التعايش مع كورونا.. لعودة الحياة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٥/يوليو/٢٠٢١ ٠٨:٢٨ ص
التعايش مع كورونا.. لعودة الحياة

بقلم : محمد محمود عثمان

لعلنا ننتطر بصيص للنور والأمل في نهاية نفق كورونا المظلم ، لعودة الحياة من جديد ،أملا في التعافي الاقتصادي الطبيعي،والسماح للمزيد من الأعمال والشركات بالعودة لنشاطها، وإعفاء أنشطة القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة من كل الرسوم والضرائب والأعباء المالية والإجراءات الإدارية العقيمة ، خاصة في الاقصاديات التي لا تستطع تقديم الدعم والتعويضات الكافية للمتضررين ،حتى تنطلق بكل إمكانياتها لتعويض خسائرها.

علينا جميعا أن نفكر جيدا في تصريحات ديفيد نابارو المبعوث الخاص لمنظمة الصحة العالمية لشؤون مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19: « إنه يتعين على البشرية تعلم كيفية التعايش مع الفيروس ومنعه من الانتشار ومنع ارتفاع حالات الإصابة به أو التسبب في وجود بؤر ساخنة للمرض، موضحاً أن الفيروس لن يختفي في أي وقت قريب، وستظهر له سلالات» وهذا لن يتحقق إلا بتخفيف قيود التنقل والسفر لأنه سوف نستمر هكذا نسير في المحل أو نعود للخلف ، طالما فشلنا في التعايش السلمي مع الجائحة، ولم نتخذ خطوات إيجابية لتسريع عودة الحياة لطبيعتها، مع أخذ الاحتياطات الوقائية والعلاجية والتركيز علي تقوية المنظومة الطبية والصحية - بعد أن أُنهكت في عمل متواصل قرابة العامين - لتكون قادرة على التعامل بكفاءة مع المستجدات والمتغيرات التي تفرضها العوارض المرضية غير المتوقعة لذلك دشّنت بعض البلدان والأقاليم ما يسمى بشهادات اللقاحات، لتخرج من الحلقات المفرغة من سلسلة إجراءات الحجر المؤسسي أو المنزلي وpcr والمسحات المتكررة غير المجدية في الوقت الحالي والمجهدة للسلطات الطبية والأمنية في الوقت ذاته.

لأنه إذا استمر تفكيرنا منغلقا ومحصورا في فكر الانغلاقات والإجراءات والاحترازات وتوقف الأنشطة وغلق الحدود والمنافذ والمطارات رهبا ورعبا وخوفا من كورونا المجهول وتحوراته غير المعلوم نهايتها ،فإن ذلك سيظل مستحوذا على عقول المسؤولين لسنوات مقبلة بدون جدوى، بعد أن ثبت للجميع عجز هذه الإجراءات عن القضاء على الكورونا أو الحد من إنتشار العدوى بالصورة التي نأملها، مع عجز الجميع عن وجود سبيل آمن للخروج من التداعيات الاقتصادية ، لأنه من لم يمت بالكورونا وتحوراتها سوف يمت من الفقر والعوز والتبعات الاقتصادية، التي لم نشعر بتأثيراتها السلبية القوية في الوقت الحاضر أو المستقبل القريب - وإن كانت المعاناة قائمة وواضحة على اقتصاد الدول ودخل الأفراد وكل الأنشطة بدون استثناء ، منذ بداية الربع الثاني من عام 2020، بعد أن أصابت الجائحة الاقتصاديات بالكساد الذي يثير المخاوف من تأخيربدء التعافي الاقتصادي العالمي المتعثر وغير المؤكد بالفعل، ولذلك قلنا من قبل ونقول: علينا ألا نركن إلى الخوف أونظل نركض تحت عباءة الكورونا في فزع وهلع شديدين، بدون محاولة البحث عن حل عملي وعلمي سريع للخروج من دائرة الأزمة بأقل خسائر، خاصة أن مخاطراقتصادية بالغة لا نعلم مداها سوف تؤثرعلى التعافي المنشود فيما بعد انتهاء كورونا ذات الأبعاد السلبية المتعددة صحيا واجتماعيا واقتصاديا، لأن التحدي الأكبر هو كيف للدول أن تبدأ التعايش مع تنمية اقتصادها لتتجنب ولو جزء من الخسائر الآنية والمستقبلية وتحمي نفسها وشعوبها من كوارث اقتصادية محققة، وهذا يتطلب إرادة سياسية لديها رؤية ثاقبة وبعد نظر، للتعامل مع عدة جبهات في وقت واحد الجبهة الأولى ضد الفيروس، من خلال إبقاء معدلات العدوى عند حدودها الدنيا، والثانية :الوصول إلى تطعيم أكبر نسبة من السكان والثالثة: القدرة على الوقاية من انتشار السلالات الجديدة والرابعة : التحول من إجراءات التحفيز التي ساعدت بنسب متباينة في تخفيف حدة تداعيات الأزمة، إلى إجراءات أكثر تركيزاً على تحسين الحياة الفعلية للبشر وتوفير البنية الأساسية وإنقاذ الشركات المتعثرة أو المتوقفة وإقامة المشروعات التي تخلق فرص العمل الجديدة وتستوعب أعدادا أكبر من القوى العاملة المتعطلة، والتحدي الخامس : دفع عجلة الانتعاش الاقتصادي بقوة وبلا تأخير لأن الجائحة ضربت بشدة قطاعات التصدير والاستيراد والتجارة الخارجية وحتى التجارة البينية في الأقاليم المتجاورة ، وكذلك الإيرادات الصناعية والفندقية والسياحة التي تؤثر على الدخل القومي والاقتصاد الكلي ، وتنعكس بشكل كبيرومباشر على مستوى معيشة الأفراد ومدى قدرتهم على مواجهة أعباء الحياة والمتطلبات والالتزامات الأساسية المتمثلة في عدم القدرة على الوفاء بمستحقات ومتطلبات الغذاء والعلاج وإيجارات المساكن والمحلات التجارية ، التي تتراكم لعدة اشهر، وتسبب ضغوطا اقتصادية ونفسية على الجميع ، وبات ضروريا التدخل التشريعي للتخفيف عن أفراد المجتمع من خلال تنظيم وتقنين هذه التعاملات التي تؤثر على لُحمة المجتمع وأمنه واستقراره السياسي والاجتماعي والحفاظ عليه من التصدع الذي يكلف المجتمعات الكثير والكثير على المدى الطويل.