’أبعاد ثقافية’ يقترب من التجارب الشعرية العربية

بلادنا الاثنين ٢٩/مارس/٢٠٢١ ٠٨:٤٤ ص
’أبعاد ثقافية’ يقترب من التجارب الشعرية العربية

مسقط - أمل الجهورية

استعرض برنامج أبعاد ثقافة عدداً من التجارب الشعرية تزامناً مع مناسبة اليوم العالمي للشعر حيث اقترب من تجربة الشاعر والأديب جاسم محمد الصحَيِحْ من المملكة العربية السعودية من شعراء الاحساء ، وهو من الشعراء الذين سجلوا حضوراً واضحاً في المشهد الثقافي العربي وله مكانته الشعرية التي عبرت به للكثير من الجوائز الأدبية التي حصدها ، وله نتاجه الشعري المتجدد في موضوعاته المحافظ على قالب وروح القصيدة العربية،رغم أنه امتهن الهندسة إلا أن هندسة القوافي تفوقت لديه فأنتج شعراً جزلا في قوة معانيه، وجمال دلالاته، في حضرة كلماته التي ينثرها في سماء الفضاءات المفتوحة العابرة اليوم يأخذك لأجواء الأسواق الأدبية فتعيش مع قصائده فصاحة الشعر العربي وبلاغته وروعة تشبيهاته ، فهو الذي يكتب القصيدة فيخطو بها خطوة نحو الذات ، ويؤمن أن الطريق طويل ويستحيل الوصول إلى التمام ،وإلا لما احتاج الانسان للشعر بعد اكتشاف ذاته ، ولأصبحت الحياة بلا ذوق ، قريب من قلوب متابعيه يفاجئهم بالجديد الجميل دائما ويتفاعل معهم وكأنه يكتب الكلمات ليتشارك متعتها مع من حوله.

تحدث الصحيح عن مناسبة يوم الشعر العالمي قائلاً :الشعر ليس مرتبطاً بمن يكتبه وإنما هو ملك لمن يقرأه ، والوطن الأهم للروح هو الشعر وتعد مناسبة يوم الشعر العالمي هي مناسبة للبشرية لأن الروح تبحث عن الجمال ليكون وطناً لها ولا يوجد مكان اجمل من القصيدة لتكون وطناً للروح لارتباطها بداخل الانسان ومشاعره.

علاقة الشاعر بالقصيدة ..

وعن علاقة الشاعر بالقصيدة يشير جاسم الصحيح العلاقة بين الشاعر والقصيدة هي علاقة وجودية لا يستطيع أن يستنبت حياته وحقيقته وذاته إلا من خلال القصيدة ، وتختلف تلك العلاقة بالقصيدة من مرحلة لأخرى فقد يراها في بداياته يرى في القصيدة حالة طربية وعلاقة طربية قائمة على الموسيقى المستنبطة من رنين القوافي، وكلما نمى الشاعر نمى في وعيه الإنساني وفي فهمه للشعر أحس بخطورة الشعر والكلمة ، واستشعر بأن اللغة لم تعد مجرد موسيقى وطرب داخل الشعر بل تحولت لحالة مقاومة للموت والفناء وحلة بحث عن الخلود الدائم ، فلا توجد قصيدة الا وتحمل حالة مقاومة لأنا تكتب للخلود وإذا لم تستطع الخلود فهي فاشلة، وينتظر الشاعر مشاركة القارئ المتلقي للنص ،ويطمح أن يكون بذات المسؤولية التي يكتب بها الشاعر القصيدة ويتحدث عن أهمية التلقي ودوره في تعزيز في مكانة القصيدة وهو ذائقة تختلف من شخص لآخر، ولابد من وجود نسبة من الوعي الشعري لدى المتلقي.

مكانة المتنبي في الشعر العربي

وتحدث الشاعر عن قصيدة أهداها للمتنبي بمناسبة يوم الشعر العالمي قائلا: بالنسبة لي أرى أن المتنبي يمثل قمة الشعرية العربية رغم أن لدينا شعراء كبار وعظام في تاريخ الشعر العربي منذ الشعر الجاهلي إلى الآن حيث لا تكاد تمر مرحلة إلا ويشع خلالها كوكبة من الشعراء ؛ إلا أن المتنبي استطاع أن يهضم وأن يستوعب كل التجارب التي سبقته وأن يقدم تجربة شعرية تجاوزت الجميع، وأكد أن عدد من الأدباء والكتاب اجتمعوا على هذا الراي في تغليب مكانة المتنبي بين شعراء العربية.

وألقى الشاعر جاسم الصحيح بعضاً من قصيدة «المتنبي كون من ملامح كائن «

سارٍ .. يُفَتِّشُ بعْضُهُ عن كُلِّهِ و يلُمُّ ما تُوحي نبوءةُ لَيْلِهِ

مُتَبَتِّلاً للنفْسِ منطلقاً بهِا يجلو صبابةَ عاشقٍ مُتَأَلِّهِ

لاحَتْ لهُ نارٌ فقال لنفسِهِ ما قالَهُ (موسى الكليمُ )لأَهْلِهِ

ومشىَ إلى النار/‏‏النبوءةِ حافيا لتَشُبَّ نارُ الانتظارِ بنَعْلِهِ

ورأى الجمالَ قصيدةَ الله التي من أَجْلِهاَ بَدَأَتْ متاهةُ رُسْلِهِ

فمضَى على طُرُقِ المتاهةِ.. لا تَرَى غيرَ القوافي يضطربنَ برَحْلِهِ

ساهٍ كما يسهو الخليلُ إذا صَحَتْ إشراقةُ الذكرَى فحَنَّ لخِلِّهِ

كما تحدث الشاعر عن ارتباطه بقصيدة «أميل نحوك» التي لقيت قبولا واضحاً ، وجدلا من قبل البعض، واستطاعت أن تنال شهرة واسعة لا سيما البيت الذي يقول فيه « كل النساء أحاديث بلا سندٍ ..وأنت أنت ..حديث لابن عباس «

وانتهي الشاعر إلى القناعة التامة بذائقة المتلقي نحو ما يتلقاه وما تحتويه القصيدة من مضامين وجمالية في اللفظ والمعنى، وألقى الشاعر نصاً من قصيدته قائلا:

أميلُ نحوكِ أغدو قابَ أنفاسِ

كما يميلُ نُوَاسيٌّ على الكاسِ

وألمحُ الحبَّ في عينيكِ يغمزُ لي

فهل أُلامُ إذا استعجلتُ إحساسي؟

ملأتِني بكِ حتى مَسَّني خَجَلٌ

من فرطِ ما غازلَتْني أَعْيُنُ الناسِ

ما عاد يملأُ رأسي خمرُ دالِيَةٍ

صُبِّي جمالَكِ حتى يمتلي راسي!

كلُّ النساءِ أحاديثٌ بلا سَنَدٍ

وأنتِ .. أنتِ .. حديثٌ لابنِ عبَّاسِ

أميلُ نحوَكِ والتنصيصُ يجذِبُني

حتى أَشُدَّ على التنصيصِ أقواسي

إذا انتشَيتُكِ فَرَّتْ روحُ زَنبَقَةٍ

من قبضةِ الحَقْلِ وانحلَّتْ بأنفاسي

وإن كتبتُكِ خِلتُ الشَّهْدَ مُفتَرِشاً

صدرَ الكنافةِ حبري فوق كُرَّاسي

فأشتَهيكِ إلى أن أنثَني نَهِماً

أكادُ آكلُ أوراقي وقرطاسي.

وتحدث الشاعر عن اللقاءات الشعرية التي فرضتها الظروف والمنصات الافتراضية يؤكد أن الشاعر يفتقد جزء مهم من ذلك التفاعل مع روح القصيدة الذي يجده الشاعر من متلقيه وجمهوره.

ويشارك الشاعر متابعيه عبر تويتر قصائده ونتاجه الشعري ويجد تفاعلاً واضحاُ إلا أن في المقابل يؤكد المفارقة أن هذا التواجد لايكفي للشاعر ولا يعنى أكثر من مرور عابر، لأن القراءة الشعرية تحتاج لجدية وتضحية في القراءة والبحث واقتناء إصدارات الشاعر والاقتراب من تجربته الشعرية عبر دواوينه الشعرية.

تجربة الشاعر هلال العامري

كما تمت الإشارة خلال البرنامج لتجربة الشاعر الأديب الشيخ هلال بن محمد العامري الشخصية الشعرية البارزة التي استحقت الاحتفاء والتكريم باختياره من قبل المنظّمة العربيّة للتربية، والثقافة، والعلوم (الألكسو) للاحتفال به في الدورة السابعة لليوم العالمي للشعر، كما احتفلت به السلطنة بهذه المناسبة تقديراً لمكانته الأدبية ودوره في غثاء المشهد الثقافي محلياً وخارجياً وتعد شخصية العامري من الشخصيات التي سجلت حضورها في المشهد الشعري العماني، وحظيت التقدير الواسع عربياً لمكانتها ودورها في إثراء الساحة الثقافية من سمائل كانت البداية ومنها إلى تفاصيل العلوم والمعرفة؛ حيث عبر متمسكاً بالقصيدة متدرجاُ في تجربته الشعرية من الشعر العمودي إلى شعر التفعيلة ، ثم إلى الشعر الحر فقصيدة النثر منطقاً من خلالها إلى القضايا الوطنية والقومية ، استطاعت تجارب الحياة أن تعمق تجربته الشعرية فأنتج العديد من الأعمال منها ديوان «هودج الغربة» و»قطرة في زمن العطش» و»الكتابة على جدار الصمت» و«استراحة في زمن القلق» وغيرها من الأعمال الكثير.. حصل على العديد من الجوائز منها جائزة السلطان قابوس للثقافة والعلوم والفنون في عام 2006، وجائزة المشاركات الأدبية والثقافية من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي ،وقد احتقى النادي الثقافي به وبمناسبة حصوله على الشخصية الشعرية باختياره من قبل المنظّمة العربيّة للتربية، والثقافة، والعلوم (الألكسو) للاحتفال به في الدورة السابعة لليوم العالمي للشعر.