الشبيبة - العمانية
تشهد المحميات الطبيعية في سلطنة عُمان والواحات والمستنقعات والجزر والأخوار والمناطق الشجرية الكثيفة والبيئة الجبلية خلال شهر أكتوبر الجاري استقبالًا كثيفًا للطيور المهاجرة من أوروبا وغرب وشرق آسيا في بداية موسم الهجرة الشتوية، حيث تزور تلك المواقع وحتى نهاية شهر فبراير ما يزيد على 400 نوع هي طيور مهاجرة تشكل أكثر من 80 % من عدد الطيور التي سجلت وحصرت في السلطنة، ويبلغ عددها 532 نوعًا.
وقالت عزيزة بنت سعود العذوبية رئيسة قسم إدارة الأراضي الرطبة بهيئة البيئة إن "هذه الفترة من السنة تعد من أهم الفترات لحصر الطيور المهاجرة حيث تهاجر الطيور من المناطق الشمالية الباردة من الكرة الأرضية إلى المناطق الأكثر دفئًا، مشيرةً إلى أن بيئة سلطنة عُمان خاصة البحرية تعد منطقة خصبة وثرية بعناصر الأمان وتوفر الغذاء بكثافة لتلك الطيور التي تواصل هجرتها إلى مناطق القارة الإفريقية الجنوبية"، موضحة أن "محمية الأراضي الرطبة بمحافظة الوسطى من أبرز تلك المواقع التي تستقطب الطيور المهاجرة خلال فصل الشتاء، حيث أظهر مسح للسلاسل الغذائية بالمنطقة المد جزرية بالمحمية لقياس تفاعل الطيور مع النظام الحيوي بها وكيفية استفادة الطيور من المكونات الحيوية، الكثير من النتائج التي تدل دلالة واضحة على غزارة وثراء تلك البيئة وملاءمتها للطيور المهاجرة والتي تفضلها عن كثير من المناطق".
وأوضحت أن مسار الهجرة هو منطقة جغرافية يكمن فيها نوع واحد مهاجر أو مجموعة من الأنواع المهاجرة أو مجموعة مميزة من نوع مهاجر معين، وأن جميع مكونات دورته السنوية مثل التكاثر وطرح الريش والتغذية والاستراحة تعد مسارات لبعض الأنواع أو مجموعات الأنواع من الطيور.وأضافت أن "السلطنة تمثل مكانة مهمة في الخارطة العالمية لهجرات الطيور وتعد من مناطق الاستراحة والتغذية للطيور المهاجرة، ومسار الهجرة الأساسي الذي تستخدمه تلك الطيور للوصول إلى السلطنة هو مسار شرق إفريقيا ووسط آسيا وهو من المسارات الكبيرة جدًّا والمهمة حيث يعد مسار وسط آسيا ثاني أكبر مسار في العالم لهجرة الطيور".
مشيرةً إلى أن "هناك 70 موقعًا في السلطنة تم تحديدها كمناطق مهمة للطيور ومن أبرزها شبه جزيرة بر الحكمان وجزيرة مصيرة وأخوار ولاية الدقم والجازر في بحر العرب وجزر محافظة مسندم وعلى طول سواحل بحر عُمان في شناص ولوى ومزارع الشمس بصحار والبريمي وصحم وجزر الديمانيات ورأس السوادي وجزيرة الفحل وصور ورأس الحد وجميع الأخوار الساحلية وبعض الأودية والعيون بمحافظة ظفار ومنطقة شصر والشويمية وجزر الحلانيات، ومحمية القرم الطبيعية وبحيرات الأنصب ومنطقة الأراضي الرطبة بنمر، وأيضًا المرادم لتوفر الغذاء بها خاصة للطيور الجارحة. وتمثل المواقع المحمية حوالي 30% من هذه المواقع".وتابعت قائلة: إن من بين الأنواع التي يتم متابعتها من قبل محبي مراقبة الطيور والمصورين بالسلطنة طائر "الغاق السقطري" ويمكن مشاهدته بأعداد كبيرة جدًّا خلال مواسم الهجرة المختلفة بمحمية القرم الطبيعية خلال شهري ديسمبر ويناير من وفي محافظة مسندم في فترات مختلفة من السنة، ومن بين الطيور التي تستخدم مسار الهجرة إلى شرق إفريقيا ووسط آسيا طيور "الصقر الأصخم" و"الشرقاق الأوروبي" و"أبو بليق" و"الوقواق المشترك" و"المشوك" و"بقويقة مخططة الذيل" و"كروان الماء" و"القطقاط المطوق" و"الدريجة الرملية" و"الدريجة القصيرة" وعدة أنواع من طيور "الطيطوى" ومجموعة النوارس والخرشنة والرخمة المصرية وصياد السمك والبومات والغربان والبلشون والعقبان والوقواق والصقور والنسور ومجموعة كبيرة من الطيور، وأثبتت الدراسات الحديثة أن محمية الأراضي الرطبة بمحافظة الوسطى تضـم أكـبر التجمعـات لطائـر النحام (Greater flamingo) في السلطنة.ولفتت إلى أن طائر (الطيطوى الشدقاء) يعد من الطيور المهاجرة للمسافات الطويلة والمتوسطة والتي تتكاثر في القطب الشمالي والدول الاسكندنافية، ومن أمثلة الطيور المهاجرة من وسط سيبيريا (بقويقة مخططة الذيل) وشرق سيبيريا (دريجة مستدقة المنقار)، أما الأنواع الأخرى فهي مهاجرة من مسافات متوسطة إلى قصيرة تتكاثر في آسيا الوسطى (على سبيل المثال، قطقاط الرمل الصغير، وقطقاط الرمل الكبير) أو محليًّا داخل منطقة الخليج العربي (مثل الحنكور).وأضافت أن محمية الأراضي الرطبة التي تقع على الساحل الجنوبي الشرقي للسلطنة بمحافظة الوسطى بولاية محوت، تتميز بأنها ذات أهمية طبيعية وجيولوجية فريدة وتطل على الساحل الشرقي لجزيرة مصيرة كما تتميز بعدد من المكونات الطبيعية كاحتوائها على مجموعة من الجزر والأخوار وأشجار القرم ومواقع تعشيش وتغذية السلاحف البحرية وتغذية وتزاوج الثدييات البحرية ومن ضمنها حوت بحر العرب الأحدب النادر والمهدد بخطر الانقراض، كما تحتوي على مجموعة متفردة من الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية. مشيرةً إلى أن منطقة المد والجزر والمسطحات الطمرية (mud flats) تصنف من ضمن المواقع البكر ذات النظم البيئية المعقدة والتنوع الأحيائي المتفرد ما جعله من المواقع المرجعية النادرة في العالم لدراسة التنوع الأحيائي والاستخدام المستدام للأراضي الرطبة.وأكدت أن سلطنة عُمان قامت بسن العديد من القوانين المعنية بالمحافظة على الحياة الفطرية، إضافة إلى انضمام السلطنة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية من أجل المحافظة على تلك الطيور وموائلها الثرية واستدامتها، ومن بينها اتفاقية الأراضي الرطبة، مشيرةً إلى أن هيئة البيئة تسعى لتنفيذ خطة تشمل مسحًا متكاملًا للتنوع الأحيائي في السلطنة وبناءً على نتائجه سيتم وضع قوائم للطيور في السلطنة ومن ثم إيجاد تصنيفات وطنية وتحديث البيانات الحالية.كما تبذل السلطنة جهودًا متواصلة لتوعية المجتمع بالتهديدات التي تتعرض لها الطيور المهاجرة من تدمير للموائل والاستغلال المفرط والتلوث وتغيّر المناخ، وضرورة الحفاظ عليها أثناء هجرتها باعتبارها جزءًا مهمًّا من البيئة التي يسعى الجميع لحماية مفرداتها الطبيعية من كل أشكال التهديدات