ظاهرة فوضى الشكوى

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/مارس/٢٠٢١ ٠٨:٣٧ ص
ظاهرة فوضى الشكوى

بقلم : خالد عرابي

إن المتأمل في بعض نتائج ما وصلنا إليه حتى الآن جراء جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) يجد أنه رغم أننا لم نخرج من عنق الزجاجة بالنسبة للجائحة بعد، و رغم أننا ما زلنا في القاع نضرب أخماس في أسداس لا ندري ما العمل ولا إلى أين المسير، إلا أن من أبرز ما سببته الجائحة حدوث أزمات لا حصر لها، فبالإضافة إلى ما كبدت العالم من خسائر بشرية واقتصادية ومادية وبقدر ما أصابة العالم من علل نفسية إلا أن التأثيرات الاجتماعية للظاهرة جد خطيرة ولا يقل بحال من الأحوال عن غيرها من العلل والتأثيرات الأخرى .

وتأتي واحدة من أبرز التأثيرات الاجتماعية وتلك العلل التي لاحظت أنها تنتشر مؤخرا بمجتمعنا العماني ظاهرة "فوضى الشكوى" أو "العويل على جدار وسائل التواصل الاجتماعي" وأقول بأنها إشكالية لأنها جديدة على المجتمع العماني، هذه المشكلة التي وإن كانت ليست بظاهرة كبيرة إلا أنها تمثل مشكلة وتحسب على أنها ظاهرة لما عرف عن عمان من الهدوء والسكينة والوقار والعفة .. ولذا ففي أي جانب من الجوانب إن حدوث حادثة أو حالة واحدة بين مجتمع يصل تعداد سكانه إلى خمسة ملايين نسمة يعتبرها البعض ظاهرة، في حين أنه في أي دولة أخرى من العالم نجد أن هناك العشرات بل المئات والآلاف من مثل هذا الحدث ولا يعتبرها البعض ظاهرة بل يرونها أمر عادي، و يبررون لأنهم اعتادوا عليها هناك.

هذا الأمر الذي أردت أن ألفت النظ إليه لاعتبار البعض له وكأنه ظاهرة أو إشكالية اجتماعية - رغم أنها وو فقا لقواعد التصنيف والقياسات لا تعد ظاهرة بالمعنى الحقيقي- إلا أن التنبيه هنا من قبيل عدم منح الفرصة لبعض المتربصين لمثل هذه الأشياء حتى لا يستغلوها للاساءة إلى الوطن .

وشبه الظاهرة هذه "كما أردت أن أطلق عليها و "فوضى الشكوى" مع ضغوطات أثار جائحة فيروس كورونا المستجد جعلت البعض يخرج مؤخر ويستغل وسائل التواصل الاجتماعي ليملأها بضجيج وفوضى الشكوى وأنه يعاني ويحتاج إلى مساعدة أو كذا وكذا وأنه لم يعد قادر على مجابهة القوة والأضرار القاسية التي ضربت بها كورونا العالم.

من المؤكد والمعلوم للجميع أن الجائحة أضرت بالكثيرين وخاصة أصحاب الدخول المحدودة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن هناك كثير من الناس خسروا أجزاء من رواتبهم كما أن هناك من خسروا وظائفهم ومن خسروا أعمالهم إلى غير ذلك من التأثيرات الاقتصادية، ولكن وفي ذات الوقت فإن قيام البعض بمحاولة الاستفادة من هذا الأمر من خلال فوضى الشكوى وملأ وسائل التواصل الاجتماعي والدنيا شكوى وعويل وأدعاء الفاقة والحاجة أيضا يضر بل ويسيء إلى المجتمع .

نحن نعلم أن المواطنيين والمقيمين على أرض السلطنة أفضل حالا من كثير من الدول وأن الحكومة العمانية لا تدخر وسعا في الوقوف بجانب المواطنيين والمقيمين في الجائحة وأن الدولة والحكومة مشكورة وفي ظل التوجيهات السامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله و رعاه- قامت بالعديد من الخطط والأمور التي تخفف من الأعباء عن كاهل من أضيروا من المواطنيين من عدة تأجيلات لأقساط البنوك وإعفاءات من رسوم، وغيرها الكثير وما زالت الدولة والحكومة تعمل على تقديم المزيد مما يخفف من وطأة هذه الأزمة العالمية على الجميع من المواطنين والمقيمين.

أي نعم أن هناك حالات صعبة وهذا ليس في عمان وحدها وإنما في العالم فحتى في أعظم دول العالم الولايات المتحدة الأمريكية ومن بتابع ذلك ويطلع على الاحصائيات يقرأ كل يوم أن هناك الملايين هناك فقدوا وظائفهم وأن عشرات بل مئات الألاف تقدموا للحصول على إعانات ومساعدات ولكن في المقابل لم نجد الخروج والشكوى وملأ الدنيا ضجيجا وجدية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

إن مجتمعنا العماني مجتمع عرفت عنه العفة والاحترام و النأي بالنفس عن التشهير ولذا فإن من الجيد والأفضل أن من لديه حاجة أو شكوى أو ما إلى ذلك أن يتبع المسارات الرسمية المعروفة وأبرزها التقدم للجهات المسؤولة مباشرة بتقديم طلب أو شكوى بحاجته وبالتأكيد سيجد الاستجابة وبحث مشكلته وتقديم الحلول والمساعدة .

ولكن و في المقابل أيضا فمن المهم والضروري على الجهات المسؤولة أن لا تدخر وسعا في الترحيب بهذه الشكاوي وتحديد الخطوط الساخنة والإعلان عنها وتقديد الحلول الناجعة والضرورية لمشاكل الناس حتى نجنب أنفسنا ومجتمعنا فوضى الشكوى ونجنب المجتمع والوطن استغلال بعض المتربصين بالوطن من استغلال هذه الشكاوى و من القيل و القال وذل السؤال.