أرض الفرص الواعدة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٧/يوليو/٢٠٢١ ٠٨:١٩ ص
أرض الفرص الواعدة
بقلم: محمد الرواس

الجغرافيا الاقتصادية هي المحرك القادم للاقتصاد العالمي؛ حيث ستشهد العديد من مناطق العالم ذات الاقتصاديات الناشئة والفرص الاقتصادية الواعدة إعادة لهندسة هيكلة الإجراءات الاستثمارية لديها للتوافق مع بيئة الاستثمارات العالمية المشتركة القادمة، والتي ستكون مشفوعة بجملة خدمات إلكترونية متطورة بأحدث الوسائل التكنولوجية لتنسجم مع المستقبل اللوجستي العالمي الجديد المحرك للاقتصاد الدولي، والذي يفترض فيه أن يقدم خدماته بأسرع وأفضل السبل وبأقل تكلفة ممكنة من شأن المُطلِع على الحقبة القادمة من المستقبل الاقتصادي لمنطقة الخليج التي تتجدد روابطها الاقتصادية اليوم من أجل الوصول إلى مؤانىء على ضفاف المحيط الهندي ذو الموقع الاستراتيجي العالمي والذي يتوسط طرق التجارة العالمية البحرية، وسلطنة عُمان بامتلاكها 3165 كيلو متر إطلالة على بحر عمان وبحر العرب والمحيط الهندي وتوسطها لتجارة الشرق والغرب، وبما لديها من مقومات لخلق وإيجاد فرص استثمارات مستقبليه واعدة خاصة في مجال الصناعات النفطية والبتروكيمائية، والصناعات السمكية والمعدنية وغيرها من الصناعات الأخرى، يمكنها أن تكون الشريك الاستراتيجي من خلال تكوين شراكات استثمارية مشتركة تتيح لها الفرص مع دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة الاقتصادية الواحدة، عندها يمكننا أن نقول إن هناك مجلس تعاون حقيقي يكون الاقتصاد هو الرافد والمحرك الأساسي له وليصبح الجميع شركاء كلاً حسب موارده الطبيعية وموقعه الاستراتيجي، حينها يمكن أن ينشأ في منطقة الشرق الأوسط اقتصاد زاهر من خلال تكتل خليجي اقتصادي يكون لعُمان ذات الموقع الاستراتيجي المتميز الذي يربط الجزيرة العربية بالصين والهند وأفريقيا والولايات المتحدة والعالم اليد الطولى فيه كونها معبر الإنتاج للوصول إلى الاسواق العالمية بكل يسر وقلة تكلفة وآمان.

"عُمان أرض الفرص الواعدة" هذا ما يتردد على ألسِنة كبار المستثمرين الذين يأتون إلى السلطنة، أو عندما يطلعون على أوجه الفرص الاستثمارية بها؛ وهي بلا شك أرض آمنة- ولله الحمد- من حيث الاستقرار المالي للمستثمرين والباحثين عن ملاذ آمن لاستثماراتهم بجانب موقعها الاستراتيجي، لقد تحدث في هذا الشأن الكثير من الخبراء والمحللون والكتّاب الاقتصاديون من خلال كتابتهم حول السلطنة، هذا البلد الناشئ اقتصادياً والمتسارع تنموياً من حيث إنه يشكل فرص مهمة لأولئك الراغبون في الاستثمارات الأمنة، فالسلطنة من حيث التركيبة السكانية الفتية جاهزة، ومن حيث المؤشرات الإيجابية الواعدة بالقطاعات البكر والموارد الطبيعة تُعد من أفضل الواجهات الاستثمارية في الشرق الأوسط، ولقد أجمع غالبية المحللون الاقتصاديون أن قطاعات الثروات المائية أو ما يطلق عليه مصطلح «الاقتصاد الأزرق» سواء كان ثروات سمكية أو مائية عموماً يعد الأكثر نمواً لرفد الناتج القومي للسلطنة في الفترة القادمة- فيما سوى قطاع النفط والغاز- وتأتي بعد ذلك فرص الاستثمار في القطاع السياحي ببلد يشبه القارة الصغيرة؛ حيث تمتلك السلطنة شتى أنواع السياحة سواء كانت التراثية أو الطبيعية، وكافة أنواع البيئات البحرية النادرة سواء الساحلية والصحراوية الفريدة، بجانب وجود جبال متعددة الأشكال والألوان وبالمواسم مختلفة، وتقع بقرب هذه الجبال سهول وعيون وأودية مائية تشبه بعضها الأنهار الصغيرة، أما فرص الاستثمار في المواد الخام مثل المعادن ومواقعها التعدينية مثل الجبس اَلْعُمَانِيّ ذو الجودة العالمية الذي تُصدر السلطنة منه حوالي 9 ملايين طن سنوياً وهو رقم متواضع جداً مقارنة بما تملكه السلطنة من مخزون، فهذا يدل دلالة واضحة على أنها قطاعات بكر تنتظر مزيد من المشاريع الاستثمارية حتى يمكن تحويلها من خلال تسهيل التشريعات والقوانين المنظمة لجعلها ناتج قومي كبير، كما يمكن تحويلها إلى منتجات مصنعة محلياً يمكن تصديرها بدل شحنها خام للأسواق العالمية وهذا الأمر من شأنه ازدهار قطاع الصناعة التي تجد الكثير من الدعم والمخازن اللوجستية له اليوم بالسلطنة في ظل توفر الحوافز والتسهيلات من خلال تفعيل رؤية متجددة لفتح آفاق الاستثمار؛ حيث يمكن تصدير العديد من المواد المصنعة وشبه المصنعة عبر المواني العملاقة بالسلطنة- صلالة – الدقم – صحار- والمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، فالسلطنة تمتلك منظومة بنية تحتية لوجستية شاملة لكافة وسائل النقل سواء البري، أو البحري، أو الجوي، ففي السلطنة يُعد القطاع اللوجستي ضمن أولويات رؤية عُمان 2040؛ من خلال ربط السلطنة بالاقتصاديات الإقليمية والعالمية، فالشق اللوجستي يخلق فرص وينعش حركة النقل والصناعة وينمي الأسواق عبر نقل السلع بالسرعة المطلوبة، ويعمل على ايجاد فرص متعددة للمشاريع الكبرى والصغيرة والمتوسطة.

وبأرض الفرص الواعدة ليس ببعيد عما نتحدث عنه ما يشهده القطاع اللوجستي من إمكانية إنشاء المزيد من المواني المتخصصة والمرتبطة بالمناطق الحرة التي تخدم التوجهات الاقتصادية العالمية؛ حيث الفرص المستقبلية قادمة- -بإذن الله تعالى- لما يشكله هذا القطاع من عائد مُجزي للمستثمرين برغم تباطؤ الحركة حالياً بسبب الجائحة.
وفرص الاستثمار حالياً بالسلطنة في أفضل فتراتها لما تقدمه وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار من تسهيلات وقيادتها لقاطرة الاستثمار، وما توفره من بيئة عملية لبرامجها التي توفر أفضل الخدمات للمستثمرين، هذا بجانب فرص الاستثمار والتسهيلات غير المسبوقة بالمناطق الاقتصادية الخاصة، إلا أنه تبقى هناك بعض التحديات التي لا بد وأن تتخلص منها بعض الجهات الحكومية بأسرع وقت ممكن ومنها على سبيل المثال التراخيص البيئية للمشاريع التنموية، حتى يبقى الاستثمار بكافة القطاعات ذو يسر وسهولة، ولديه الفرص المواتية الواعدة لبدء الاستثمارات سواء للمستثمر المحلي، أو الخليجي، أو الأجنبي.
ختاماً.. يمكننا أن نقول إن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تُعد نموذجاً إقليميا ناجحاً للمناطق الخاصة في محيطها الإقليمي، ومصفاة النفط بالدقم أفضل مثال على ذلك لتجسد استثمار خليجي مشترك تجتمع فيه شراكة اقتصادية، حيث تتوفر بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم فرص لاستثمارات عالمية كبرى من خلال تطبيقها لأفضل معايير الأداء في توطين المشاريع وتقديم التسهيلات المباشرة والخدمات السريعة ووجود البنية الأساسية.