لن يرضى عنك الناس ولو اتبعت رأيهم

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/يونيو/٢٠٢١ ١٢:٤٦ م
لن يرضى عنك الناس ولو اتبعت رأيهم

بقلم: خالد عرابي

مرة أخرى قررت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) يوم السبت الماضي إعادة منع حركة الأفراد والمركبات ، وكذلك الإغلاق الليلي لجميع الأماكن العامة والأنشطة التجارية، والذي بدأ تطبيقه فعليا من مساء أمس وإلى أشعار أخر أي لأجل غير مسمى ، على أن يطبق القرار من تمام الساعة الثامنة مساءا وحتى الرابعة صباحا يوميا .

هذا القرار الذي أتخذته اللجنة العليا (مجبرة) بسبب ما وصل إليه الوضع من ارتفاع كبير وغير مسبوق في عدد الإصابات اليومية بهذا المرض الخطير ، و كذلك التزايد الرهيب لأعداد الوفيات حتى وصل إلى رقم قياسي وغير مسبوق منذ وصول فيروس كورونا المستجد إلى السلطنة في فبراير 2019 .

بالتأكيد هناك تبعات كثيرة جراء الإغلاق ومنها تأثر كثير من الشركات والأعمال وأصحاب الأعمال والمؤسسات اقتصاديا وحدوث تراجع في دخولها وبالتالي توقف بعض الأنشطة وخسارة أموال ، وهكذا تمتد حلقات السلسلة من حلقة إلى أخرى حتى تصل إلى تسريح لبعض العمال وإغلاق لبعض الأنشطة -لا قدر الله- ولكن هذا هو السيناريو والذي تعتمد نتيجته الحقيقية على مدة هذا الإغلاق ، فإن كانت قصيرة كانت الآثار قليلة ويمكن تجاوزها ، ولكن إذا كانت مدة الإغلاق طويلة فإنه بالتأكيد تكون العواقب وخيمة وتصل النتائج إلى ما لا يحمد عقباه .

لكن الأهم والمهم وقبل كل ذلك هو: هل هذا القرار الذي أتخذته اللجنة العليا في حقه أم لا ؟ بالطبع أقولها وكما يقال بملأ فمي أنها محقة وبنسبة مائة بالمائة كما يقال ، فالحكومة العمانية واللجنة العليا قالتها وبكل صراحة ومنذ بداية وصول الجائحة إن سلامة الإنسان (المواطنين والمقيمين) فوق كل اعتبار ، وأيضا وكما لاحظ معظمنا وبأم أعيننا وبالاحصائيات والأرقام أن الحالات (إصابات و وفيات) تزايدت وبشكل رهيب .. فقد تجاوز عدد الإصابات اليومية أكثر من 2100 حالة إصابة يومية ، ووصل عدد الوفيات في بعض الأيام إلى 35 وفاة يومية، وخلال الأيام الثلاثة الماضية فقط بلغ عدد الوفيات 85 وفاة في ثلاثة أيام وهي أرقام كثيرة بجد على بلد مثل بلدنا ووطن مثل وطننا تعداد سكانه جميعا 4.5 ملايين نسمة .

أي نعم أن الجيد والجميل في الأمر أن السلطنة تتعامل في كل القضايا ومع كل الأمور بصراحة و شفافية ـ ولذا فهنا وفي أزمة كورونا - فإن الأرقام التي تعلنها الجهات المسؤولة ومنها وزارة الصحة هي أرقام عالية وصادمة، و لكن ذلك لأنها أرقام حقيقية و ليست "مضروبة" أي ليست مزورة كما في بعض البلدان الأخرى ، ولذا فهي تأتي صادمة في بعض الأحيان و يشعر البعض بأنها كثيرة ولكنها هي الحقيقة دون تغيير أن تحوير أو تحويل أو تجميل أو تلوين .

الأمر الآخر في كل ذلك أن اللجنة العليا حينما أتخذت هذا القرار بالإغلاق نجد أن هناك العشرات بل المئات من الأصوات الزاعقة الخانقة الحانقة وخاصة هؤلاء المدعون بأنهم المؤثرون ورواد التواصل الاجتماعي الذين خرجوا علينا ينعقون لماذا الإغلاق ويزيدون النار بالهشيم في المجتمع فيشعلون الأمر ويطرقون على الوتر الحساس وهو تأثر بعض الأعمال ، فيقولون على سبيل المثال: ألا تشعرون بظروف الناس .. ألا تشعرون بالمتضررين .. يا من تتخذون قرارات الاغلاق هل جربتم الخسائر و تأثر المصالح .. و لكن في المقابل حينما تقرر نفس الجهة التي إتخذت هذا القرار إعادة فتح الأنشطة ونجد أن عدد حالات الإصابة قد ارتفع نجد أن نفس الأشخاص والمؤثرين - كما يقولون- و رواد التواصل الاجتماعي يقولون لماذا تقررون فتح الأنشطة؟ ألا تعيرون أهمية لصحة الناس وهكذا نفس الفتنة و إشعال الأمور .

أي نعم نلاحظ أننا منذ وصول الجائحة مررنا بعدد من الإغلاقات المتلاحقة والتي وصلت في مجملها إلى حوالي أربعة إغلاقات تقريبا مع فترات لتمديدها ، ولنا أن نتخيل كم الخسارة كل يوم لبعض القطاعات ومنها السياحة والفنادق والمطاعم وغيرها وعليها فقس في كثير من المؤسسات والقطاعات الأخرى .

إن ما فعلته وقررته اللجنة العليا هو عين العقل وحق اليقين في حد ذاته .. فمثل هذه اللجان لا تتخذ قراراتها بعشوائية ولا بعواطف أو وفقا لأهواء أو ردة فعل وسائل التواصل وإنما تكون قراراتها مبنية على معطيات وإحصاءات ودراسات ومتابعات ونقاشات ولذا نقول: فقط ثقوا فيما تقرره اللجنة العليا ووزارة الصحة و بقية الجهات المسؤولة وبدلا من الحكي و الرغى و "اللت والعجن" كما يقال قوموا كأفراد وأشخاص (مواطنين ومقيمين) بواجبكم فقط وهو الالتزام لأن الأصل في المشكلة هو أنتم بعدم التزامكم وتساهلكم وتسيبكم فالأمر لم يعد يحتاج إلى تساهل أو مجاملات .. لاحظنا خلال الفترة الماضية وبعد قرار فتح الأنشطة السابق كم التسيب والتجاوز من الأفراد والجماعات من كم التجمعات وكم التجاوز في الافراح وبعض الفعاليات وكم التزاحم على الشواطيء وفي الأماكن العامة والمطاعم والمقاهي وغيرها وعدم الالتزم لا بالتباعد ولا النسب التي حددتها اللجنة العليا .. أرجوكم ثم أرجوكم قوا أنفسكم التهلكة يرحمنا و يرحمكم الله .