بقلم : علي المطاعني
مع الجهود المبذولة مابرحت في تعزيز منظومة التعليم عن بعد أو الدمج بينهما وما يحمله هذا التوجه من آمال وتطلعات في أحداث نقلة نوعية في التعليم في السلطنة، إلا أن هناك فئة لم تحظ بالمراعاة في التعليم عن بعد، ألا هم المعلمين والمعلمات الذين تحملوا الأعباء كلها إنابة عن الوزارة ومديرياتها الذين يقفون (عن بعد) أشبه بالمتفرجين على مسرحية التعليم (عن بعد) ومعاناة المدرسين مع الطلبة والطالبات وما يواجهونه من عنت وظروف صعبة نتيجة لتدني توفير متطلبات التعليم (عن بعد) من الأجهزة الإلكترونية وتكلفة الإتصالات والأدوات التعليمية المساعدة، وإتصالات الأهالي حول إشكاليات دخول أبناءهم في الدروس عن بعد والشكاوى الغير محدودة ليل نهار، الأمر الذي يتطلب من وزارة التربية والتعليم الوقوف عليها لتخفيف هذه الأعباء وإنجاح وإستدامة عملية التعليم عن بعد..بلاشك أن العملية التعليمية تشهد تحولا نوعيا سوف تجني البلاد نتائجه الطيبة في المستقبل بحول الله، وندرك بأن هذه المرحلة تعد انتقالية في تحول التعليم من حالة لأخرى وما يواكبها من تحديات يتعين الوقوف عليها بشكل يومي وممنهج وإيجاد حلول فورية لها لضمان إستدامة المنظومة التعليمية عن بعد ورفع أثقال المتاعب عن كاهل المعلمين والمعلمات وإذ هم يتحملون أعباء هذه المرحلة لوحدهم.. فالوزارة ليس مسؤوليتها تتمحور في إصدار الأوامر والقرارات ببدء النظام التعليمي عن بعد فقط، لكن الأهم هو كيف يتم ذلك، فهل المعلمين والمعلمات تم تزويدهم مسبقا بالحواسب الآلية المحمولة كخيار أول أو الثابتة كخيار ثاني كأحد أهم أدوات التعليم عن بعد كغيرهم من موظفي الدولة الذين وفرت لهم كل الأدوات المساعدة حتى أقلام الرصاص، في حين أن المعلمين لا يملكون حتى هذا القلم فما بالنا الأجهزة، بل هم يدفعون رسوم تكلفة الأنترنت الشهري بالسرعات العالية جدا لتستوعب عدد الطلبة ومتطلبات التعليم التي تحتاج شبكات قوية وسرعات عاليه، كلها حقائق تضيف أعباء على كاهل المعلمين شهريا.. لا تقف معاناة المعلمين عند هذا الحد وفي إطار التكاليف المادية لشراء متطلبات التعليم الجديدة ولا التكاليف الشهرية فحسب، وإنما يمتد العناء ويتواصل إلى أن يلتحم مع الضغط النفسي والإجتماعي المتواصل على مدار الساعة مع الأهالي وإستفساراتهم التي لا تتوقف عن الشبكة ومشاكلها وحتمية وجدلية الدخول إليها للإستمرار في تلقي الدروس، وبذلك فأن معاناتهم تكنولوجية إلكترونية وتعليمية في آن معا، فهواتفهم الشخصية تحولت إلى (بدالات) طوارئ على مدار الساعة تستقبل الأسئلة الحيرى وكلها في وحول (إبني وبنتي، وأيش أسوي، وكيف أشغلها وما قادرين ندش الشبكة، وكيف ندش الخ)، وتزداد معاناة هؤلاء الأجلاء المساكين مع التقويم ونتائج الإمتحانات حيت ترتفع وتيرة الشكاوى إلى أعلى سقف ممكن ومتاح، وإستقبال اللوم والتوبيخ ومر الكلام أحيانا، وكل تبعات وويلات تجربة التعليم عن بد منصبة على رؤوسهم التي كنا نأمل أن نتركها تحتفظ بالعلم الذي بها، فإذا نحن نضيف إليها وإليهم ما لايتعين علينا فعله أصلا تقديرا وتوقيرا لهم، كل ذلك حدث ويحدث والوزارة ومديرياتها بعيدين كل البعد عن المشهد.ونحسب أن وزارة التربية والتعليم لا تقيم وزنا لهذه التكاليف والضغوط النفسية والإجتماعية التي يعاني منها المعلمين والمعلمات وما يواجهونه مع أسرهم من إشكاليات نتيجة لهذه التجربة الإجبارية، مع ذلك الوزارة تلزم المعلمين بحتمية الحضور الإلزامي والانصراف للمدارس وتوقيع البصمة، رغم أن شبكات المدارس ذاتها غير كافية وغير قادرة على إستيعاب كثافة الإتصالات وتوفير الأنترنت لكل المعلمين والمعلمات مع جدلية الوفاء بالإحتياطات الصحية المطلوبة، هو واقع يضع المعلمين بين نارين كلاهما حارق ومفضي للرماد، لينبثق من بين ثنايا الجراح السؤال الحاسم حول هل التعليم عن بعد هو مسؤولية المعلم لوحده، أم أن المسؤولية تضامنية مع كل من يهمه الأمر، وأن كانت الإحتمال الثاني هو الحقيقة إذن لماذا يتحمل المعلمين كل هذه الأعباء وحدهم بخلاف موظفي الدولة الذين يعملوا عن بعد.. بالطبع نقدر عاليا الجهود المبذولة من الوزارة في انتهاج التعليم عن بعد كحل للمعضلة الصحية، لكن لا يجب أن يتحمل المعلم وحده كل هذه المسؤولية الجسيمة التي تنؤ بحملها الجبال، فالأمر إذن يتطلب أيجاد منظومة تعليمية أكثر كفاءة ويشارك فيها الجميع وتخفف عبرها الأعباء عن كاهل هذا الذي كاد أن يكون رسولا.. نأمل من وزارة التربية والتعليم أن تولى هذا الجانب كل الإهتمام وتبدأ في حلحلة إشكاليات المعلمين التي يواجهونها وهم يخوضون حتى الكتفين في أوحال منظومة التعليم عن بعد وبغير أن تلقى عليهم من عل حبال النجدة.