مسقط - الشبيبة
قال سعادة السفير توشينوري كوباياشي، سفير اليابان المعتمد لدى السلطنة: هناك قصة شعبية يابانية قديمة تحكي عن صياد سمك قام بإنقاذ سلحفاة بحرية دُعي بعدها لركوب تلك السلحفاة في رحلة تحت الماء إلى مملكة بديعة وسرمدية. لقد كانت رحلتي عبر المحيط إلى سلطنة عمان قبل عامين أكثر تقليدية بكثير، ومع ذلك وجدت نفسي أيضاً في أرض جميلة ذات طبيعة خلابة، ومجتمع ينبض بالحياة، وروعة دائمة، ومن ثم أشعر بأنني محظوظ بشكل غير عادي لأن أجرب أسلوب الحياة على الطريقة العمانية. السلطنة أيضاً وبطبيعة الحال لديها وفرة من السلاحف وكلما شاهدت الشكل البديع لإحدى السلاحف قبالة ساحل هذا البلد، ينتابني شعور غريب بأن بلدينا ارتبطتا بطريقة أو بأخرى بهذه المخلوقات الجميلة منذ دهور.
كثيراً ما ألاحظ وأقدر التشابه غير المتوقع بين ثقافة بلدينا على الرغم من أنه تفصلنا أكثر من 8000 كيلو متر، إضافة إلى تباين المناخ واختلاف اللغة والسلالة، ومع ذلك فإن الشعور القوي بالرعاية المجتمعية، والمجتمع الذي يسترشد بمبادئ النزاهة والإخلاص، وتقاليد حسن الضيافة والكرم التي نعتز بها هي الصفات المشتركة بين شعبينا وتشكل الخيوط الخفية التي تربط صداقتنا الدولية، وكذلك الحال بالنسبة لتراثنا البحري المشترك؛ فدول مثل بلدينا والتي شكلتها الأمواج تدرك مدى الأهمية الحيوية لتعزيز التعاون مع البلدان الأخرى فيما وراء البحار.
إنّ صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - كان لديه رؤية ثاقبة، وفي ظل قيادته الرشيدة أسست السلطنة موقف دبلوماسي فريد من الحياد الإيجابي نال الاعجاب بشكل كبير، ومنذ توليه مقاليد الحكم أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - المسار العماني الفريد للنهج السلمي تجاه جميع الدول وعززه. إنّ الجهد الكبير الذي تبذله السلطنة للمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم يحظى بالتقدير من جانب اليابان بوصفه عملاً نبيلاً جدير بالإشادة. إنّ "الحمض النووي" المشترك بيننا كدولتين بحريتين يخلق وعياً كبيراً بالأهمية القصوى للحفاظ على الأمن البحري وضمان مزاولة النشاط الاقتصادي في المحيطات دون عائق، وقد أقنعتنا مثل هذه الأولويات المتسقة بشكل جيد بأن سلطنة عمان شريك مؤكد وهام في مفهوم “منطقة محيط هندي وهادئ حرة ومفتوحة".
بطبيعة الحال تتمتع بلدينا بالفعل بعلاقات طويلة الأمد؛ فمن أجهزة الراديو القديمة التي دخلت المتاحف منذ أمد بعيد، إلى المركبات الجديدة اللامعة المعروضة في معارض الوكالات، أشعر بالفخر وأنا أرى أنّ نظرة الشعب العماني للمنتجات اليابانية ومنذ أمد بعيد باعتبارها رمزا للجودة والموثوقية. لا يوجد ما هو أكثر وضوحاً لذلك من السرد الذي يغلفه الحماس لأسماء العلامات التجارية اليابانية من قبل السكان المحليين الأصدقاء حتى في أبعد القرى الجبلية التي قمت بالمغامرة بزيارتها!.
لا تمثل الشعبية الدائمة للسيارات والإلكترونيات اليابانية والرغبة في اقتنائها العامل الوحيد الذي ساهم في الحياة اليومية للعمانيين، فالاتحادات (كونسورتيوم) التي تقودها الشركات اليابانية تنتج حوالي 70 % من الطاقة الكهربائية في السلطنة وأكثر من 25 % من مياه الشرب، وينتابني سعادة غامرة عندما أرى أنّ الشركات اليابانية تدعم معيشة العمانيين بهذه الطريقة، وأتوقع أن تتمكن تكنولوجيتنا من تقديم المزيد من المساعدة لعمان في مجالات مثل حماية البيئة والعلوم الطبية، وعلى الجانب الآخر لا يمكن التقليل من أهمية سلطنة عمان بالنسبة لاستقرار الطاقة في اليابان من خلال إمدادات النفط الخام والغاز الطبيعي.
في مواجهة التحديات العالمية غير المسبوقة التي نجمت عن جائحة "COVID-19"، نجحت حكومة السلطنة من خلال استجابتها الحاسمة في تخفيف الأزمة المأساوية. آمل مخلصاً أنه بمجرد تجاوزنا لهذه الفترة الصعبة، ستظهر الروابط بين اليابان وعمان أقوى من أي وقت مضى.
نحتفل في الثالث والعشرين من شهر فبراير 2021 بعيد الميلاد الحادي والستين لصاحب الجلالة الإمبراطور ناروهيتو. الجدير بالذكر إنّ جلالة الإمبراطور ناروهيتو قام بزيارة رسمية لسلطنة عمان وبصحبته جلالة الإمبراطورة عام 1994 عندما كان ولياً للعهد، وخلاله زيارتهما حظي جلالة الامبراطور وجلالة الامبراطورة بترحاب شديد وحسن الضيافة من جانب صاحب الجلالة السلطان قابوس-طيب الله ثراه-ومن جانب الشعب العماني.
استلهاماً للعلاقات الوثيقة التي تربط بين العائلة الإمبراطورية في اليابان والأسرة الحاكمة في سلطنة عمان، آمل في تعزيز العلاقات بين بلدينا بشكل أكبر، كما أود أن أعبر عن خالص تمنياتي بموفور الصحة والعافية والعمر المديد لكل من صاحب الجلالة الإمبراطور ناروهيتو، وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه.