مسقط - ش
يرى بعض الناس أن الإبلاغ عن إساءة معاملة الأطفال بجميع أشكالها يعد وصمة عار في المجتمع، ولكن تجاوز هذا الاعتقاد الخاطئ هو السبيل الوحيد لتقديم المجرمين للعدالة، بحسب شرطة عمان السلطانية.
في حديث إلى صحيفة الشبيبة وتايمز اوف عمان قال مسؤول بشرطة عمان السلطانية إنه من المهم أن يتوقف الآباء عن الاعتقاد بأن الصمت في مثل هذه الحالات هو الحل الأفضل للطفل.
يقول المسؤول: "عند تعرض الطفل للمضايقة أو الاعتداء، يجب ألا يتردد الآباء أبدا في التحدث إلى الشرطة على الفور. ولكن إذا ظل الآباء صامتين فسيشعر المعتدي بالحرية في تكرار تصرفه مرات أخرى، ولكن إبلاغ الشرطة بالأمر له فوائد كثيرة منها تحقيق العدالة للضحية ونشر الوعي بين الناس وردع المعتدين"، مضيفا أن "التحدث والإبلاغ عن الاعتداء هو أفضل من ترك الطفل الذي تعرض للاعتداء الجنسي يعاني بمفرده."
ويأتي ذلك بعد ضبط ثلاثة أشخاص بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال ومضايقتهم ومحاولة ممارسة الاعتداء الجنسي وتشويه السمعة في مناطق مختلفة من مسقط. ووفقا لشرطة عمان السلطانية، وقعت هذه الجرائم الثلاثة الأسبوع الفائت – وجميعها تتعلق بأطفال تقل أعمارهم عن أحد عشر عاما.
قالت الشرطة: "في الحالة الأولى، تعرض طفل في الثامنة من عمره، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، للاعتداء الجنسي من جانب أحد أقاربه. وفي حادثة أخرى، قام مواطن بإغراء صبي يبلغ من العمر أحد عشر عاما وحاول الاعتداء عليه جنسيا، لكن الطفل بدأ في الصراخ وتمكن من الهرب من المتهم. كما تلقى مركز شرطة الخوض أيضا بلاغا من امرأة قالت إن ابنتها البالغة من العمر أحد عشر عاما تعرضت لمضايقات من عامل في منزل والديها".
الجدير بالذكر أن السلطات القضائية والأمنية في السلطنة تأخذ قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال مأخذ الجد وتضع حماية الأطفال في أعلى درجات سلم الأولويات.
ويضيف المسؤول بالشرطة: "على الآباء أن يطمئنوا أن هذه القضايا يتم حلها سريعا ولا تستغرق شهورا في المحكمة، مما يقلل من أي أثر سلبي على الطفل، وينبغي ألا يظن الآباء أن هوية أطفالهم سيتم الإعلان عنها".
"قد يظن بعض الآباء أنه من الأفضل أن يلوذوا بالصمت وعدم الإبلاغ عن الاعتداء، ولكنهم يجب أن يعلموا أن هذا قد يكون له تأثير خطير على الحالة النفسية للطفل نتيجة الصدمة التي تعرض لها".
وتعمل شرطة عمان السلطانية بكل جد لرفع مستوى الوعي بهذه الحالات، حيث يقول المسؤول: "نحن نبذل كل ما في وسعنا ونعرّف الآباء بالعلامات التي يجب أن يبحثوا عنها ليعرفوا إن كان الطفل قد تعرض لمضايقة. وكلما زاد عدد الحالات التي يتم معرفتها والاطلاع عليها زاد اطمئنان كثير من الناس بأنهم ليسوا وحدهم".
قالت لجينة، وهي أم لأربعة أولاد: "أرى أنه من المهم للغاية بالنسبة للوالدين أن يتحدثوا إلى أبنائهم بشأن الاعتداء، ومن المهم أن يعيش الأبناء في بيئة يشعرون فيها بالأمان للتحدث مع الأب أو الأم في حالة حدوث مثل هذه الأمور".
أضافت لجينة: "أولادي الأربعة تتراوح أعمارهم بين الثالثة والرابعة عشرة، وقد تحدثت بالفعل مع الأكبر سنا منهم عن الأماكن في أجسادهم التي يمكن لمسها وتلك التي لا يمكن لمسها، وأنه يمكنهم التحدث معي دائما عن الأمور التي يرون أنها غير مريحة. أعتقد أن على الآباء والأمهات التحدث إلى أبنائهم حول المضايقات بمجرد بلوغ الطفل السن الذي يستطيع فيه التمييز بين الصواب والخطأ."
وتحدثت لجينة عن تجربتها الخاصة في التحدث مع أبنائها عن المضايقات، قائلة: "يجب ألا يكون الحوار مع الأبناء محرجا. على سبيل المثال، أنا أقوم بمشاركة مقاطع فيديو مفيدة على وسائل التواصل الاجتماعي مع أبنائي لأنهم ولدوا في العصر الرقمي وهم بطبيعة الحال يتعلمون بصريا".
وأضافت لجينة: "أحد الأساليب التي أستخدمها هي أن أسأل أولادي دائما كيف كان يومهم في المدرسة، أو عندما يخرجون أسألهم عما فعلوا أثناء خروجهم. وبهذه الطريقة يفتحون قلوبهم لي بالتدريج ويبدأون في التعود على التحدث معي".
وأضافت لجينة أيضا أنه نظرا لأن العديد من الآباء والأمهات في عمان يعتمدون على الخادمات والمربيات، فمن المهم أن يتعلم الطفل أن هناك مناطق معينة في جسمه يجب ألا يلمسها أحد، سواء كانت الخادمة أو المربية أو غيرهم من العمال.
يقول رئيس مجلس إدارة المدارس الهندية بالسلطنة د.بيبي سام صامويل ، إن إساءة معاملة الأطفال والقُصّر يجب عدم التسامح معها بأي حال من الأحوال، مضيفا: "إساءة معاملة الأطفال بكل أشكالها هي مصدر قلق بالغ، والمدارس الهندية في عمان تدرك أن هذا الأمر يحتاج إلى اليقظة والعمل باستمرار، وقد قام مجلس الإدارة بالفعل بتنفيذ برنامج توعية فريد من نوعه في كل المدارس الهندية في السلطنة بعنوان ’نحن هنا من أجلك – دعنا نتحدث’، حيث تقدم المدارس من خلاله خدمات استشارية على مدار اليوم طوال أيام الأسبوع للمعلمين والطلاب على السواء كوسيلة للتحدث إلى مستشارين مؤهلين في أي وقت من اليوم عبر رقم هاتف مخصص لهذا الأمر. كما أننا نخطط لعقد جلسات توعية مكثفة للأطفال والمعلمين وأولياء الأمور لمعرفة الإساءات بجميع أشكالها ومنعها والإبلاغ عنها".
وتقول استشارية علم النفس في المركز الطبي الكندي في عُمان سارة حسن، إن الأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة غالبا ما يظهرون أعراضا بدنية بسبب الصدمة، وطلبت من الآباء والأمهات مراقبة هذه الأعراض، مضيفة: "بعض الأطفال أكثر مرونة من غيرهم، ولكن في معظم الحالات تترك الإساءة ندبات عقلية وصدمة. فعندما لا يستطيع الطفل الوثوق بمن حوله فإنه يميل إلى الانعزال، وقد يصاب الطفل الذي عانى من سوء المعاملة بالخوف والقلق أو يعاني من أعراض نفسية قد تؤثر على شهيته للطعام، وربما ينام لوقت أكثر أو أقل من المعتاد، وقد يعاني من ألم لا يمكن تفسيره طبيا، وقد يشعر بعدم الرغبة في الذهاب للمدرسة ويشكوا من آلام في المعدة وصداع".