بقلم : علي المطاعني
سادت حالة من الجدل منصات التواصل الاجتماعي، إثر تداول فيديو مصور من إحدى المدارس يظهر قيام أحد المدرسين بعقاب طالب باستخدام العصا، وضربه على يديه، فجاءت التعليقات متباينة بين رافضين للعقاب البدني، وآخرين يرونه طالما لم يصل إلى مرحلة الايذاء خير رادع لمن تجاوز من الطلاب، ولم يلتفت أحد من المتابعين لا خطأ أشد خطورة مما مارسه المدرس من عقاب بدني، باستخدام الهواتف من قبل الطلاب في المدارس يُعدُّ اشد خطورة على التعليم، فبأي منطق يدخل الطلاب الفصول وفي حوزتهم هواتف تشغلهم على أبسط تقدير عن التحصيل العلمي المطلوب والمبتغى من العملية التعليمية بكاملها وتصوير المعلمين والمعلمات في الفصول، الأمر الذي يتطلب حماية المعلمين والمعلمات من ممارسات الطلبة والطالبات التي تشيع في الاوساط التعليمية بسبب الانفلات في العقوبات وتجريد المعلمين والمعلمات من هيبتهم واستغلال تساهل الاطر والإجراءات في ممارسات خاطئة تمس بسمعة المعلم والمعلمة. فإذا كانت حقوق الطلبة والطالبات مصونة من خلال الإجراءات المتبعة والقرارات الموضوعة والشكاوى التي ترفع على المربين والمربيات للأسف، فإنّه في المقابل يتطلب أن نضع من الإجراءات ما يحمي المعلمين والمعلمات من جور بعض الطلبة والطالبات في استخدام الهواتف.. وغيرها من صور الايذاء لهم وما يصاحب ذلك من جفاء في العلاقة بين المعلمين وأبنائهم الطلبة. فقبل الخوض في أحقية المعلم في تقويم طالبه يستلزم منا أولًا التحذير من دخول أبنائنا الطلاب بهواتف، تعوقهم أولًا عن التحصيل الدراسي، ويرتكبون بواسطتها مخالفات عديدة، أبرزها التصوير داخل الفصول، لما في ذلك من أضرار بقدسية العملية التعليمية في مجملها وما يشكله من خطورة على أركان العملية التربوية في مجملها. أما من ناحية الجدل حول العقاب البدني (غير المؤذي)، والذي أظهر تباينًا كبيرًا في المجتمع، فالبعض يؤكد على ضرورة الالتزام بقانون الطفل العماني ووقف أي صورة من صور العقاب البدني، ولكن لأصحاب هذا الرأي المخالف لقيمنا التي تربينا عليها، والتي تؤكد بأن المعلم مثله مثل الاب له من الصلاحيات التقويمية التي يضع عبرها الطالب على الطريق الصحيح، إن تجاوز المطلوب، أقول أنهم تناولوا حق الطالب والذود عنه، فمن يدافع عن حق المعلم الذي حدت القوانين الجديدة من قدراته التربوية، وعملت على تقليص دوره الكبير كصانع لأجيال المستقبل، الى مجرد ملقن تعليمي، لا يخشاه الطالب، وهو ما يخالف بالتأكيد قيمنا الدينية التي حضتنا على استخدام العقاب البدني الغير مؤذي، لتقويم الابناء وحضهم على اقامة الصلاة. إن هذا التوجه أراه يخالف حتى مسمى الوزارة المنوط بها العملية التعليمية، فالتربية في مسمى الوزارة قد سبقت التعليم، وغياب طرق عقابية وقتية للطلاب يفقد المعلم أحد الاسلحة المهمة في العملية التربوية، مما ينعكس بالسلب على العملية التعليمية برمتها، فكما يقول المثل:(من أمن العقاب أساء الادب)، فالمعلم لا يعاقب الطلاب لمجرد غرض في نفسه لكنه بالعقاب أيًّا كان نوعه يسعى إلى تقويم طلابه ليؤهلهم لتلقي العلم النافع الذي سينفعهم وينفع وطنهم ومجتمعهم. أما حديث بعض أولياء الامور عن ضرورة ابلاغ المعلم لهم في حالة تجاوز الطالب في حقه أو حق نفسه بالإهمال، أراه يخالف العقل والمنطق، فلو قام ولي الامر بدوره التربوي ومراقبة النشاط التعليمي للطالب، ما احتاج المعلم استخدام حقه الاصيل في العقاب، وهو حق يحمي هيبة المعلم أولًا، وله مردود كبير في تحقيق الاهداف المرجوة من وراء العملية التعليمية، فهذا الهجوم الكبير على المعلم، سيكون له تأثير عكسي على الحالة النفسية للمعلم، الذي كنا نقدسه ونحترمه مثل ما نحترم ونقدس آباءنا وأمهاتنا، حتى وإن وقف العقاب البدني، فلابد من استحداث أدوات عقابية بيد المعلمين يتم استخدامها وقتيًا لصد جموح الطلاب، خصوصًا في سن المراهقة الذي يشهد جموحًا كبيرًا، خصوصًا مع التوسع المخيف في تعاطيهم مع التكنولوجيا الحديثة والانفتاح على ثقافات غريبة على مجتمعنا، فالتمسك بقيمنا العمانية الأصيلة هي أفضل حائط صد بالتأكيد لحماية هذا المجتمع، وحماية منظومته القيمية والاخلاقية. وعلى الوزارة العمل على الموازنة بين حق الطلاب وحمايتهم من أي تجاوزات، وبين حق المعلم صانع الاجيال. وعلى الوزارة أن تمنع دخول مثل تلك الهواتف من الدخول في المدارس، وعلى أولياء الامور التأكد من هذه الخطوة، فالعلم الحديث التي يتشدق به الرافضون للعقاب، أكد خطورة مثل هذه الهواتف على التنمية النفسية السليمة لأبنائنا الطلاب، فالمعلم كان ولايزال العمود الرئيسي في بناء أي دولة حديثة، وبدون توفير الحماية والاحترام اللازم له، ستفكك المجتمع وتنهي قيمه وأخلاقياته. فتلك الحادثة ومثيلاتها، لا تمثل حالة جدالية يتبارى كل منا في تقعير وجهة نظره، لكنّ ناقوس خطر يلفت انتباهنا بأن المنظومة التعليمية والتربوية، تحتاج لمراجعة تتوافق أولًا مع الاهداف المرجوة، ومع الاختلالات المجتمعية الحديثة، التي أوجبت وجود مظاهر جديدة من الأدوات بيد المعلم تتسق مع القيم المجتمعية والتربوية والتعليمة، التي تسعى المنظومة التعليمية إلى غرسها في عقول ونفوس النشء، الذين سيكونون عما قريب قادة المستقبل وصنّاعه، وبدون تحديث يتواكب مع المقاصد سيمثل الضغط على المعلم بداية لأحداث خطرة ستطول المجتمع إن تقاعسنا عن تلك الحماية ماديًا ومعنويًا المطلوبة للمعلمين والمعلمات، فالمعلم هو مفتاح النهوض شاء من شاء وأبى من أبى، وعلينا جميعًا حمايته وتوفير عوامل النجاح له. بالطبع نتفق على أن الضرب المبرح للطلبة والطالبات غير لائق ولا أعتقد بأن المعلمين والمعلمات متعمدين ضرب أبنائهم الطلاب وما يقومون به من حرص للأداء، إلا أن هناك مواقف تستدعي بعض الهيبة للمعلمين والمعلمات. نأمل بأن نجد وسيلة لحماية المنظومة التعليمية وعمودها الرئيسي المعلم والمعلمة من خلال إيجاد إجراءات رادعة إزاء بعض التصرفات من الطلبة والطالبات ويتصرفون بتهور مع أساتذتهم.