بقلم: علي بن راشد المطاعني
يشكل دخول شركة فودافون لسوق الاتصالات في سلطنة عمان خطوة إيجابية لتعزيز الاختيارات أمام المستخدمين لشبكات الاتصالات وتقنية المعلومات، كما يسهم في زيادة أعداد المستخدمين وينعكس على حجم الولوج إلى عوالم التقنية التي تشغل العالم اليوم، بالإضافة إلى إثراء الساحة المحلية بالمزيد من العروض والخيارات التي تساعد المستهلكين على زيادة استخدامهم لشبكة المعلومات، ما يعزز التنافسية ويمكن متلقي تلك الخدمات من التفضيل بين عروض الأسعار التي لا تلقى القبول من شرائح واسعة من المجتمع في الوقت الحالي؛ خاصة أن باقات الإنترنت عالية السعر قليلة الاستخدام، وما تشكله من تحديات خاصة لدى العائلات متوسطة الدخل، التي تعاني من تدني الخدمات وارتفاع الأسعار مقارنة بالدول الأخرى بدون أن يتحرك ساكن الأجهزة المعنية المشرفة والمنظمة لخدمات الاتصالات في البلاد، فدخول فودافون قد يغير الموازين لصالح المستهلكين المتلهفين إلى من يكسر السوق قليلا لصالحهم، ويراعي ظروفهم خاصة مع التوجه إلى رقمنة العمل والتعليم والصحة وكل الخدمات التي تفرض الاستفادة من التكنولوجيا في شتى مناحي الحياة؛ الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذه الخطوات لفتح السوق على مصراعيه لمزيد من المنافسة وجودة الخدمات ورخص الأسعار.
بل إن دخول شركة فودافون العالمية في حد ذاته يعد تطورا نوعيا يقلب الكثير من موازين العمل في السوق على نحو صحيح بعد حوالي 18 سنة من الترخيص لآخر مشغل من الفئة الأولى لخدمات الاتصالات المتكاملة كمنافس في سوق الاتصالات في السلطنة.
فبلاشك أن دخول فودافون بما تمتلكه من خبرات عالمية وقدرات تقنية كبيرة، والقدرة على تقديم خدمات عالية الجودة، ومعرفتها الواسعة برغبات الزبائن وتطلعاتهم، سوف يكسر السوق بشكل كبير؛ لكونها تمثل تجربة دولية في الاتصالات وتقنية المعلومات من ناحية، ولأن المستهلك تشبع من موفري الخدمات الحاليين الذين يسيطرون على السوق من ناحية أخرى؛ فضلا عن رغبة الزبائن في تجربة كل جديد يدخل السوق.
من الملاحظ أن المنافسة المطلوبة قد بدأت بالفعل مع تحسس شركات الاتصالات من دخول فودافون، وبدأت في تقديم عروضها الجديدة وباقاتها وخدماتها وما إلى ذلك من المستجدات التي ليست بخافية على المتابعين للمستجدات المحلية.
ومن حسن الطالع أن فودافون تهدف إلى توفير حلول تقنية تربط الجميع في سلطنة عمان بمستقبلٍ أفضل، ونتوقع أن تقدم لزبائنها خدمات رقمية وتجربة فريدة لا تقل عما تقدمه في دول العالم الأخرى؛ بل ستنقل تجاربها في دول العالم إلى السلطنة، مما يعزز دور تقنية المعلومات في الثورة الصناعية الرابعة.
فدخول فودافون إلى السوق العماني سيعزّز من النمو في قطاعي الاتصالات والتكنولوجيا، كما ستدعم بالتأكيد رؤية عمان 2040 للتنمية المستدامة، ومن الطبيعي أن تقف فودافون بما تملكه من خبرة عالمية تولدت من أعمالها في دول العالم مع جهود السلطنة لدعم الابتكار والإبداع، ليس على الصعيد المحلي فحسب، بل عالمياً أيضاً، وتعزيز الجهود المبذولة في هذا الشأن مع الجهات المختصة، وبذلك سوف تنقل مجتمع الابتكار في مجال الاتصالات وتقنية والمعلومات نقلة نوعية، وسوف نشهد تغيرات في المشهد خلال السنوات المقبلة نحو الأفضل.
كما أعتقد أن دخول شركة كبرى إلى السوق العماني بهذا الحجم سيفتح الآفاق أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات المحلية عموماً من خلال تعزيز دورها في ريادة الأعمال كجزء من فلسفتها العالمية، مما يعطي قيمة مضافة إلى أعمالها واستثماراتها، وهي بذلك تشارك المجتمع، وتفعل طاقاته من خلال منظومة عملها في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، وتنقل تجاربها مع الأسواق الأخرى في دول العالم إلى السلطنة، وبنظرة عابرة عن تجاربها السابقة سنجد دورها الواضح في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكيف حسنت من مستويات ريادة الأعمال فيها بشكل أسهم في إنعاش ريادة الأعمال وتمكين الجادين من رواد الأعمال بأخذ زمام المبادرات.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن نسبة التعمين في شركة فودافون بلغت حوالي 95%، وهي بداية قوية جدا في هذا الصدد؛ على خلاف الشركات الأخرى التي تمضي عكس التيار رغم قدمها في السوق المحلي، ولعل ارتفاع نسبة التعمين يعكس إيلاء الشركة أهمية كبيرة للكوادر الوطنية في تسيير أعمالها، وتظهر ما تقدمه من خدمات بتوفير أفضل بيئة عمل في السلطنة، تعزز من رفاهية طاقمها ونموه الوظيفي.
بالطبع تحديات الدخول إلى الأسواق الجديدة والمنافسات في السوق لن تكون غائبة عن شركة فودافون وما تملكه من تجارب مشابهة في الدول الأخرى، فبالتأكيد الشركة تعي توجسات المشغلين الآخرين وما تشكله من مخاوف؛ لكنها ستعمل بطرق أكثر احترافية في استيعاب مثل هذه التحديات، وتجاوزها بما يجعلها تسبر أغوار الأسواق والمجتمعات بفلسفتها في التعامل مع المستهلكين والمجتمع كأنها جزء منه ينموان معا للأفضل.
نأمل أن يكلل دخول فودافون إلى سوق الاتصالات وتقنية المعلومات في السلطنة بالنجاح، وتكون إضافة كبيرة تغير المشهد نحو الأحسن، وتقدم خدمات بجودتها العالية وتعاملها الراقي مع المستهلكين الذين ينتظرون بلاشك خدمات وتعاملا وأسلوبا كانوا يفتقدونه قبل ذلك.