ما هكذا تمارس الشورى!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٣/مارس/٢٠١٩ ٠٤:١٥ ص
ما هكذا تمارس الشورى!

علي بن راشد المطاعني

تابعت كغيري مناقشات أعضاء مجلس الشورى لمعالي وزير السياحة على مدى يومين ، كان النقاش بشكل عام إيجابيا وجيدا والتساؤلات والإستفسارات تمضي في مسارها الصحيح ، غير أن البعض أحرج المجلس والأعضاء عبر طرح أسئلة إستفزازية وتهجم شخصي ليس من الكياسة ولا اللباقة أن يصدر من مواطن عُمانيا ، فما بالك من عضو مجلس الشورى وتحت قبة البرلمان الذي نتطلع أن يأخذ دوره في الجوانب التشريعية بشكل أفضل ، إشارة إلى أن مثل هذه الممارسات لا تشجع كثيرا على إعطاء المجلس دورا أكبر مما هو عليه الآن ، وعلى إعتبار أن التجربة على ما يبدو لم يتم إستيعابها كما ينبغي من قبل بعض الأعضاء الذين جنحوا إلى ذلك النهج الذي لايشبهنا .
بلاشك أن الجلسات العلنية لمجلس الشورى وإستضافته للوزراء ومناقشتهم ومحاورتهم تعد إحدى الأدوات البرلمانية المجازة في نظام المجلس ، وهناك إستجابة طيبة من قبل الحكومة الموقرة في هذا الشأن ، والدليل أن وزير السياحة في هذه الدورة يأتي للمجلس مرتين في غضون ثلاث سنوات ، وهذا منحى مقدر ويتعين النظر إليه بعين التقدير وبإعتباره يصب في خانة المصلحة العامة ، وبالتالي ماكان ينبغي أن تقابل كل هذه المبادرات بأسلوب ساخر وغير لائق ينتقص من قدر الوزارات والمسؤولين ، على ذلك لن نندهش إبدا إذا ما إمتنع مسؤول على الرد أو التعاطي الإيجابي مع المجلس وفي ظل هذا العثار والغبار اللفظي الخانق .
فالمسوول هو في البدء إنسان وقبل أن يكون موظفا في أي درجة وظيفية كانت ، وله مشاعر وأحاسيس وأهل وقبيلة وعشيرة وجيران وأصدقاء ومعارف ، هؤلاء جميعا لن يسرهم بطبيعة الحال أن يستمعوا لتلك الكلمات الجارحات القاسيات بحق هذا العزيز والأثير لديهم .
ربما أن هواجس العودة مجددا كعضو بالمجلس في الانتخابات القادمة مابرحت تسيطر على العقل واللسان والفؤاد ، وقد يعتقد البعض بأنه وكلما ابرز العضو عضلاته اللفظية المفتولة ، وكل ما إستطال لسانه بحوافه المسنونة كالأشواك لينال من هذا وذاك كلما أفلح في إقناع الناخبين بانه الأحق بالعودة لقبة البرلمان محمولا على أكتاف ناخبيه ، تلك هواجس وظنون لامحل لها من الإعراب ، إذ نعتقد بأن العكس هو الصحيح ، فكما كان العضو مؤدبا في طرحه ، مهذبا في لغته ، لطيفا في إنتقاده وتناوله ، بشوشة سنحات وجهه ، كلما إقترب من العودة مجددا لقبة المجلس ، لسبب واحد وبسيط هو إنه قد إلتزم بعُمانيته ، فالعُماني ماكان لعانا ولا فظا .
إذن ينبغي وقف مثل هذا السلوك وفورا على الأقل حفاظا على سمعة المجلس وإيمانا وتصديقا بأدب الحوار الذي تعلمناه من القرآن الكريم عندما قال رب العزة مخاطبا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الآية 125 من سورة النحل (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) .. صدق الله العظيم .
البعض قد يبرر ماحدث إقتداء ببرلمانات في دول العالم فيها صراخ وتعارك وضرب وشتم ، هذا قول بالطبع مردود ، فنحن وعندما نقتدي فإننا نقتدي بالأسوياء ، وعلى قائمة هرمنا المقدس في هذا المجال هو قدوتنا صلى الله عليه وسلم ، فهو معلمنا الأكبر في آداب الطرح والحوار بجميل القول وقعا وأثرا ، هذا فضلا عن أن القيم العُمانية الأصلية عنوانها (الأدب) بجميع ماتعنيه هذه الكلمة من معان ودلالات .
نأمل من مجلس الشورى وأعضائه أن يقفوا وقفة إستهجان لهذا المؤسف الذي حدث ، وأن يتخذوا إجراءاتهم الداخلية التي تكفل عدم تكرار هذه المشاهد المحزنة.