من يوفر الدواء بأي ثمن

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٤/أبريل/٢٠٢١ ٠٨:٤٣ ص
من يوفر الدواء بأي ثمن

بقلم : محمد بن علي البلوشي

لا أعتقد أن عاقل في العالم وفي هذا الوقت تحديدا يود أن يكون في مكان وزير الصحة سواء في عمان أو في كولومبيا. فالوباء ينخر في الدول كبيرها وصغيرها غنيها وفقيرها بصورة غير معهودة في العصر الحديث مما ادى إلى إغلاق العالم امام بعضه البعض ولكأن الخصام قد دب بينهم..ومع ذلك فهناك -وهم كثيرون-من يعتقد انه الرجل الاستثنائي أو الخارق للعادة الذي يمكن أن ينجو بعمان او كولومبيا من هذا الوباء. الواقع أن الأفكار كثيرة وسهلة وفي جلسة "ثرثرة “عادية يمكن أن نخرج بألاف الأفكار لوزراء الصحة في العالم. الفرق أن الذي يده في الماء ليس كالذي يده في النار. كالمعارضة السياسية حينما تكون في موقع المعارضة فإنه من السهل لك إطلاق الشعارات والصيحات الصادقة والكاذبة والمزيفة لجذب أصوات الناخبين للفوز بمقاعد البرلمان ومن ثم تشكيل الحكومة لتحقيق الاحلام التي ينشدونها.. لكن الصورة ستختلف حينما يمسك الحزب بالحكومة..نصف الشعارات سوف تلقى في البحر ومكب النفايات لانها مستهلكة ولاتنفع حينما تكون في موقع قيادة الحكومة.

فالأزمة التي سببها كورونا والإجراءات التي تقوم بها الحكومات نتج عنها موجة عارمة من السخط والتذمر والغضب فالنتائج امتدت إلى الكثير ين أفرادا وشرائح.. هناك من يجد أن الإغلاق هو الحل لمحاصرة الوباء وتخفيف العبء على النظام الصحيي الذي يعمل وفق قاعدة سكانية في الوضع الطبيعي..الكثيرون يرفضون الإغلاق لعدة أسباب لكن اكثر سبب يدعو لعدم الإغلاق ومالاندركه أنه ضد طبيعة البشر..لااحد يرغب بالعزلة العامة..كأنه سجن مقيت يحول ليلك ونهارك إلى ترقب..تنتظر الخروج منه لحظة دخول السجان ليقول لك أخرج ولانريد أن نراك مرة أخرى او أن يصدر القاضي حكما ببرائتك..الإغلاق هو أشبه بسجن أختياري.. هو حظر تجول لكنه ليس في زمن الحرب التقليدية.بعد أن كنا نسمع بحظر التجول في البلدان التي أبتليت بالحروب والصراعات..بتنا اليوم نجد أن توقف الكهرباء لساعة واحده يسبب لنا خللا خلال هذه الساعة..ومع ذلك لابأس نصبر حينما ندرك أن شركة الكهرباء تقوم بإصلاح الخلل الفني وستعود الكهرباء فيمابعد..حسنا فماذا عن إغلاق لانعرف كم سيمتد وكم سيطول..أصحاب الأعمال الكبيرة والمتوسطة هم الأكثر تضررا حقا وهم الذين تأثر وا ويتأثرون بالإغلاق فتوقفت أنشطتهم وبارت تجارتهم وانتكست مداخيلهم فأهتزت السلسلة الاقتصادية والمالية لهم واطرافها كالبنوك والمؤجرين.هناك أصحاب الأعمال الفردية الذين تضررت أيضا مداخيلهم وهم فئتان الأولى من يعتمدون على هذه الأنشطة فهي مصدر رزقهم الوحيد. وفئة أخرى تدعم مداخيلها بممارسة أنشطة تجارية فردية لتواجه أعباء الحياة المتزايدة وكذلك لتحافظ على متطلباتها الإستهلاكية التي تختلف عن متطلبات المستهلكين الأقل دخلا.والحلقة تطول للمتضررين والغير متضررين لكن الكل بات يفتي بأن الطريقة الوحيدة للنجاة من طوق الازمة في عمان هو التخلي عن الإغلاق وفتح الحياة الاقتصادية والإجتماعية بشروط.

العالم ومنه دول العالم الثالث ومنها نحن أمام رحمة شركات الأدوية التي هي الأخرى تواجه ضغوطا من مالكيها أو من الدول التي تقع مصانعها على أراضيها فكل دولة تتسابق لتحجز حصتها لمواطنيها ولاتوجد دولة ستفضل مواطنيها على مواطني دولة أخرى..ولاتوجد في السياسة رحمة امام وضع السكان امام أي مرض. فإن كان وزير الصحة يصر في السابق –ليس أصرارا شخصيا –بقدر ماهو التطبيق الصارم لمعايير أعتماد أي منتج دوائي الذي تعتمده الوزارة عند إنتاجه وهي معروفة واهمها مصادقة إدارة الدواء الامريكية وهي اهم مرجع عالمي للأدوية فإننا أمام هذه الجائحة نحتاج إلى تخفيف هذه المعايير وتجاوز بعضها..كالتي اجازتها الدول المنتجة للدواء وعددها بالأصابع تحت بند "الأستخدام الطاريء" للدواء ومن ثم تقليل الكلفة الاجتماعية والإقتصادية للوباء. لطالما سمعنا أن الصينيين والروس ينتجون الدواء وظهرت التقارير لتقول أنه لم يمر على التجارب العليمية بمراحلها المختلفة ومع ذلك فإن العالم يتسابق على دوائهم لكنه بات كذلك شحيحا.فالكل في معركة للحصول على قطعة خبز في وسط حلقة من النيران.

د. أحمد المنظري المدير الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية وهو شخص "منا وفينا" يقول:مرفق كوفاكس على أهبة الاستعداد للتسليم -اللقاحات- لكننا لا نستطيع تسليم لقاحات لا نملكها وننافس البُلدان الغنية التي تشتري ملايين الجرعات مباشرةً من الشركات المُصنِّعة.. على الناس أن تدرك أن الخيارات لاتتوفر مثل نهر يتدفق ماؤه طوال العام حتى في أوقات الجفاف.فلنمضي بأقل الخسائر فهذه حربا ناعمة..قد نستطيع تحملها..ومع ذلك إلى متى.و"من يوفر الدواء بأي ثمن"