بقلم:علي المطاعني
اتّصل بي أحد المتقاعدين الجدد، ممن رغبوا في جدولة قروضهم الشخصيّة ضمن البرنامج الذي أطلقه البنك المركزي العماني،وحظي بمباركةٍ سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- لتعديل شروط سداد القروض والتمويلات الشخصية الممنوحة للمتقاعدين في القطاعين العام والخاص، بمراعاة المتقاعدين والتزاماتهم.
يقول المتقاعد في اتصاله أنّه توجه إلى الشركة المعنية لتأمين قرضه وفق ما طلبه البنك منه، إلا أنّ المفاجأة التي كانت بانتظاره أنّ شركة التأمين طلبت منه إجراء فحص طبي، وأضاف أنه بعد الفحص تبيّن للشركة أنّي أعاني من مرض السكري، فما كان من الشركة إلا أن رفضت تأمين القرض الخاص به، ورجعت بخفي حنين بعد أن قال لي البنك: (إنّ إعادة الجدولة لا تنطبق على حالتك).
وأردف المتقاعد قائلا: (عندما طلبت القرض لم يطلب مني أحد إجراء فحص طبي، وكنت وقتها مصابا بمرض السكري وملازمًا لي بوصفه أحد الأمراض المزمنة).. انتهى كلام المتقاعد.
لا أدري ما الدوافع والمسببات التي جعلت شركة التأمين لا تستجيب، وتتكيف مع ما طرحه برنامج جدولة قروض المتقاعدين من تعديلات، بدون شروط وإجراءات تفسد ما ورد في البرنامج من مزايا مُنحت للمتقاعدين لتوفيق أوضاعهم المالية والتزاماتهم.
فبلاشك أنّ برامج تعديلات قروض المتقاعدين جاءت كاستثناء من الإجراءات المتبعة في الإقراض وجدولته، بل لم تتضمن أي شروط تفرضها بعض شركات التأمين والبنوك أكثر من ألا تزيد نسبة الخصم من الراتب التقاعدي عن 30 بالمائة من إجمالي الراتب للذين تقل رواتبهم عن 1500 ريال شهريا، فكيف لبعض الشركات التأمين ألا تنصاع لهذه المباركة السامية، وتغرد خارج السرب في تعاطيها مع المتقاعدين، برفض تأمين قروضهم، في حين أنّ الأمور واضحة بأن تتم جدولة قروض المتقاعدين.
وأن يمدد السداد إلى أن تصل أعمارهم إلى ال 70 عامًا بدون أي اشتراطات أو إجراءات مخالفة للتعديلات.
فعلى البنك المركزي العماني والهيئة العامة لسوق المال معالجة هذه الإشكالية البسيطة في عدم التأمين على من لديهم أعراض صحيّة مثل مرض السكري والضغط، فهذه الأمور بديهية في أعمار كثير من المتقاعدين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما وما فوق أو أقل في بعض الحالات، فعليهم ألا يضعوا العراقيل أمام المتقاعدين وألا يكدروا خواطرهم بحرمانهم من الاستفادة من التعديلات التي باركها المقام السامي.
إنّ التعديلات التي جدولت سداد قروض المتقاعدين في البنوك العاملة في السلطنة أوجدت نوعًا من الارتياح لدى شرائح واسعة من المتقاعدين، وخففت نوعا ما من الضغوط المالية التي ستترتب على استقطاع جزء من رواتبهم بعد التقاعد وجدولة قروضهم.
إلا أنّ بعض شركات التأمين ترغب في إفساد هذه الفرحة وقتلها في نفوس بعض الحالات التي تعاني من مرض السكري -على سبيل المثال- بعدم تأمين قروضهم، فأين يولون وجوههم في هذا الشأن؟ وكيف يمكن إزالة هــــذه العراقيل؟.
كلنا نعلم أنّ شركات التأمين والبنوك هي المستفيدة الأولى من جدولة القروض، فبزيادة المدة تزيد الفوائد كأمر طبيعي وبديهي حتى، والجانب الآخر أنّ القروض المؤمنة من شركات التأمين مُعاد تأمينها من شركات أكبر، وهكذا دواليك، فهذه المخاطر مأخوذة في الحسبان لدى شركات التأمين.
في المقابل فإنّ السؤال المطروح هنا هو: لماذا هذه المغالاة في الاشتراطات والإجراءات في مثل هذه البرامج، التي جاءت بعد دراسات وموافقات من جهات عدة؟ بل كم عدد المتقاعدين المصابين بمرض السكري -على سبيل المثال- وما الذي سيترتب على تأمين قروضهم؟
نأمل في معالجة هذه الجزئية التي لن تضيّع البرنامج ولن تسيء إليه بسبب هذه الأمور البسيطة، التي يجب ألا تُعطي صورة خاطئة للبرنامج، وما يشكله من أهميّة كبيرة في تسوية أوضاع المتقاعدين.