مسقط - أمل الجهورية
ناقش البرنامج الثقافي أبعاد ثقافية في حلقته الثالثة موضوع " المشهد الثقافي في ظل جائحة كورونا" ، حيث تم استحضار واقع المشهد الثقافي في السلطنة وخارجها ، والدور الذي قدمته المؤسسات الثقافية والمثقفون من أجل استثمار إيجابي للتقنيات الحديثة يسهم في تجاوز التحديات التي عصفت بالعالم من تأثير تلك الجائحة وتحويل المحنة إلى منحة للاستفادة منها في خدمة القطاع الثقافي ، ومستوى الحراك الذي شهدته المؤسسات الثقافية خلال هذه الفترة لمناقشة مختلف القضايا من خلال حضور واضح، وتبادل فكري بمشاركة وتواصل مع مختلف الشخصيات ذات الصلة في الشأن المحلي والإقليمي.
وأكد المكرم المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي عضو مجلس الدولة ،ورئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أن المنصات الثقافية من مجالس ومؤسسات مهنية عملت على استثمار التقنية منذ بداية هذه الجائحة في عملها الإداري والفني مما سهل عليها الاستمرار في نشاطها وجعل العاملين بها قادرين على البقاء بشكل متصل مع الوسط الثقافي متجاوزين كل التحديات التي ارتبطت بالجائحة ، كما عملت هذه التقنية على تقريب المسافات من خلال التواصل الواضح الذي أوجدته الأنشطة الثقافية بالاشتراك من الكثير من الشخصيات والمنظمات والمؤسسات الثقافية من أجل استدامة الحراك الثقافي ،وهذا الانتباه الكبير إلى استثمار التقنية وتوجيهها لخدمة الحراك الثقافي في ظل الجائحة أتاح مزيداً من الاستمرارية والتنوع في كم ونوع الأنشطة الثقافية.
النشاط الثقافي بين العالم الواقعي والافتراضي
أوضح الصقلاوي بأن التقنية استطاعت أن توجه النشاط الثقافي بشكل واضح خلال هذه الفترة ، مما جعل الكثير من التحديات والفوارق تنصهر في ظل هذه الجائحة ، وأشار بأن المشهد الثقافي سيحتفظ بنشاطه عبر العالمين الواقعي والافتراضي ولن يكون هذا المجال مرتبطاً بفترة الجائحة بل سيبقى رواجها مستمراً ، وقال بأن الطريقتين ستسيران بشكل متوازي ومتكامل بحيث يتم تجاوز تحديات الأنشطة الواقعية من خلال المجال الافتراضي بدمج واضح يحقق الهدف من تلك الأنشطة والفعاليات التي تنظمها المؤسسات الثقافية .
النتاج الثقافي خلال فترة الجائحة
وحول تأثير الجائحة على مستوى النتاج الفكري أكد الصقلاوي أن النتاج الثقافي في ظل الجائحة اتجه إلى جانبين الأول، أن الكثير من الكتاب العمانيون والعرب والغرب كتبوا في الجائحة نفسها وسجلوها التفاصيل المرتبطة بها كذلك مواضيع مرتبطة بتأثيرها وضررها الإنساني وما ارتبط بها من تأثير على المجتمعات في مختلف المجالات ، فشكلت مصدراً لكثير من الأفكار والمواضيع في الفكر والأدب فكان النتاج المرتبط بها ثريا ، ونحن على ثقة بأن المستقبل سيحمل الكثير من الأعمال الثقافية التي ستسجل تظافر جهود العالم في تجاوزها من روايات وقصائد وكتب علمية
وفي الجانب الآخر استمر النتاج الثقافي للأفراد والمؤسسات في رواجه من خلال الإصدارات الثقافية المختلفة وكذلك أعمال دور النشر العمانية مستثمرين الوقت الذي توقفت من خلاله الكثير من جوانب الحياة للركون إلى كتاباتهم وأعمالهم الثقافية للخروج بها كما اعتادوا عليه في مواسم سابقة متجاوزين بذلك تأثير الجائحة السلبي على النتاج الثقافي .
وأوضح بأن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أصدرت (28) خلال فترة الجائحة مؤكداً تعاون الكتاب العمانيين في تجاوز ظروف الجائحة من أجل اصدار هذه النتاجات .
جهود ثقافية فردية ومؤسسية للتخفيف من وطأت الجائحة
أشار رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء في ظل ما شهدناه من ركود أحدثته جائحة كورونا على العالم لمسنا في المقابل جهود واضحة وتنافس من قبل المثقفين العمانيين عبر منصاتهم الافتراضية وحساباتهم الشخصية في تنظيم الكثير من الأنشطة والجلسات الحوارية وحلقات النقاش وكذلك تقديم قراءات متنوعة للإصدارات الثقافية أو استضافة للكتاب والمثقفين من داخل السلطنة وخارجها ، مما أوجد نشاطاً مستمراً ومتبادلاً استطاع أن يعبر بالكلمة والصوت والصورة عبر الفضاءات المفتوحة لتقديم المشهد الثقافي بكل مجالاته متجاوزاً المساحات المغلقة ، والظروف الصعبة ، استطاع أن يشغل أوقات الكثير من المهتمين والمتواجدين عبر تلك المنصات للاستفادة من المحتوى الثقافي كل حسب اهتمامه ، وهذا يعكس أيضا حس المسؤولية التي جعلت هؤلاء المثقفين يساهمون بشكل فردي ويقدمون افكاراً متنوعة عبر التقنيات المختلفة .
المسرح وتحديات الجائحة
وحول التحديات التي واجهت بعض الأنشطة الثقافية في ظل جائحة كورونا ، وغيبت حضورها وأدوارها مثل المعارض الفنية ،ومعارض الكتب والعروض المسرحية والحفلات الفنية قال الصقلاوي: العروض المسرحية تواجه نوعاً من التحدي من تقديم أدوراها افتراضياً فليس من السهل أن تفتقد ذلك التواصل والقيمة في التفاعل مع جمهور المسرح من خلال تلك الفرجة التي يقمها المسرح ويتفاعل معها الجمهور على عامل مهم وهو التفاعل مع الجمهور فالعالم الافتراضي سيفقده هذه القيمة الكبيرة ؛ ولكن هذا لا يعني أن يقف المسرح عاجزاً عن نشاطه بل يمكنه أن يتجه إلى تسجيل عروضه وتقديمها للجمهور من أجل البقاء والاستمرارية مع جمهور المسرح والاستمتاع بها عبر الرسائل المختلفة التي يقدمها المسرح في قضايا الانسان والمجتمع إلى أن نتجاوز هذه الفترة.
المشهد الثقافي الافتراضي بعد جائحة كورونا
أوضح الصقلاوي بأن المشهد الثقافي سيبقى مقترناً مستفيداً من التقنية حتي بعد عودة الحياة إلى طبيعتها لإدراكه الواضح بقيمة التقانة ودورها ومساهمتها في خدمة المشهد الثقافي في مجال التعليم ونشر الفكر وتواصل الحوار والنشاط الفكري والأدبي ، في ظل التحديات التي فرضتها الجائحة كما ساهمت في تقليل كلفة الخدمات لاسيما في المجال الثقافي ؛ ولذا فإن بقاء النشاط الثقافي افتراضياً سيبقى جنباً إلى جنب مع النشاط الواقعي معززاً مستوى التواصل والنشاط الإنساني ، وهذا ما يجعلنا نستحضر القول " رب ضارة نافعة "
المشهد الثقافي العماني في ظل جائحة كورونا
تحدثت الدكتورة وفاء الشامسية أكاديمية متخصصة في مجال أدب الطفل واليافعين عن التحديات التي واجهت المشهد الثقافي العماني قائلة: خلق الانسان قادراً على التعامل مع متغيرات الحياة وظروفها ، وما رافق المشهد الثقافي من تحديات في ظل جائحة كورونا جعلت المثقفين يعبرون التحديات للعبور إلى الآخر من التواصل لأقارنهم من المثقفين متجاوزين الحدود الجغرافية عبر التقانة واستخدامها بما جعل الوصول للآخر بشكل أيسر وتحقيق التلاقح الثقافي .
وأشارت بأن التقانة شكلت مهرباً من ظروف الجائحة عبر المنصات الاجتماعية المختلفة ، لآن الانسان بطبيعته اجتماعي ، فكان لابد له أن يوجد مساحة تواصل من أجل الاستمرار والعطاء الثقافي، وتم تجاوز كل الظروف المحيطة بالحراك الثقافي واقعياً.
الاستثمار الثقافي لوقت الأسرة والطفل في ظل جائحة كورونا
أوضحت الشامسية بأن الأسرة والطفل كان من الفئات التي عايشت فترة المنع والحجز خلال فترة الجائحة والبقاء لفترات طويلة في حدود المنزل مما وجه المهتمين بهذا المجال البحث عن آليات للاستفادة من ذلك الوقت واستثماره ، فكان التوجه نحو تنفيذ الورش التدريبية للأطفال بمشاركة الاسرة عبر منصات التواصل وكذلك التطبيقات الإلكترونية ؛ ورغم التحديات التي واجهت بعض المشاريع إلى أن العمل بقي مستمراً من خلال وجود الكثير من الجهود المؤسسية ، أو المبادرات الثقافية ، والتعاون الواضح من قبل المختصين والمهتمين وكذلك أولياء الأمور من أجل العبور بالأطفال واليافعين عبر العالم الافتراضي وإيجاد تنوع في الأنشطة التي تناسب المراحل العمرية وكذلك تتوافق مع الحاجة البدنية والفكرية والنفسية وتغذيتها لديهم عبر أنشطة منظمة ، وأتوقع أننا نجحنا في تقديم ذلك خلال فترة الجائحة ما أننا نجحنا في توجيه الاستثمار الصحيح والبناء.
تأثير جائحة كورونا على الأدب والفن
ونظم النادي الثقافي جلسة حوارية افتراضية حول تأثير جائحة كوفيد 19 على الأدب والفن بمشاركة واسعة من ضيوف متخصصين من مختلف الدول العربية، حيث ناقشت الجلسة مدى تفاعل المبدع مع هذه الجائحة، وتأثيرها على نتاجاته الإبداعية ، وكيفية تعايش العالم معها شارك فيها في المحور الخاص بالأدب الشاعر الدكتور أحمد الهلالي من المملكة العربية السعودية، والدكتورة فاطمة العليان والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، أما في محور الفن فتحدث الفنان والمخرج الأردني غنام الغنام، والفنانة البحرينية غادة الفيحان والفنانة التشكيلية العمانية الدكتورة شريفة اليحيائي، وأدارت الجلسة الدكتورة الأديبة آمنة الربيع .، وأثارت الجلسة الحوارية عدد من التساؤلات المرتبطة بالحياة الإبداعية في ظل كورونا، وناقشت الدائرة التي يتحرك فيها المبدع .