بقلم : خالد عرابي
بينما أنا مشغول في المكتب وإذا بإحدى الجهات المهمة تخرج بقرار مهم ويمس كل شخص على أرض السلطنة من المواطن والمقيم، وتابعه الجميع بما فيهم من بالمكتب بكل اهتمام، ولكن ما إن فرغنا من قراءة الخبر وتناقشنا حوله إلا ووجدنا أنفسنا محاطين بعلامات الاستفهام من كل صوب حول ما جاء في القرار.. فهذا يسأل متي يطبق القرار وذاك يتسائل: وماذا يعني بــ (........) وثالث يسأل وماذا يعني بـ (......).. المختصر المفيد أننا قرأنا الخبر وعرفنا القرار ولكن ما نجهله عنه أكثر، وكان من الأفضل بالنسبة لنا ألا نعرف عنه لأننا كنا قد رحمنا أنفسنا مما نحن فيه من حيرة بسبب ما نجهله عن القرار.
اللافت للنظر والمهم والذي اختصر الأمر في جملة واحدة أن أحد الحضور علق قائلا: "كما العادة ما شي واضح "، فرد عليه آخر بعبارة أقوى قائلا: "القرار يحتاج إلى كتالوج كما التلفاز" يقصد أنه مثل أي جهاز إلكتروني يأتي معه دليل يشرح كيفية تشغيله وكيف يتم التعامل معه، أو تفاصيله لكي يفهم الزبون طريقة التعامل معه.
الأغرب في هذا الأمر أنني تابعت ردة الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي فوجدت الكثير من العبارات على وزن الجملة السابقة: "كما العادة .. ما فهمنا شي .. ما شي واضح".. ورغم أنني شخصيا ومنذ فترة بعيدة كان لي مثل هذه الانطباعات على كثير من الأخبار والتقارير الصحفية التي تصلنا كإعلاميين وكذلك مثل هذه القرارات التي تصدر، لأنها في كثير من القرارات مقتطعة وناقصة المعلومات أو مجهلة في كثير من الأحيان، وكأنها تعني الإخفاء أكثر من الإعلام، والتجهيل بدلا من التوضيح، وتحيير القاريء والمتابع بدلا من التوضيح له.. وتابعت بعد ذلك مع كثير من الأخبار والتقارير ولكن كان نصيب الأسد منها هو الاجتزاء وعدم الوضوح ونقص المعلومة وتحيير القاريء بدلا من إخباره وإعلامه بأمر ما.
التساؤل المهم هنا: من يصيغ مثل هذه القرارات، ومن يكتب هذه البيانات والأخبار؟ وهل هذا يحدث بالصدفة البحتة أم بدون علم ممن يكتبها ويصيغها؟ أم هو مقصود؟ وأجيب بصرحة شديدة: إذا كان ما يحدث بدون علم فهذه مصيبة لأنه يعني أننا لم نختر الرجل المناسب في المكان المناسب، وأنه -أي القائم على الأمر- لا يدرك أهمية الأمر وهو أن الهدف الإعلام والتوضيح إلى أقصى حد.. وإن كان هذا الأمر عن قصد فهو كارثة - والأخيرة "الكارثة" أكبر من المصيبة - وذلك لأنه إذا كان الهدف من إصدار قرار أو بيان أو نشر خبر ما هو إعلام الناس والتوضيح لهم .. وإذا جاء الخبر الذي صدر مقتطع وأغلب أهم المعلومات التي يجب أن يعلمها المتلقي مجهلة، بدءا من متى وأين وكم وكيف وغيرها.. فإن عدم وضوح الخبر أو البيان يحدثا لغطا كبيرا وبلبلة" و يثير القيل والقال، كما يعطي مساحات كبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي ومن يفتون بغير علم في كل شيء .
قصص وأمثلة كثيرة حدثت وتحدث كل يوم أمام أعيننا حول قرارات وبيانات تصدرمن جهات ومؤسسات، وخاصة في القطاع الحكومي، وتأتي مجزوئة وتحتاج إلى توضيح ونجد أن الكثير من مفتي وسائل التواصل الاجتماعي يفسرونها وفقا لآرائهم بل وأهوائهم وبعض أو كثير منهم لا نعرف ما هي أهوائهم وهنا تكون الكارثة حيث يحدث الكثير من اللغط والبلبلة ونجد تفسيرات وفقا للأهواء، ونحاول نحن الإعلاميين في المؤسسات الإعلامية المسؤولة كالصحف نهرول ونتواصل مع مسئولي دوائر الإعلام في تلك المؤسسات، ومع هذا قد يكون بلا فائدة وقد لا نجد من يتعاون ويوضح لنا الأمر، وفي بعض الأحيان إن وجدنا من يوضحه فقد يكون بعد مضي الوقت، وبعد أن يجدوا أن الأخطاء في التفسير والشائعات كثرت، فيضطرون إلى إصدار بيان آخر للتوضيح.
وهنا يكون السؤال الأهم وهو لماذا لا يكون هناك حرص ومن البداية على إصدار قرار أو بيان مدروس وواضح، يطرح كافة التفاصيل وأن كل ما على من يصدره أو يكتبه هو أن يضع نفسه مكان المتلقي ويفكر في ما هي الأسئلة التي يمكن أن تطرح ويجيب عليها حتى لا تظل هناك معلومات ناقصة ومجهلة وتفتح الباب على مصرعية للشائعات والقيل والقال وسوء النوايا وذل السؤال.