التوزان الإعلامي المفتقد !

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٢/فبراير/٢٠٢١ ٠٨:٥٢ ص
التوزان الإعلامي المفتقد !

مسقط - الشبيبة

بقلم: علي المطاعني

تم إقرار التوزان الإقتصادي في البلاد بسلاسة خلال الفترة الفائتة وما حمله من خطة طموحة وإن كانت مؤلمة بعض الشئ ، بهدف المحافظة على المكانة المالية للدولة ، وإلغاء العجوزات المالية في الموازنات العامة بحلول 2025 إن شاء الله ، إلا أن هذه الخطط الاقتصادية الإيجابية كانت تفتقر في الواقع للتوازن الإعلامي المصاحب لها خطوة بخطوة والذي يشرح ويوضح بنحو دقيق ماهية هذه الخطط وجدواها للمواطن والمكاسب العائدة إليه بعد سني الصبر على آلامها القسرية للحكومة وللمواطن معا ، فالجميع سواء بسواء في قارب الآمل وهو يبحر في بحر لجي لشواطئ السلامة الذي تبدو معالمه واضحة قبل خط الأفق .

إن التوعية الإعلامية والتثقيفية والتنويرية ببعض الجوانب الحياتية التي تمس الفرد والمجتمع عبر جرعات متساوية في الكمية وفي الفاعلية كان هو الرهان المفتقد في إطار القضية ، فالتركيز كان منصبا كليا طرح المعالجات الاقتصادية بغير أن يتم إلتفات كاف لحتمية وجود توازن إعلامي كامل وفاعل مصاحب لذلك الطرح ، فإذا كان المواطن هو الغاية وهو المستهدف أصلا وحتى يتسنى له إستيعاب مايقال له عبر لغة الأرقام كطرح مُسلم به ، هنا حدثت الفجوة أو الهوة بين ماينبغي أن يكون وبين ماكان وحدث ، وحتى إذا ما أنفض السامر بعد أن أرخى الليل سدوله وجدنا بان هناك الكثير من الناس لم يسايروا الحدث كما ينبغي ، وليس في وسعهم بالتالي الإجابة على السؤال المحوري عن معنى الإجراءات الاقتصادية ولا عن أهدافها ولا عن مراميها ، وجدنا الجدل يدور حولهم وفيهم وهم لايدرون ماذا يقال عنهم وفيهم ، ففي هكذا حال هل نتوقع أن تصل قافلتنا الاقتصادية إلى مبتغاها لننيخ المطايا تحت أشجار الإنتصار على المستحيل ، إشارة إلى أن من يقودون الإبل والنوق لايعرفون إلى أين تتجه القافلة أصلا كانوا يسيرون مع إتجاه الرياح لا أكثر.

ذلك لم يكن هو الهدف ولا كانت تلك هي الطريقة التي توصلنا لقناعات التوازن الفكري المستتبة إركانه في كل العقول وبدون أن يحدث خلل أو إرتباك في الإستيعاب المفضي للقبول والرضى الكامل بكل الخطوات التي إتخذتها الجهات الرسمية في هذا الصدد ، وذلك بعد تبسيط كل الخطوات وإشباعها تحليلا وشرحا حتى تغدو في متناول الجميع بغير إستثناء وعبر كافل وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي.

فما تم كان عبارة عن محاولات مشوهة عبر إقتطاع إجزاء متفرقة من المحتوى الإعلامي تارة ، وإجتراء أجزاء من البيانات إلى غير ذلك من ممارسات رسخت صورة ذهنية سالبة أفقدت المتلقي الثقة في الجهات الرسمية التي إضطلعت بهذه المهمة الشاقة ، هذا الواقع يتطلب سرعة إتخاذ خطط وخطوات إنقاذ تمضي عبر مسارات مختلفة ولتلتقي في نهاية المطاف في نقطة واحدة شديدة التوهج وتعني تصحيح تفاصيل الصورة وتحسين قدرة النظر إليها لإستبانة تفاصيلها الدقيقة الغائرة.

ذلك يتطلب إيجاد كفاءات إعلامية مقتدرة وقادرة على صنع المحتوى الإعلامي السليم والمبرأ من العيوب والعاهات وفي ذات الوقت يمتلك سرعة التحرك الإيجابي بين أجهزة الدولة والمشتغلين في هذا المجال الحيوي الذي لاغنى عنه في كل الخطوات التنموية والإقتصادية الهادفة لإسعاد المواطن في كل شبر من ثرى هذه الأرض الطيبة.

من ذلك نخلص إلى أن خطة التوازن الإعلامي المرتجاة تهدف إلى إعادة الثقة بالأجهزة الحكومية والمغيبة كانت بسبب غياب مفهوم هذا التوازن وأهميتة للسير رفيقا دائما وأبديا مع كل البرامج والخطط الاقتصادية بكافة أشكالها لتوضيح ماهيه الإجراءات وكيفية التعامل معها ، وبهدف تعظيم الجوانب الإيجابية وتمكين المجتمع من التغلب على التحديات وفتح آفاق للبحث عن بدائل مناسبة للمعضلات والعسرات عبر التكيف المرن من المتغيرات والمستجدات.

إن البدء في تطبيق إجراءات التوازن الاقتصادي والمالي بدون توضيح كيفية التعامل بالإجراءات المالية المصاحبة لرفع الدعم عن الكهرباء والمياه ، أو التعامل مع أنظمة التقاعد أو خطط وزارة العمل أو غيرها ، وذلك عبر فريق إعلامي متخصص يوضح الأهداف ويجيب على التساؤلات ويختار القنوات والوسائل لبلورة ما يجب وما يتعين عمله كان هو الحلقة المفقودة في هذا السلسلة الطويلة المترابطة إفتراضا.

ففي الوقت الذي يمكن تلمس التأثيرات الجانبية لهذه الخطط والإحساس بوخزاتها إلا إنها وفي مطلق الأحوال ليست بتلك الصورة التي يصورها البعض وليست بتلك المبالغة التي يتخيلها البعض الآخر عبر أشكال وأنماط مختلفة نراها واضحة في حسابات التواصل الإجتماعية على هيئة سحابة سوداء كئيبة غطت سماء البلاد وطرحت ظلامها الدامس على الأرض والحياة والوجود .. نامل أن تتضح معالم توازن أعلامي رشيد ورشيق يتسق ويتماشي مع الخطط والبرامج الاقتصادية والتنموية الآنية والمستقبلية وبما يحقق الأهداف والغايات المأمولة وصولا للصيغة المثلى التي ترضي الجميع.