علي المطاعني
في الوقت الذي يُفترض فيه من وزارتي الصحة والخدمة المدنية تشديد الإجراءات الخاصة بالإجازات المرضية الواردة من مستشفيات خارج السلطنة تلافيًا للتلاعب في هذا الجانب، إلا أنها أصدرت - أي وزارة الصحة - تعميمًا رقم (2) باعتماد الإجازات المرضية الممنوحة من مستشفيات خارج البلاد، وذلك استنادًا إلى رسالتي وزارة الخدمة المدنية رقم 1356/2019 و 1312/ 2018م بخصوص اعتماد الإجازات المرضية الممنوحة للموظفين من خارج السلطنة دون إعادة النظر في المدة الزمنية المحددة بها، وأُوقف العمل بالتعميم رقم 2/2017 الصادر في 12/11/2017م. وذلك يعني فتح شهية المتلاعبين وهم بالتأكيد (قلة)، الأمر الذي يستدعي وضع المزيد من الضوابط كإعادة الكشف عليهم للتأكد والتحقق من صحة الأمراض التي بموجبها مُنحوا تلك الإجازات .
لا نعلم إنْ كانت وزارتا الخدمة المدنية والصحة تعلمان فعلاً بأن هكذا قرار سيفتح الباب على مصراعيه لأولئك القلائل لاستغلال هذه القرارات والتسهيلات أم لا، فما نعرفه أن مستشفيات السلطنة تعاني من مسألة الإجازات المرضية رغم التشديد ورغم الضوابط الصارمة الموضوعة في هذا الصدد، ليأتي القرار الجديد ليضيف عبئًا جديدًا على منظومة العمل والإنتاج بالبلاد؛ فمثل هذه القرارات لها أبعاد اقتصادية سالبة لا يُستهان بها إذ تعد خصمًا وعبئًا على الفاعلية الإنتاجية لمؤسسات الدولة المختلفة .
صحيح أن هناك حالات مشروعة وصادقة وأمينة تغادر للعلاج بالخارج، وقد تحصل على إجازات مرضية صحيحة ولا غبار عليها وتطابق تمامًا واقع الحال، هؤلاء نقرّ بحقهم في الحصول على إجازات مرضية بالأيام والشهور وحتى بالسنين، ولكن المعضلة في أن أولئك (البعض) يختلطون مع تلك الحالات الصحيحة في حين أن الحقيقة المُثلى تقول إنهم كانوا في رحلة سياحية للترفيه عن النفس وزيادة معدلات السعادة والحبور في نفوسهم الأمّارة بالتقاعس والمكتنزة بغضًا وكراهية للعمل والإنتاج .
وبالتالي فإن إتاحة أو إباحة اعتماد الإجازات الطبية الخارجية من قِبل المراكز الصحية في السلطنة سوف يُكسب هذه الإجازات المرضية الوهمية صفة رسمية باعتبارها مصدقًا عليها من مركز صحي عام ومعروف وعليها ختم وزارة الصحة، فحتى الأمس القريب كان الموظف المتمارض يضع ألف حساب بشأن كيفية تصديق وتمرير إجازته المرضية الخارجية من السلطات المختصة بالوزارة، إذ يعلم بأنها ستخضع لإجراءات دقيقة وصارمة حتى تحصل على التصديق اللازم، وهذا ما كانت تضطلع به اللجنة الطبية، والتي تقوم أحيانًا بتقليص المدة الممنوحة كإجازة مرضية وغيرها من قرارات تصب في الصالح العام وتقلم في ذات الوقت أظافر المتلاعبين وتبلغهم بأن الأمر بالغ الجدية والخطر، وفي بعض الأحايين ربما لا يستطيع المريض في الولايات الحضور للمركز الصحي لإجراء اللازم، في هذه الحالة يمكن تخويل أقرب مستشفى له بالمهمة ومن ثم إرسال التقارير للمركز المختص للاعتماد.
نأمل من الوزارتين إعادة الأمور إلى ما كانت عليه بعرض الإجازات الطبية الخارجية للجنة المختصة والمراكز الصحية، إذ المطلوب والمفترض عدم التسامح مع أولئك البعض الذين يستغلون المرض كشعار مرفوع في الحصول على إجازة، كأن العمل عدو يتعيّن النأي عنه غافلين عن حقيقة أنه عبادة عظيمة الشأن، يحقق الإنسان من خلاله ذاته ويُطعم عبره عائلته من رزق الله الحلال.