سبلة الخنجي كما عرفتها

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/سبتمبر/٢٠٢١ ٠٩:٠٧ ص
سبلة الخنجي كما عرفتها

بقلم : سمعان كرم 

أو كما يطلق عليها مجلس الخنجي..هل هو نادٍ ثقافي، أم هو مجموعة من الأصدقاء والمعارف أم هو ملتقى أسبوعي مفتوح لكل شرائح المجتمع؟ أو هل هو وحدة تفكير أم منصة يتكلم منها المعنيون بالشأن الإقتصادي والإجتماعي؟ هل هو فرصة لإطلاق الكتب الجديدة أو دعماً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟ هو في الحقيقة جزءٌ من كل ذلك. هو بمثابة المواطن الملتزم والمسؤول. يتميّز هذا المجلس اولاً بالإستدامة والإستمرارية. كُّلنا يعلم أن يوم السبت من الحادية عشرة صباحاً حتى الواحدة ظهراً هناك حديث في مجلس الخنجي يكون الضيف والموضوع قد اُعلن عنهما مسبقاً.منذ عقود كان مجلس الخنجي قائماً في مطرح ومنذ أن تولى سعادة خليل بن عبدالله الخنجي قيادته انتقل إلى مكتبه ومن ثم إلى بيت الخنجي بالقرم حيث كنا قبل الجائحة نستمتع بالاحاديث وبالمأكولات الشهية من مقلوبة ومضروبة ودنجو وبكوره وسمبوسه باصنافها المتعددة. كان الاسبوع الفائت الاجتماع المئوي على وسائل التواصل المرئية. والتي تم الاجتماع من خلالها بسبب جائحة كورونا التي اجتاحت المجتمعات في بداية 2020.ويتميّز مجلس الخنجي ايضاً بتنوّع الحضور اذ انه منفتح على شرائح الاعمار. فهو يستقبل الشباب والشابات وهم لا يزالوا في مدارسهم وجامعاتهم، كما يستقبل الشيب مثلي ومن هم اكبر سناً عنَّي. مسؤولون ومحامون وتجار واعلاميون ومقاولون ومهندسون واستشاريون. كما للمرأة مكانتها في المجلس إن كان في الحضور أو في المحاضرة. هذا التنوّع بالحضور يثري الأفكار والحوار ويسمح بالنقد البنَّاء.كما انه يتميّز بإدارة فعّالة.

يعطي المدير الوقت الكافي للمحاضر الضيف وكذلك الوقت الكافي للحضور حسب عدد الاسئلة والمداخلات. ولاتقتصر إدارة الجلسة على مدير المجلس وحده بل كثيراً ماتعطى تلك المسؤولية لغيره حسب الموضوع وتخصصه. فريقٌ دائمٌ يساعد في تنظيم الجلسات وتوزيع الدعوات واستقبال الضيوف وتسجيل الوقائع. يلخّص احد الحاضرين المحاضرة والتفاعلات معها. وكثيراً ما كانت تقارير ترفع إلى الجهات المختصة للإطلاع وتقديم التوصيات والمرئيات. ومن قيم هذا المجلس الاحترام المتبادل. خصصت اماكن للمرأة واماكن لكبار السن والمقام. ولاتصدراية اساءة كلامية للآخر بل يسود المكان جوٌ من الاحترام العميق، ولو كانت هناك بعض الدعابة البريئة بين الاصدقاء مَما يؤدي إلى شيٍء من الفرح ليس الاّ. هذا ما يوطد الصداقات المخلصة والنشاطات الرياضية واللقاءات الاجتماعية. ويُحترم السمت العماني من جهة الدخول إلى المجلس والقاء التحية والسلام والمناشدة. حتى الضيافات والتغنيم يتمّون حسب العادات، فالاصغر يخدم الأكبر بتواضع واحترام.

وبدل من ان يتوقف المجلس عن نشاطاته خلال الجائحة، استفاد المدير من التقدم العلمي والوسائل الحديثة وتابع عمل المجلس في اجتماعات فرضية عبر شبكة الانترنت وتطبيقات زوم (Zoom). تماشياً مع تعليمات اللجنة العليا من وجوب التباعد الجسدي وعدم الحضن والتخشيم والسلامات باليد. جاءت فوائد هذا الاجراء الجديد عديدة. فدخل إلى المجلس اشخاصٌ من بلاد متعددة: سنغافوره، البحرين، المملكة العربية السعودية، الهند ، المملكة المتحدة وسويسرا وامريكا. وكثير من دول العالم التي تشترك عمان معهم بمصالح مشتركة. جميع تلك الجلسات المائة موثقة في اليوتيوب لمن فاتته اية جلسة أو يبحث عن معلومة في موضوع ما أو للباحثين في القضايا الاقتصادية والاجتماعية. خلال الجائحة قدم احد ابرز الأطباء العمانيين البروفيسور عبدالله داعر النصائح والإرشادات من ناحية الوقاية من الوباء واللقاحات وفاعليتها في الزمن الذي كانت فيه كلمة ’لقاح‘ تنشر الذعر في القلوب والاجسام. كما أن التفاؤل بقدرة الوطن على التغلب على التحديات كان سائداً طوال السنوات العابرة. بالرغم من الأزمات، وبعد التحليل والتشخيص ووضع التوصيات كانت الاجتماعات تنتهي دائماً بالدعوة إلى الثقة بالذات وبالمواهب العمانية وبالأمل بمستقبل افضل. ومن المفرح ان مجلس الخنجي اعطى الفرصة لكثير من القائمين على الجمعيات الخيرية أن يزوروا المجلس ويقدموا عرضاً عما يقومون به ويحصلوا على دعم من الحاضرين والتشجيع. ولم يقتصر المجلس على التواجد في موقع واحدٍ بل كان ينتقل ايضاً لزيارة بعض المشاريع والمبادرات الاجتماعية. هكذا زرنا شركة ’حيا ‘ واطلعنا على حديقتها، وحدائق الخوض (Botanic Gardens) ومركز الابتكار والمتحف الوطني والمتحف الحربي في بيت الفلج. اما تنوّع المواضيع له مساحة واسعة جداً : العمل التطوعي ، العمل الخيري، الاحتفال بالاعياد الوطنية، توقيع وتوزيع الكتب الجديدة، محاضرات طبية شؤون اقتصادية ورياضية واجتماعية وحتى ترفيهية مثل تاريخ السينما في عمان أو بطولة الهوكي والكريكيت، الجامعات والتعليم العالي، اسعار النفط، المشاريع السياحية، نشاطات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التعاون الخليجي. وفي المرحلة القادمة المطلوب من المجلس الاستفادة القصوى من تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال الكلمة إلى ابعد الحدود واستلام الكلمة من اقصى الحدود. والمطلوب ارشفة المعلومات واستخلاص المواضيع وتكون في متناول كل من أراد الاستفادة منها. هكذا مجالس هي قوة للخير والعلم والثقافة والتلاحم المجتمعي والتفاعل مع الاحداث ونقل الافكار للمسؤولين وللمساعدة على تنفيذ سياسات الحكومة. لذلك عرفتُهذا المجلس أنه بمثابة مواطنٍ مسؤول.