى الإجراءات العملية من قبل الأطراف الأخرى للحفاظ على هذا الاتفاق وتنفيذه.

أما بخصوص العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الجارة الصديقة سلطنة عمان فإنني أود التطرق هنا إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، وبالرغم من التوترات والصراعات المحتدمة في المنطقة، فإن هذه العلاقات والتي کانت دائماً قائمة علی الصداقة والثقة المتبادلة وبعد تأسیس نظام الجمهورية الإسلامية وبسبب الاواصرالثقافية والدينية والجغرافية المشترکة، والخلفیة التاريخية لاسيما في ظل حكمة وحنكة قادة البلدين، نتج عنها الإستقرار والازدهار ومزيد من تعزيز العلاقات.

إن التشاور والتنسيق بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلطنة عمان حول القضایا الثنائية والإقليمية والدولية في تواصل مستمر، حيث أن البلدين یدعم کل منهما الآخر فی المنظمات والمحافل الدولیة وتبادل الزيارات. كما إن الاتصالات والمحادثات بين كبار المسؤولين في البلدين كانت ولازالت مستمرة حتى الآن، ومن ابرزها الزيارتين الأخيرتين لوزيري الخارجية في البلدين خلال الاشهرالأخيرة وتباحثهما بشأن العلاقات الثنائية والمستجدات الاقليمية والدولية.

باستثناء التوقف القصير الذي حصل بسبب تفشي فيروس كورونا وتأثيراتها الواسعة على علاقات مختلف الدول، فإن اجتماعات اللجان ومنها السياسية، والمشاورات الاستراتيجية، والاقتصادية، والبرلمانية، والصداقة العسكرية، والفنية، والتعاون العلمي وخفرالسواحل، فقد اقيمت بشكل مستمر ودوري بالتناوب وكذلك عقدت اجتماعات الدورة التاسعة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين، في یومي 8 و9 فبرایر الماضیین بمسقط.

إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين قد ظلت قائمة حتى فی ظل تفشي الجائحة والتی أدت إلى ركود وتدني شديد في علاقات أکثر دول المنطقة، ومن هذا المنطلق فإننا على ثقة بأنه في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم– حفظه الله ورعاه - سنشهد مزيدا من التطور والازدهار والاستمرار لهذا النهج، حيث أنه يمكن لهذه العلاقات أن تكون نموذجًا لدول العالم الأخری.

في الختام أود الإشارة إلى أنه خلال العام والنصف المنصرم ومنذ أن توليت عملي كسفير للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الدولة الشقيقة والصديقة سلطنة عمان، ومع التأکید علی أولوية تطوير التعاون الاقتصادي، فان هنالك جهود تبذل لتسهیل وتقویة مجالات زیادة حجم التبادل التجاري بین البلدین وذلك بالإستفادة من قدرات القطاع الخاص في البلدين، بما في ذلك الإيرانيين المقيمين في سلطنة عمان وكذلك الرجال الأعمال العمانيين.