بقلم : خالد عرابي
ذهبت إلى ماكينة الصراف بأحد البنوك لسحب مبلغ مالي تقتضي الحاجة إلى احضاره كاش (نقدا) لأن الجهة التي تطلبه لا تتعامل بالبطاقة أو بالسحب الإلكتروني، وإذا بي أقف في طابورين متوازيين يصل عدد الواقفين فيهما إلى أكثر من عشرين شخصا ، وبالطبع تنوع ما شاء الله من مختلف الأجناس والفئات والطباع ، والأهم كل يخرج بطاقته ويضغط على الأرقام ويسحب ما يريد من أموال وينطلق وهكذا التالي والثالث وأنا واقف حتى يأتي دوري ولكن أرقب بتفحص وتأمل ماذا يحدث وهل يحرص الجميع على تعقيم اليدين من قنينة المعقم التي وضعها البنك بجوار ماكينة السحب ؟ -وفي ذهني ألم ينبهوا علينا بضرورة الحذر من ماكينات الصراف لأنها تنقل كورونا – ولكي أكون أمينا معكم ربما لاحظت أن واحد من كل ثلاثة أشخاص يحرص على التعقيم ، والغالبية العظمي يسحب ما يريد من أموال وينطلق دون تعقيم ليديه عقب السحب .
مشهد ثاني شاهده معظمنا يوم الجمعة الماضية وهو مقطع الفيديو الذي انتشر ليبين كيف أن العشرات والزحام الشديد من الأشخاص في شاطيء القرم من كبار وصغار ، رجال و نساء، أطفال وشباب و شياب و أن الجميع متقاربون من بعضهم البعض على الشاطيء ومنهم من يسبحون في المياه ، والأهم أن الغالبية العظمى من كل هؤلاء متقاربون من بعضهم تماما ، فلا مسافات للتباعد الاجتماعي ، ولا حرص على ارتداء الكمامات ولا غيره ، أي نعم لكي أكون منصفا في الوصف كان هناك البعض يرتدي الكمامة ، ولكن الغالبية العظمى لم تكن ترتديها على الاطلاق وهنا يكمن الخطر .
المشهد الثالث وهو عند الذهاب إلى أحد المطاعم وهو ولله الحمد من المحظوظين - أكرم الله أصحابه وبارك لهم ورزق الأخرين مثلهم بعد هذه الأزمة التي مرت بها المطاعم وقطاع الضيافة عموما - فهذا المطعم عليه إقبال كبير خاصة في في موعد وجبتي الغداء والعشاء وإذا بعشرات الزبائن أيضا وجميعهم متقاربون بلا وجود مسافات للتباعد الاجتماعي، بل والأهم أيضا ونظرا لأنه موعد نداء البطون والذي يجعل كل شيء يهون فلا أحد يفكر في الكمامة ولا يحزنون ، فالكل مشغول بالطعام ولا أحد يفكر لا في كورونا ولا غيرها .
هذه المشاهد السابقة هي عبارة عن مواقف حقيقية رصدتها شخصيا وبأم عيني وجميعها جاءت بالصدفة البحتة خلال الأيام القليلة الماضية وتحديدا في عطلة نهاية الأسبوع ، أي من بعد أن سمحت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ، وبالطبع لا ضير في أن اللجنة سمحت بإعادة فتح الأنشطة ، فلقد جاء هذا القرار بعد طول انتظار والجميع كان ينتظره بفارغ الصبر وكما يقال على أحر من الجمر ، فالناس عانوا الأمرين من نمط الحياة في ظل الإغلاق وصعوبتها على الجميع من كبار وصغار وخاصة الأطفال وأن نمط الحياة أصبح صعب بل مؤذي نفسيا في ظل الإغلاق ولفترة طويلة .. وكذلك أصحاب التجارة والأعمال والمحلات وغيرهم بدءا يعانون الأمرين أيضا في ظل صعوبة الحياة وضيق ذات اليد بالنسبة لهم في ظل تراجع بل تدهور أعمالهم وتدني مستوى الدخول بسبب عدم وجود مبيعات أو أعمال من الأساس مما عاد عليهم بالخسائر الكبيرة لدرجة أن البعض منهم وصل به الأمر إلى الإغلاق لأنه لم يعد قادر على الاستمرار .
ومن ثم فقرار اللجنة العليا الأسبوع الماضي بإعادة فتح الأنشطة التجارية والسماح بالعودة بالأنشطة الرياضية و نشاط المعارض والأفراح وغيرها قرار حكيم وجاء في موضعه وبعد تأني و دراسة حيث أن السلطنة تضع صحة المواطن على رأس الأولويات ، ولكن ما هو الموقف والوضع والواجب علينا جميعا الآن ؟
بكل أمانة أنها مرحلة المسؤولية الشخصية بل والجماعية ، وأنه على كل واحد وفرد منا أن ينتبه لحاله وأن يأخذ باله من نفسه ومن أسرته وأهل بيته ومن يستطيع ، بل والأهم ألا يتعامل مع الأمر وكأن معنى أن اللجنة العليا سمحت بفتح أو عودة الأنشطة فهذا معناه وكان فيروس كورونا قد ولى أو أنتهى و أنه لم يعد له أثر ، وبالتالي نتعامل بعشوائية وبلا وعي أو حذر ، و علينا ألا ننسى أو نتناسى الإجراءات الاحترازية التي لطالما وما زالت بل و دائما تؤكد عليها اللجنة العليا ووزارة الصحة وجميع الجهات المسؤولة وأن الفيروس موجود وأنه حتى الآن وفي العالم أجمع منتشر بل في بعض الأماكن ينتشر أكثر بل وهناك طفرات كتحورة منه، ومنها ما هي أشد فتكا و شراسة ، ولذا فما زلنا نرى يوميا العشرات بل المئات من حالات الإصابة بالفيروس ، و ما زلنا نرى كذلك العديد من حالات الوفاة اليومية .. ولذا أقولها وبكل صراحة : أرجوكم .. ثم أرجوكم شوية شوية وخفوا وانتبهوا على أنفسكم ، فليس معنى فتح الأنشطة أن المرض تراجع ولكن الأمور لها حسابات ومقاييس وموائمات كثيرة وأن القرار أتخذ كما قلنا بعد تأني طويل بخلاف كثير من البلدان المجاورة التي تسرعت في قرار إعادة فتح الأنشطة ولذا علينا جميعا الحذر ثم الحذر .. وأردد عليكم ما قاله شخص لصديق لي: "يا ولد الحلال ترى كورونا ما خلصت فخلي بالك" وأقول لكم: "يا ولاد الحلال ترى كورونا ما خلصت .. فخلوا بالكم " و بالعربية الفصحى : " كورونا باقي فخذوا حذركم " .