الفجوة الإعلامية بين الحكومة والمجتمع!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:٣٩ ص
الفجوة الإعلامية بين الحكومة والمجتمع!

بقلم : علي المطاعني

لقد أظهرت النقاشات الواسعة حول تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حجم الفجوة بين الحكومة والمجتمع، وجاء الجدل محتدما حول منطلقات تطبيقها وأهميتها وجدواها وإنعكاساتها على الفرد والأسرة والمجتمع من ناحية عامة، وذهبت التأويلات والتفسيرات والإجتهادات إتجاهات شتى، بعضها غير دقيق بالطبع، والبعض الآخر إمتطى صهوة الإعتراض مع المعترضين وبغير أن يحدد بدقة نقاط الخلاف ونقاط الاتفاق، والبعض الآخر سلك طريق اللاواقعية المفضي إلى لاشيء حتما، والبعض الآخر ذهب في إتجاه توسيع الصلاحيات الفردية وصولا إلى نقطة أين تذهب الأموال العائدة من الضريبة والتشكيك في إدارتها.

لقد أكدنا في العديد من المقالات السابقة إلى ضرورة وأهمية توضيح الأمور للمجتمع بنحو أكثر تفصيلا، وليتسنى ردم الهوة وتجسير الفجوة بين طرفي المعادلة، فما ترغب الحكومة في إتخاذه يتعين إيضاحه بدقة عبر كافة وسائل الإعلام والإعلان والتواصل الاجتماعية، إذ لايعقل إتخاذ هكذا إجراءات بدون تعميق الحوار فيه أخذا وعطاء، إستيعابا وفهما، وصولا للنقطة المضيئة هناك في آخر النفق المظلم والتي تمثل إقناع وإقتناع المجتمع بحتمية وضرورة إتخاذ ذلك القرار أو ذاك الإجراء.

فعلى الرغم ان السلطنة ليست أول دولة في العالم تطبق هذه الضريبة، بل هي الدولة التي حددت أقل نسبة في التحصيل وهي 5% مع إعفاء أكثر من 488 سلعة منها، مقارنة مع نسبة ضريبة القيمة المضافة 15% في المملكة العربية السعودية و20% في المغرب وبعض الدول العربية تتراوح بين هذه النسب، كما أنها تزيد في دول العالم الأخرى عن 27%، إلا أننا لم نسمع في كل تلك الدول مثل ما سمعناه لدينا، ولا حجم الرفض الذي إجتاح المجتمع، ولا نظيرا للمتصدين الذين آلوا على أنفسهم المساس سلبا بكل ماهو إيجابي ويصب في مصلحة الوطن العليا، ذلك يحدث نتيجة للفراغ والذي أشرنا إليه والناتج كأمر طبيعي لعدم توضيح الأمور للناس بنحو مفصل مع الإسهاب الإيجابي لكل صغيرة وكبيرة، والتصدي لكل سؤال وإستفسار مهما قل حجمه، فالناس يتمايزون في مستوى الإدراك هكذا خلقهم ربهم وعلينا أن نضع تلك الحقائق أمامنا دوما.

ان مبررات الحكومة في فرض القيمة المضافة كثيرة ليست بذلك التعقيد، فهي بداية تهدف لزيادة الإيرادات غير النفطية التي يتوقع أن ترتفع إلى 37% ضمن خطط التوازن الإقتصادي الرامي لإنهاء العجز المالي في الميزانية العامة للدولة، وخفض تراكم الديون وغيرها من الأهداف المشروعة والمتجهة لإعادة ترتيب أولويات الدولة في المرحلة القادمة وبما يتواكب مع التطورات المصاحبة للنهضة المتجددة وللمتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية التي تحتاج لأن نتناغم معها بنحو إيجابي ولنسهم معا في تحقيق الإستقرار للأوضاع المالية والإقتصادية في بلادنا وما يمثله ذلك من أهمية كبيرة إلا أن كل تلك الأهداف النبيلة والموضوعية يتعين توضيجها للمجتمع وبإستمرار وبكل الطرق الممكنة والمتاحة لضمان التفاعل الإيجابي معها وللحد من الإحتقانات السوداوية في الإطروحات وما يشكله ذلك من ضغوط على أجهزة الدولة المعنية، فهذه الجوانب رغم بساطتها إلا أن البعض لايدرك مدى خطورتها فتراكماتها وخيمة للغاية ومن الممكن أن تزداد وبالا لعدم وجود خطط فاعلة وجاهزة لإستيعاب المجتمع وفتح حوارات جادة معه عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي المفتوحة على مصرعيها أبدا.

إن إدارة الجوانب الإعلامية لخطط الحكومة الاقتصادية يشوبها الكثير من القصور إزاء كيفية الوصول إلى المجتمع وإقناعه بمتطلبات المرحلة الراهنة والقادمة وكيفية التعاطي معها.

وفي هذه الخطوة أو الخطوات العلاج الكافئ والشافي لكل هذا الذي يحدث الآن، بل يعطل الكثير من الإصلاحات بدواعي ضعف التهيئة المجتمعية المطلوبة.

نؤمن بالطبع بأن حرية التعبير متاحة للجميع سيما في مثل هذه الظروف الإستثنائية، ولكن هناك متغيرات متسارعة ينبغي ملاحقتها بالوعي والإدراك السليم وبالتروى وبالنأي قدر الإمكان من الهياج الذي تحركه غياب الحقيقة المثلى.

نأمل أن نعيد النظر في التعاطي الإعلامي مع الأزمات.

وتكون لدينا رؤى وطنية واضحة حول العديد من القضايا وكيفية تناولها وعرضها للمجتمع، وليتسنى دعم ومؤازرة القرارات الحكومية وبناء أرضية راسخة لها من خلال التوعية الواسعة والإيضاح المبسط والشامل.

والتفاعل مع ما يدور في الأوساط الإعلامية والإقتراب منها بما يكفي لإستراق السمع بوضوح حتى للهمس، إذ لايمكن المضي قدما في إجراء إصلاحات في الدولة مالم يكن هناك ظهيرا إعلاميا فاعلا ومساندا لها.