مسقط - الشبيبة
بقلم: علي المطاعني
أطلعت على خطة وزارة العمل للفترة القادمة من كافة جوانبها ولكل الأطراف (الإنتاجية) ذات العلاقة وما تحمله من تطلعات كبيرة لإدارة سوق العمل وتنظيمه وقد تمس الخطة الجميع سواء العاملين في قطاعات العمل أو الشركات أو بمعنى آخر فإنها عادلة لكل طرف ، ومنصفة للجميع في إطار مرحلة جديدة من التعاطي لبناء ثقافة عمل جديدة تقوم على الإنتاجية والإلتزام والجدية ومكافأة المجتهدين في العمل ، وتقوم في المقابل وفي إطار إستتباب ميزان العدل على جزاءات يتحملها من يقع في الأخطاء ، وتسودها الشفافية والصراحة والمكاشفة في التعاطي مع الواقع بكل تجلياته وايجابياته وسلبياته بهدف تصحيح المسار وفتح آفاق أوسع نحو التطور والتقدم في سوق العمل بإعتباره الأساس في النهوض بمجالات العمل والتطور الذي تنشده كافة القطاعات الاقتصادية بالبلاد ، إرتكازا على حقيقة أن الإنسان هو رأس التغيير الذي يفترض أن يتواكب مع المعطيات الراهنة وظروفها ويعمل على تبديل واقعه إلى الأفضل ، على ذلك لاينبغي أن يستكين في مكانه إلى الأبد ، أو يقاوم التغيير الإجباري الذي يكتنف العالم والجميع على علم به بطبيعة الحال ، وإن نحن لم نستوعب تلك الحقائق الدامغة فذلك يعني بأننا قد جنينا على أنفسنا وبأيدينا.
الأمر الذي يتطلب منا جميعا حكومة وقطاع خاص ومجتمع التعاطي بمسؤولية مع مقتضيات المرحلة القادمة وفهم ما يجري في العالم والتطلع دوما للأفضل ، فالتغيير الذي ننشده ونتطلع إليه تنطلق بواعثه من الفرد بدءا فهو العامل وهو رب العمل ، وهو الموجه والمخطط ، فإذا لم يكن متوافقا مع المتغيرات وموكبا للمستجدات فإن التغيير الذي نتطلع اليه لن يحدث هكذا ببساطة.
ففي البداية يجب أن نؤمن بأن خطة وزارة العمل وما تحمله من طموحات ومشروعات وتدريب وإجراءات وقبل كل ذلك إلتزام بتوظيف 32 ألف مواطن وتدريب أكثر من عشرة آلاف باحث عن عمل وغيرها من المبادرات والتطلعات ، كلها آمال لن تنجح إذا لم نتكاتف ونتعاضد جميعا معها ومن كافة أطراف الإنتاج ، وهذه حقيقة لابد أن نؤمن بها إذا أردنا الوصول لأهدافنا بعيدة المدى في خضم المتغيرات الدولية التي تعصف بالعالم ، وهو عالم يموج بتنافس لا رحمة فيه لجذب الإستثمارات.
ومن جانب آخر علينا جميعا التحلي بالتفاؤل ونبذ التشاؤم والنأي عن التساهل في إدارة هذا الجانب و غيره من الجوانب فليس هناك مستحيل تحت الشمس إذا تضافرت الجهود وآمنا بقدراتنا على تجاوز التحديات مهما كانت ومهما بدت صخرية الملمس.
إن توظيف هذا العدد الكبير في القطاعين العام والخاص لا نراه معجزة أو مستحيلا ، فالأعمال متوفرة في كافة المجالات ، فقط علينا أن نحسن الظن بكوادرنا الوطنية وأن نمنحهم الثقة الكاملة فيهم وفي قدراتهم المكبوته ليتسنى لنا الإنطلاق على صيغة إبداع منقطع النظير، فهؤلاء الشباب لهم الحق في خدمة وطنهم، وأن الوطن يبادلهم إعزازا بإعزاز عبر سن القوانين والتشريعات التي تكفل لهم الحياة الكريمة، وعلى رأس تلك التشريعات النظام الأساسي الجديد للدولة الذي أكد على هذا الحق بدون مواربة.
فسوق العمل يستوعب الآن أكثر من مليون ونصف عامل ، وليس مستحيلا تبعا لذلك أن نوظف 32 ألف باحث عن عمل وندرب عشرة آلاف باحث عن عمل في غضون عام من الآن ، فالبرامج تُصنع والمبادرات تُقترح والمؤسسات التدريبية موجودة وقادرة على تلبية النداء ، فلماذا نثير الإشكاليات في كل جهد وطني يستهدف الأفضل لأبناء هذا الوطن ، فالنوايا أن أمست صافية ونقية فما من شك أن الصعاب ستتساقط أمامها من تلقاء ذاتها.
الجانب الآخر فإن الخطة وبعد إطلاعي عليها يمكنني القول بأنها ليست موجهة لطرف دون الآخر، بل هي منصفة للجميع سواء أكانوا شركات أو موظفين اوجهات حكومية أو كل ماله علاقة بالأمر، وتحمل في طياتها الكثير من التوجهات الإيجابية والإجراءات التصحيحية لسوق العمل الذي يعاني من تشوهات واضحة ولابد من أن نعطي القائمين عليه في وزارة العمل الفرصة والمجال لكي يبدأوا في عملية التصحيح والترميم والتعديل عسى أن يكتب على أياديهم ما نتطلع ونصبو إليه في سوق عمل يتصف بالديناميكية والفاعلية التي نطمح أن يكون عليها.
بالطبع التحديات موجودة في أي وقت وحين ، خاصة في التعاطي مع أطراف متعارضة المصالح ومتضاربة التوجهات مثل حالة (سوق العمل) به ثلاثة أطراف كل طرف له توجهاته واجندته الخاصة به، فالتوفيق بينهم ليس بالأمر السهل أو الهين ، وعلينا أن نتصف بالمرونة والإيجابية في تعاطينا مع هذا الملف الأخطر على الإطلاق إذ هو يمس حاضر ومسقبل البلاد والمتمثل في شباب الوطن.
نأمل من الجميع ان يتفهم أولا دواعي المرحلة والتطلعات المشروعة للمستقبل وأن نكون على ثقة بأننا وإذا ما أردنا رسم خارطة طريق للمستقبل الآتى علينا أن نعمد لتغيير ما بأنفسنا ، إذ لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم تلك حقيقة مثلى.