مسقط - خالد عرابي
تعمل بورصة مسقط على قدم وساق لتحقيق أهداف عالية وغايات سامية تهدف إلى وضعها في مصاف أسواق المنطقة بل والبورصات العالمية، وأن تصبح خيارا جذابا للمستثمرين سواء المحليين والأجانب، ولذا تسعى البورصة للوصول إلى منظومة متكاملة تحتوي على العديد من المبادرات التي تخدم ذلك ومنها "إستراتيجية البورصة" التي تعمل على ربطها برؤية عمان 2040 لتحقق نجاحات اقتصادية لا تنعكس على البورصة فحسب، وإنما على الاقتصاد الوطني عموما .. "الشبيبة" حاورت الفاضل هيثم السالمي الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط ليحدثنا عن أبرز محاور هذه الإستراتيجية، وأبرز التحديات التي تواجهها، وكيف يمكن ربطها برؤية 2040؟
في البداية سألته ما هي أبرز التحديات التي تواجه بورصة مسقط خلال هذه المرحلة؟
السالمي أكد قائلا: من المعروف أن البورصة هي منصة تداول، وبالتالي فإن الحركة في هذه المنصة يحكمها عوامل خارجية أكثر من الإجراءات الداخلية، فمهما عملنا من أنظمة تداول عادلة وآمنة -وهذه متوفرة- وقوانين موجودة لتحمي حقوق المتعاملين وجميعها كبنية أساسية متوفرة في السلطنة ، تظل العوامل الخارجية تؤثر عليها.
وأضاف قائلا: إن البنية الأساسية لأي سوق مالي يحكمها العديد من المعايير الدولية وليس المحلية فقط، وهي التي تحمي الحقوق وتنظم التداول وما بعده، وفي بورصة مسقط كنا سباقين في الخليج ككل، فالبنية الأساسية للبورصة مكتملة وتحكمها معايير دولية منذ 1998، فانقسام الهيئة من منصة التداول وهي البورصة حدث منذ 1998، ولدينا شركة مسقط للمقاصة والإيداع التي تأسست في نفس العام، وهذا كله يخضع لتقييمات دولية بانتظام وبشكل دوري عن طريق مؤسسات عالمية، وفي أخر مرة قيمت بمستوى A محققة قفزتين، وهي الأعلى في المنطقة، ونهدف للوصول إلى A+.
وأكد أن الأنظمة الرئيسية التي تستخدم في بورصة مسقط من أفضل وأعلى الأنظمة العالمية، حيث قال: نستخدم في البورصة نظام يورو نيكست وهو النظام المستخدم في أوروبا بشكل أساسي، وهو من أقوى أنظمة التداول الموجودة عالميا فهو يعطي عدالة وكفاءة، وحتى احتساب المؤشرات فيه يتم بشكل آلي، وإذا رجعنا إلى حفظ بيانات ما بعد التداول فإن التداول يتم بالتعامل مع شركة اتوس الفرنسية
. كما يتميز النظام بأنه مربوط بالبنوك المحلية فجميع العمليات تتم بشكل آلي. أما إذا أردنا أن نتحدث عن العوامل الداخلية فكل ما نستطيع القيام به هو أن نجهز هذه الأنظمة لاستقبال أدوات مالية أو خدمات إضافية وهذا ما نقوم بالعمل عليه حاليا، أما العوامل الخارجية - فهي التي تشكل الأثر الأكبر، وبالتالي إذا ما حدث خبر خارجي فإنه يؤثر على قرارات المستثمرين بالبيع أو الشراء، فالاحداق الجيوسياسية في المنطقة والوضع الإقتصادي الراهن، وما يحدث في العالم من حيث تقلبات أسعار النفط التي ظلت لفترة طويلة ما دون المستويات المعهودة، و حتى من ناحية اقتصاديات أو مديونيات الدول وتصنيفاتها الدولية كلها عوامل تؤثر على رغبة المستثمرين للتعامل في السوق وهذا - للأسف- خارج تحكمنا، ولذا فنحن لا نتحكم فيها وإنما نحاول أن نضع المعطيات الإيجابية التي تجتذب المستثمرين للتداول في بورصة مسقط. وأردف السالمي قائلا: من الأشياء الجيدة أن استراتيجيتنا الحالية قائمة على كيفية استبدال هذه العوامل الخارجية بحيث تكون جذابة، وأهم شيء في ذلك هو الخطة الأساسية الأولى التي ينبغي العمل عليها، مع إصدارات أدوات مالية جديدة هي التي سترجع ثقة المستثمرين وتكون جذابة وبأسعار جيدة ومنافسة وتحقق ربح لمن يريد أن يدخل البورصة، وهذا ما سنبدأ به .
رئيس بورصة مسقط قال: لدينا نوعان من الأدوات المالية التي يمكن أن تدخل البلد، إما أن يكون مصدرها حكوميا، أو خاصا.. والتمويل هو المصدر الأساسي لأي مشروع جديد سواء كان حكوميا أو لشركات خاصة أو حتى شركات عائلية تريد الدخول لرفع رأس مالها، وبالتالي فإن من أهم أهداف البورصة التمويل، وكيف نجعله سهلا؟ ولذا فعمليات التمويل بكل أنواعها سواء كانت كبيرة أو صغيرة نريد أن نتبناها، وفي الفترة الماضية أصدرت الهيئة مسودة لقانون "منصات التمويل الجماعي" وهذه المسودة نتبناها أيضا وننظر فيها، وحتى سوق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من ضمن المبادرات التي نريد الاهتمام بها، لأننا نرى أنها يوما ما ستكون شركات كبيرة ومدرجة في البورصة، وأما الشق الثاني وهو الشركات الحكومية فهي تقع تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني وهي بيد الحكومة، وعملية تخصيصها يمكن أن يكون مصدر لدخول شركات جديدة للبورصة، والآن جهاز الاستثمار مستمر في العمل على ذلك فعليا، ويوجد خطة لإدراج شركات حكومية، ونحن نريد وبالتعاون معهم أن نضع الخطة القادمة وأن نحدد ما هي الشركات التي يمكن أن تدخل وأن نحدد لها الوقت المناسب لذلك، وأحجام هذه الشركات وأولويات طرحها، كما نسعى لإعادة هيكلة الطرح بحيث يكون مرآة للاقتصاد، ولذا فنحن نبحث عن القطاعات غير المتواجدة الآن ونوجدها، وسنركز مع جهاز الاستثمار على إيجاد هذه القطاعات الغائبة عن مؤشرنا ونضيفها بحيث نستطع أن نقول إن أداء المؤشر يعكس أداء الاقتصاد، وفي الوقت الحالي مثلا شركات النفط غير مدرجة في البورصة فقط توجد شركات تسويق لمنتجات نفطية ولكن شركات إنتاج النفط غير موجودة، وكذلك شركات التطوير العقاري وحتى الشركات السياحية محدودة، ولذا نحن نريد أن تكون المعادلة متوازنة بحيث تعكس الاقتصاد وهذه هي أهم الأولويات لدينا الآن، ويدعمنا في ذلك أنه يوجد نية صادقة من الحكومة لطرح شركات ونحن الآن في مرحلة كتابة الاستراتيجيات و وضع أداءها بحيث نبدأ تنفيذها.
وعن العمل على استقطاب البورصة للشركات العائلية قال السالمي: إذا لم تكن هذه نوعية من الشركات بحاجة إلى تمويل فلن تأتي إلى السوق، ولذا فنحن نعمل الآن وبالتعاون مع الهيئة العامة لسوق المال على مبادرة تقدم المزيد من الحوافز التي تشجع هذه الشركات على إدراجها في سوق الأوراق المالية، ومن هذه الحوافز إعفاءات ضريبية أو مناقصات تخصص لهذه الشركات وكلها جاري العمل عليها ووقتما يتم الانتهاء منها سيعلن عنها عن طريق الجهات الرسمية المختصة.
وما هي أبرز ملامح التركيز في الخطة الاستراتيجية لكم خلال الفترة المقبلة؟
أكد السالمي أن أول خطوة هي عملية جعل البورصة جذابة، و للوصول لذلك لابد من إعادة تصنيف السوق، وهل نريده سوق حدودي أم سوق ناشئ، لأن تحقيق ذلك يحتاج إلى استراتيجيات مختلفة، فنحن نضع في نصب أعيننا الآن موضوع إعادة تصنيف السوق، وهذا يتطلب إصدارات جديدة، وتداول وتسهيل هذا التداول بحيث يكون فيه سيولة، كما يحتاج توفير أسهم حرة لتحريك نشاط التداولات في البورصة، ولتحقيق هذه الأشياء لابد من القيام بالعديد من المبادرات حتى نصل إلى تصنيف السوق والذي نهدف بأن نصل للأسواق الناشئة عما قريب.
هل ترى السوق الآن جاذب للمستثمر الأجنبي أم لا؟
نحن نسمع أن الجميع يناشد بحيث يكون السوق جاذبا للمستثمرين الأجانب،ولذا فنحن نرى أن المستثمر الأجنبي بالعادة يتعامل مع مدراء محافظ دوليين، وهؤلاء ينظرون للخليج وكأنه منظومة واحدة، وبالتالي ينظر لك في السوق على حسب حجمك، وهذا جيد للصالح العام لأنه يجعل المستثمر ينوع في جميع دول الخليج. ولذلك لابد من رفع مستوى سوقنا بحيث يستقطب ، ولذا فالتصنيف له دور كبير في جذب المستثمر الأجنبي للسوق المحلي، والسوق المحلي بمجرد أن تحدث فيه سيولة وحركة فالكل يسمع عن تحركه ووجود أرباح ولذا مباشرة يجذب الجميع .
ما هي الأشياء التي ستركزون عليها في المرحلة المقبلة؟
من الأشياء التي سنركز عليها مستقبلا التسويق، فعندنا مصطلح الذكاء الاجتماعي، وهو إيصال المعلومة للمجتمع بشكل ذكي بحيث يتفاعل معها، ولدينا قراءات واضحة لذلك ومنها أنه في العام الماضي خرج "من النظام" مليار و 280 مليون ريال عماني، وهي عبارة عن توزيعات أرباح وإطفاء سندات حكومية وصكوك، وهنا نفكر كيف نجعل من استلموا هذه الأرباح يعيدون تداولها مرة أخرى، وهنا نخطط كيف نستفيد من التقنية الموجودة ومن وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وخاصة في وقت توزيعات الأرباح لنوجه الجمهور بضرورة إعادة الاستثمار.
وأضاف السالمي قائلا: لدينا مقومات جذابة ومنها على سبيل المثال أن 66 شركة من الشركات المدرجة سعرها السوقي أقل من قيمتها الدفترية، بمتوسط نسبة فرق 35٪، ومنها على سبيل المثال بنك مسقط فقيمته في السوق أقل من قيمته الدفترية بـ 31 ٪ وهو يوزع أرباح عالية و منتظمة وكل شيء فيه إيجابي، ومن العوامل الجذابة أن لدينا أفضل سوق من حيث ربحية السهم، وكذلك توزيعات الأرباح العالية فأنت تحصل على نسب تصل إلى 12 و 13 ٪ أحيانا من قيمة السهم كتوزيعات أرباح، فأداء الشركات خلال الأشهر التسعة الماضية حققت نمو في 77 شركة من أصل 96 شركة، ومن الـ 77 شركة هذه هناك 56 شركة حققت نمو في الأرباح.. فنحن لدينا العديد من الأشياء الإيجابية الكثيرة والتي ينبغي علينا كسوق أن نسوق لها.. ونحن هنا لا نوهم الجمهور ولكن نعطي حقائق مبنية على أرقام، ومنها أرباح موجودة وتوزيعات أرباح عالية وسعر سوقي أقل من الدفتري.
وأكد رئيس بورصة مسقط أن هناك مبادرات أخرى ستفعل خلال الفترة المقبلة للوصول إلى أهدافها ومنها مبادرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وهي توحيد إجراءات فتح الحساب على مستوى الخليج، وأنه يمكن استخدام نفس رقم الحساب العماني في أي سوق خليجي، وهو ما يسمى برقم المستثمر الموحد في جميع دول الخليج وهو مشروع نعمل عليه منذ فترة وها هو ينفذ ويسهل عملية التداول بشكل كبير، كما أن لدينا اهتمام مشروع تقني مهم يخدم البورصة وهو "الأصول الرقمية" وكيف نكون سباقين، والفكرة في ذلك أن الأسهم موجودة في الخليج ولو أدرجت شركة هنا سيكون لها منافس في دول الخليج الأخرى، ولكن الأصول الرقمية لم يبدأ فيها أحد إلى الآن. وفي الإيداع بدأنا مشروع الجمعيات الإلكترونية باستخدام تقنية البلوك تشين وحقق نجاح مالي وجاري الآن على عمل ما يسمى بالعقود الذكية، وهناك دعم كبير جدا من جهاز الاستثمار العماني الذي يدعمنا في كل شيء .
كما أننا الآن بصدد انتظار صدور قانون الأوراق المالية وننتظر صدوره لأنه سيعطي البورصة صلاحيات كما سيعطي لنا أفق في الأدوات المالية التي ستدرج في الأسواق وسيفتح لنا الأسواق وكذلك سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة وغيرها.
كيف ترون ارتباط استراتيجية البورصة برؤية 2040؟
من مبادرات رؤية 2040 أنها تضم محاور ومقومات اقتصادية كثيرة أبرزها التنوع الاقتصادي والديمومة المالية، وهي من العناصر التي ينبغي علينا أن نوجدها في سوقنا، ونحن نعمل على هذا الإطار، فالتنوع الاقتصادي موجود، ونسبتنا كمؤشر من إجمالي ناتجنا الوطني وهي نسبة نريد زيادتها، وبالتالي فلدينا شركات نريد أن نجعلها متنوعة بحيث تخدم الدخل الوطني بشكل مباشر، كما نعمل مع المشرعين على القوانين بحيث تتيح للاقتصاد التوسع بشكل إيجابي، كما أن البنية الأساسية للبورصة سواء كانت من حيث الأنظمة أو القوانين المتبعة وعملية تسجيل الأوراق المالية وتداولها، وكذلك السياسات الاقتصادية ومنها العلاقة ما بين المؤسسات التشريعية، وأيضا القيادة الاقتصادية من مبادرات رؤية 2040 ونحن لنا دور كيف نرفع من كفاءة الموارد البشرية الموجودة، وبصفة عامة كبورصة سنركز على العديد من المعايير المهمة وأبرزها وما يتحدث عنه العالم في هذا المجال الآن ESG "البيئة والمجتمع والحوكمة"، وهذه من ضمن المبادئ الأساسية التي نريد أن نضيفها ضمن افصاحات الشركات، كما أن هناك عملية تخصيص ممثل يسمى "مسؤول علاقات المستثمرين" بحيث يكون متخصص بتلقي الاستفسارات والرد عليها وأن يكون الواجهة أمام المستثمرين ويعطي المعلومات الصحيحة عن الشركة، وقد بدأنا فيها فعليا ووضعنا مسودة لائحة لها وننتظر إصدارها.
وبعد اكتمال هذه الخطة الاستراتيجية.. كيف ترون بورصة مسقط؟
السالمي قال: نحن نريد أن تكون بورصة مسقط خيارا جذابا للمستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، فبالنسبة لنا لا يوجد أي فروق بينهما فكلاهما يستثمر لهدف تحقيق الربحية، ولكن المستثمر الأجنبي لديه مخاطر أكثر من المحلي لأنه قادم من الخارج وسينقل أمواله عبر الحدود، ولذا فهدفنا في البورصة القضاء على أي سلبيات -إن كانت موجودة- وإبراز جميع الإيجابيات للاستثمار في السوق بحيث يكون في مصاف أسواق المنطقة من حيث الجاذبية و كخيار استثماري، كما نريد الاستفادة من مقومات الدولة وأبرزها الموقع الاستراتيجي وموارد البلد الطبيعية الكثيرة وبالتالي نريد العمل مع الحكومة بحيث يكون لدينا بدائل استثمارية كثيرة وشركات ضخمة تعكس الاقتصاد بالكامل وأعتقد أننا سنصل لذلك قريبا خاصة وأن هناك اهتمام كبير من قبل الحكومة بالبورصة، فالفكرة في البورصة الآن هي البحث عن حل شامل والعمل على منظومة متكاملة تحتوي على مبادرات تخدم ذلك، بحيث لن يكون هناك مبادرة خاصة بالتداول فقط أو لرأس المال أو مبادرة خاصة بالشركات وعددها فعلى العكس سوف نركز على كل المحاور مع بعضها البعض بحيث يكون المجمل العام تطوير السوق بالكامل وأن يصبح خيارا جذابا فعليا للمستثمرين من كل مكان.