بنك الإسكان.. نقص القادرين على التمام!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢١/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:٢٧ ص
بنك الإسكان.. نقص القادرين على التمام!

بقلم : علي المطاعني

لم يقصر المرسوم السلطاني السامي رقم 36/‏2010 اختصاصات ببنك الإسكان العماني على تقديم القروض الإسكانية التقليدية فحسب، وإنّما حدد له العديد من الاختصاصات والمهام التي وللأسف الشديد لم تضطلع بها الإدارة التنفيذية للبنك لأكثر من 11 عاما على صدور المرسوم السلطاني السامي.

ولعلّ واحدة من تلك الاختصاصات هي القيام بالمشروعات العقارية الخاصة بإنشاء المباني السكنية وتمويلها وفقا للشروط التي تحددها الجمعية العامة للبنك وبعد موافقة وزارة المالية وتشجيع الادخار وقبول الوادئع لأجل وودائع التوفير وممارسة الأعمال المصرفية اللازمة لتحقيق الأغراض المشار إليها، مما أبقى البنك في خانة «محلك سر» بدون أي تطور في السنوات الماضية للأسف كغيره من البنوك النظيرة في الدول الشقيقة والصديقة، الأمر الذي يدفع نحو السؤال البديهي: لماذا لم يترجم البنك ما ورد في المرسوم السلطاني على أرض الواقع بالرغم من مضي أكثر من 11 عامّا على صدوره.

ليس هناك شك حول عراقة بنك الإسكان العماني الذي يعود إنشاؤه إلى المرسوم السلطاني السامي 51/‏77 برأسمال قدره عشرة ملايين ريال؛ وكوريث للشركة الوطنية العمانية للإنماء الإسكاني التي كانت تزاول نشاط التمويل الإسكاني منذ عام 1974‏؛ لكن الحقيقة هي أنّ البنك ظل يراوح مكانه منذ أكثر من 43 عاماً ويقدم فقط قروضا إسكانية مدعومة من الحكومة، بدون أن تعمل إداراته المتعاقبة على تفعيله سواء بإنشاء المباني السكنية الخاصة أوتمويلها بشكل أشبه بالمجمعات السكنية المتكاملة في الولايات أو تقديم حلول للإشكاليات الإسكانية التي تواجه الشباب وإيجاد تمويل آخر بديل عن التمويل الحكومي لتسريع وتيرة التعمير في البلاد ومواكبة التطورات المتسارعة في هذا الشأن.

كان على إدارة البنك أن تقوم بترجمة ما ورد في المرسوم السلطاني بإنشاء المباني كوحدات سكنيّة وتمويلها وبيعها للمواطنين كإحدى الخدمات والمنتجات الإسكانية التي يتزايد عليها الطلب لمواكبة تنامي الطلبات على الوحدات السكنية في الولايات، وإضفاء قيمة مضافة على أعماله في المجالات الإنشائية حتى تسهم في توفير المزيد من الخيارات أمام المواطنين، وتعمل على ديناميكية البنك في ممارسة اختصاصاته وفق ما هو محدد، والبحث عن تمويل يتناسب مع هذه المنتجات إلا أنّ ذلك لم يحدث، ولم تبدِ إدارة البنك أي اهتمام بهذه الاختصاصات للأسف، وظلّت تدور حول نفسها بممارسة النشاط التقليدي كمنح القروض فقط.

واحدة من جملة الاختصاصات التي حددها المرسوم السلطاني رقم 36/‏2010 ولم تنفذها إدارة البنك هو تشجيع الادخار وقبول الودائع لأجل، وودائع التوفير، فهذه الميزة كان من شأنها أن تشجع العملاء على فتح حسابات وإثراء الأعمال الإقراضية الإسكانية من خلال توظيف الودائع. لكن لا نعرف لماذا لم تفعل إدارة البنك هذا الجانب رغم أهميته لتنويع مصادر دخل البنك والاستفادة منها في الأعمال السكانية وتسخير الإمكانيات التي يمتلكها سواء بفروعه وموظفيه في إضفاء خدمات أخرى ذات قيمة مضافة.

أيضا من الاختصاصات التي حددها المرسوم السلطاني السامي رقم 36/‏2010 ولم تنفذها الإدارة التنفيذية للبنك ممارسة الأعمال المصرفية، فهذا المجال الواسع كان من شأنه أن يرتقي بدور البنك إضافة إلى ما يقوم به من أعمال إقراضية تقليدية ظلّت تراوح مكانها وتنتظر الدعم الحكومي فقط بدون أن تفتح الإدارة آفاقا أوسع لتوسيع أنشطته وفق ما تم منحه من اختصاصات بالمرسوم السلطاني السامي.

فلا نعرف لماذا لم تعر الإدارة التنفيذية كل الاهتمام للاختصاصات التي حددها المرسوم السلطاني السامي رقم 36 الصادر في عام 2010م وما يمثله من أهمية في إعطاء دور أكبر له، وتوسيع نطاق عمله، وإيجاد بدائل للدخل؛ ترفد إيراداته غير المدعومة من الحكومة.

إنّ التجديد في أوصال البنك الأقدم في السلطنة في مجال الإسكان بات مطلبا ملحا اليوم وبما يتواكب مع المتغيرات الإسكانية التي يتطلبها أبناء الوطن وتعزيز الجهود الحكومية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في العديد من جوانب عمله وطاقاته وتجديدها بما يتطلبه العمل في المراحل القادمة، ووضع الرؤى الهادفة إلى الإسهام الأكبر لهذا المرفق الكبير.

بالطبع البنك سيقول بأنّه موّل عشرات الآلاف من المساكن طوال سنواته الماضية، وهذا أمر طبيعي في ظل وجوده كمؤسسة أولى في السلطنة ولا يبذل أي جهد، فالعملاء يأتون صاغرين لطلب القروض الإسكانية بينما يُحظى البنك بالدعم الحكومي ولديه مئات الموظفين، وفروع وإمكانيات كأي بنك أو جهة، ولكن الأهم الذي نحن بصدده: لماذا لم يجدد أوصاله وينفذ الاختصاصات الصادرة له بالمرسوم السلطاني؟.

نأمل أن توفق الإدارة الجديدة القادمة لبنك الإسكان العماني ، بعد اعلان جهاز الاستثمار العماني عن وظيفة الرئيس التنفيذي لإدارة دفة هذا المرفق وتعيد له دوره وصِيِته، وتنقله إلى ما نتطلع اليه بأن يكون مصرفا فاعلا في كافة الأنشطة وله من الإيرادات والأنشطة المصرفية ما يغنيه عن الدعم الحكومي.