بقلم : علي المطاعني
تجربة شهر البلديات سنويا كانت من التجارب الوطنية الرائدة التي أسهمت وبشكل كبير في تعمير وتنمية ولايات السلطنة، وسط تفاعل بين الجهات الحكومية المختصة بالعمل البلدي والمجتمعات المحلية، وتنافس محلي بين الولايات حول كيفية الإسهام بإنشاء المشروعات الخدمية ذات القيمة المضافة العالية؛ إلا أن شهر البلديات اختفى من أجندة الحكومة هذا العام وبالأخص وزارة الداخلية التي آلت إليها وزارة البلديات الإقليمية ، وظل أكبر الأجهزة الحكومية تائها في من يدير العمل البلدي في البلاد بكل تفاصيله كأكبر الجهات الخدمية التي على ما يبدو ضاعت في «طوشة» التغيير الإدارية وإلى الآن لا يعرفون ساسها من رأسها كما يقال؛ الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب لهذا التعاطي مع أهم جهة تختص بالعمل البلدي ومن بينها سقوط شهر البلديات من الأجندة الحكومية.
فبلاشك أن العمل البلدي في أي دولة هو الأساس لخدمة المجتمعات المحلية وتطويرها إلى ما يتطلع إليه أبناء هذا الوطن، والعمل الذي بني على مدى 50 عاما من خلال أجهزة حكومية مختصة ذهب في مهب الريح بإلغاء وزارة رئيسة مشرعة للعمل البلدي ومنظمة للأنشطة الأساسية في الولايات وإدارة المحليات، فلا يستغرب الفرد عندما يلاحظ بأن العمل البلدي ليس له رأس يديره على النحو الذي نتطلع إليه جميعا، إلى أن أصبحت كل جهة أو بلدية أو مديرية لا تعرف إلى أين تتجه، وضاع عندها العمل البلدي على ما يبدو إلى غير رجعة؛ ولعل شهر البلديات أحد الضحايا الذين راحوا مع إلغاء الوزارة ودمجها في وزارة الداخلية.
فاليوم لنكون أكثر صراحة ماذا يعيق بدء شهر البلديات هذا العام كتجربة مثل غيرها من الأعوام السابقة التي يشتد فيها التنافس على خدمة الولايات وتطويرها؟ وما علاقة الاندماج إذا كان بإيقاف هذه التجربة التي ولدت لكي تستمر لا أن تتوقف؟ومن المسؤول الذي أوقف تجربة تنموية كهذه؟ وأليس هناك أمانة عامة للبلديات في وزارة الداخلية.. ماذا تعمل هذه الأمانة والمسؤولون فيها؟ هذه التساؤلات نحتاج الإجابة عنها بكل شفافية.. هل التغيير في الهيكل الإداري للدولة يمنع شهر البلديات لعدم وجود مسمى وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه مثلا إلى غير ذلك؟
إن كيان العمل البلدي الخاص بوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه انتقل عن بكرة أبيه إلى وزارة الداخلية وهناك أمانة عامة للبلديات وهناك محافظات ومحافظون ومديريات للأجهزة الحكومية قادرة على تسيير وتنظيم مسابقة سنوية لشهر البلديات، فكل الجوانب الإدارية والخدمية متوفرة والمسؤولون والموظفون القائمون على أعمال الشهر والبلديات موجودون، فما يضير أن يستمر الشهر كما كان سابقا بدون أي تأجيل أو تأخير لبرامج تنموية حكومية مجتمعية مهمة كشهر البلديات الذي ينفق في الإنشاءات والمرافق الخدمية الملايين من الريالات التي تسهم في تحسين الخدمات بالولايات توفرها الحكومة؛ فكم من حديقة أنشئت وكم من طرق رصفت، وكم من مرافق عدلت في أشهر البلديات وغيرها الكثير مما لا يسعف المجال لسردها.
بل إن مساهمة القطاع الخاص كانت تلقائية على اعتبار أن التنافس بين الولايات يدفع إلى التبرع بشكل سريع ولا يحتاج إلى مناشدات، فضلا عن المشروعات التي تسند في شهر البلديات من جانب الأجهزة واللجان المعنية بكل ولاية أقل تكلفة من المشروعات التي تسندها الجهات الحكومية، ناهيك عن سرعة إنجاز المشروعات في أقل من سنة تكون، بخلاف التي تنشأ من جانب الجهات الحكومية والتي تأخذ وقتا ليس بالقصير.. وقبل كل ذلك تجربة شهر البلديات من التجارب الرائعة التي تتميز بها السلطنة في العمل البلدي وشكلت خبرات تراكمت على مدى السنوات الماضية فما يضير استمرارها.
بالطبع نتفهم الهيكلة الإدارية وعدم صدور الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية وما يتبعه؛ لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال تعطيل العمل التنموي بهذا الشكل.
نأمل أن توضح وزارة الداخلية ممثلة في أمانة البلديات لماذا سقط شهر البلديات من أجندة العمل البلدي هذا العام؟ وهل ليس هناك كفاية في من يسير هذا الجهاز وينظم هذه الفعالية مثلما بدأت وتطورت إلى أن وصلت ما وصلت إليه؟.