الاستعداد له بدأ باكراً شهر رمضان.. فرصة للتعبد ومساعدة الغير

مزاج الخميس ١٧/مايو/٢٠١٨ ١٢:٣٦ م
الاستعداد له بدأ باكراً


شهر رمضان.. فرصة للتعبد ومساعدة الغير

متابعة - سعيد الهنداسي

تحتفل السلطنة اليوم بأول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1439 هجري أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبركات، وعادة ما تسبق قدوم هذا الضيف الفضيل جملة من الاستعدادات والتحضيرات، وفيما يرى البعض في هذا الشهر فرصة للتعبّد والتقرّب من الله، يرى آخرون أنه فرصة أيضا لزيادة التواصل بين الأرحام وإصلاح الأخطاء. فيما يلي نرصد لكم بعضا من الآراء حول كيفية الاستعداد للشهر الفضيل.

شهر الفرص الجميلة

يتحدّث د.سيف الهادي المذيع بتلفزيون سلطنة عُمان والذي سيطل علينا هذا الشهر من خلال برنامجه الشهير «اسألوا أهل الذكر» الذي يستضيف فيه المفتي العام للسلطنة سماحة الشيخ الجليل العلامة أحمد بن حمد الخليلي، عن الاستعداد لاستقبال هذا الشهر الفضيل، ويقول: إن شهر رمضان فرصة جميلة للمسلم عليه أن يستغلها من أجل تقديم الكثير من العبادات والطاعات وقد أراد الله من هذا الشهر أن يكون مدرسة تأديبية وتأهيلية وتنظيمية، يتعلّم منه الصائم الكثير من القيم التي يجب عليه أن يحرص عليها في حياته، ومن أهم هذه القيم قيادة هذه النفس لأن الكثير من المشكلات التي تحدث في الحياة سببها هو أن الإنسان لا يستطيع السيطرة على غرائزه وشهواته التي يضعف أمامها.
ويوجه د.سيف الهادي رسالته للشباب حول استغلال أيام وليالي الشهر الفضيل بقوله: إن عدم الاستفادة من أيام الشهر الفضيل عند بعض الشباب بالعبادة والاستغفار وقضائه في السهر واللهو يعود بالدرجة الأولى إلى غياب الأهداف في حياة الإنسان، فالإنسان الذي يعيش بلا هدف وبلا نظام يمكن أن يضيّع الكثير من الفرص. ولذلك عليهم أن يشمّروا ساعد الجد وأن يجتهدوا في استغلال كل فرصة تصادفهم وأن يقسّموا أيام هذا الشهر على برامج مختلفة يكون فيها تلاوة للقرآن والاذكار والصدقات.

شهر القرآن

عبدالله الكتبي إمام ومحدث معروف وشخصية مجتمعية مميّزة في بلدة الغليل بولاية السويق له العديد من المشاركات التطوعية والعمل الإنساني يشاركنا الحديث عن استقبال شهر رمضان في السلطنة قائلا: جاء شهر رمضان، شهر القرآن والغفران شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران وتصفّد فيه حركة الشيطان، وينادى فيه يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر اقصر ويا نفس كفي عن العصيان ويا جوارح صومي عن الطغيان.

ويضيف الكتبي إن هذا الشهر الفضيل فرصة سانحة لمَن صام رمضان وتذكر فيه الفقراء والمساكين عند إفطاره ومن سقى عطشانا أو ظمآنا. وحول ما يجب فعله في هذا الشهر يقول الكتبي إن هذا الشهر في أوله رحمة وفي أوسطه مغفرة وفي نهايته عتق من النار، ويجب على المسلم أن يستغل أيامه ولياليه بذكر الله وقراءة القرآن، وألا ينسى أهله وجيرانه وهو فرصة لصلة الرحم والتزاور وكسب الحسنات وإن من يفطّر في هذا الشهر صائما كمن يعتق رقبة من النار.

الجوع والعطش

ويؤكد الكتبي أن الصوم ليس فقط بالامتناع عن الأكل والشرب ويقول: هناك أناس لا ينالون من صومهم إلا الجوع والعطش ويخسرون بركة هذا الشهر العظيم، لذا يجب علينا ألا يكون صومنا فقط عن الأكل والشرب وباقي المفطرات ثم نقضيه بالنوم والكسل والتخاذل، بل يجب أن يكون هناك عمل مفيد نكسب منه الحسنات ونضاعف فيه الأجر.
ويعود بنا الكتبي إلى ذكريات الطفولة له في رمضان من خلال براءة الطفولة وتربية الأهالي والآباء لأطفالهم من خلال تعويدهم على الصوم ووجودهم مع آبائهم في المسجد وهم يصلون صلاة التراويح. يقول: كانت لحظات لا تنسى عندما نرى تلك المساجد وهي عامرة بالمصلين كبارا وصغارا في صف واحد يتوجهون بالصلاة والدعاء والاستغفار من أجل أن يتقبّل الله العلي القدير منهم صيامهم وقيامهم، وأدعو أولياء الأمور بضرورة أن يكونوا قريبين من أبنائهم يعودونهم دائما على الذهاب إلى المساجد في رمضان وغير رمضان لأن الابن يمشي على طريق والده متى ما وجد فيه القدوة الحسنة.
ويختم عبدالله الكتبي حديثه بتوجيه رسالة إلى الشباب بضرورة استغلال بركات هذا الشهر الفضيل لأنه يأتينا كضيف مرة كل عام يزورنا ويأتي معه بعظيم الهدايا ويقدمها لنا، وكل ما يجب علينا فعله هو استقباله خير استقبال.

عادات رمضانية

من جانبه تحدّث خليفة البلوشي عن بعض العادات في رمضان بقوله: من عاداتنا الجميلة في رمضان كثرة التزاور فيما بيننا، وإقامة الولائم العائلية وإرسال الطعام قبل الإفطار إلى الجيران، وبهذا يحصل تبادلٌ رائع بأطباق الطعام المختلفة، حتى يجد صاحب البيت أن ليس في سفرة طعامه مما صنَعه هو إلا القليل، أما الباقي فهي أطباق منوَّعة جاءت من هنا وهناك.
ويضيف البلوشي: أمّا المساجد، فتعيش أجواءً مميَّزة في رمضان بطبيعة الحال، فتمتلئ بالمصلين وتَشتغِل المساجد قبل رمضان بصيانة دورية مكثَّفة للإنارة وأجهزة التبريد، وخصوصا إن جاء رمضان صيفا، كما أنَّ المساجد تَنشَط بمُسابقات فكريَّة توزَّع خلالها جوائزُ ومصاحف وكتبٌ للفائزين في جوٍّ إيمانيٍّ وتنافُسي ممتع. كما تُقام موائد إفطار الصائمين في المساجد بعضها من نفقات المسجد، وبعضها مما يَحمله المُحسنون، وأشهى موائد الإفطار هو التمر واللبن والثريد واللقيمات والمهلبية وغيرها من المأكولات.
ويختم البلوشي حديثه معنا: مهما قلنا عن رمضان وأيامه، ومهما تحدَّثنا عنه وعن موائد الرحمن، يبقى رمضان شهر الله المبارك، شهر المسلمين جميعهم، شهر العبـــــادة والرحمة، شهر التوبة والرجوع إلى الله.
كما أن شهر رمضان له سحره الخاص وخاصة في الولايات والقرى العُمانية التي تتحوّل طوال أيام الشهر إلى أسرة واحدة يجمعها نداء الأذان بالصلاة وهو يرتفع من مئات المآذن التي تنتشر في كل ربوع السلطنة يجمعها الحب والتآلف على مأدبة الإفطار، ومع أذان المغرب يخرج الناس متجهين إلى المساجد لأداء الصلاة التي يحرصون عليها وبعد العودة من أداء الصلاة يبدؤون بتناول الإفطار، وعادة ما يتكون من وجبة خفيفة تختلف من منطقة لأخرى وتتكون وجبة الإفطار من أنواع الفاكهة المختلفة والتمور واللبن والعصائر المختلفة، وبعدها يذهبون لأداء صلاة العشاء (والتراويح) وعقب الصلاة يجتمع أبناء القرية وشبابها وشيوخها في حلقات يستمعون فيها إلى بعض الدروس والمحاضرات الدينية التي عادة ما تدور حول أفضال الشهر المبارك.

صعوبة الحياة

سالم بن هلال الحوسني تطرّق إلى عدم وجود استعدادات خاصة لاستقبال الشهر سابقا، معللا ذلك بسبب صعوبة المعيشة، قائلا: كانت الحياة «أيام زمان» تتسم بالصعوبة وضنك العيش وكان السبب في اهتمام الناس بتوفير لقمة العيش، وكان رمضان حاله كحال بقية الشهور والأيام باستثناء صلاة التراويح وقيام الليل والتزاور والوجود في المجلس مع أهل القرية الواحدة لتناول القهوة وليس هناك مجال للتسلية لعدم وجود أجهزة التلفزيون والإذاعات كما هو الحال الآن، وكان الناس يعرفون قدوم شهر رمضان عن طريق (التفق) أو المدفع الخاص بالولاية.

ويضيف الحوسني: الآن تغيّر الحال وتغيّرت المعيشة للأحسن وأصبح الناس يستعدون لرمضان قبل فترة عن طريق شراء الاحتياجات الخاصة بالطعام والشراب وغيرها من لوازم البيت وأصبحت هناك أنشطة ثقافية ورياضية واجتماعية للشباب.

أعمال تطوعية

سليمان بن سالم الحوسني، إمام وخطيب منطقة الغيزين بولاية الخابورة، نختم معه حديث الاستعداد لشهر رمضان من خلال تنفيذ مجموعة من الأعمال التطوعية فيقول: كان استعدادنا لرمضان في الماضي استعدادا يملؤه الفرح بقدوم هذا الشهر والتهيئة له معنويا بتطهير القلوب وتصفية النفوس من الأغلال والأحقاد والضغائن ومراجعة النفس، وماديا بتوفير مستلزمات الإفطار بقدر يسير لا يدخل في نطاق الإسراف أو التبذير.
ويضيف: في الوقت الحالي استعدادنا يكاد لا يختلف عما مضى مع محاولة بذل المزيد من الجهد للحصول على ثواب مضاعف وعدم تفويت الفرص والانشغال بالعبادة وتقديم المساعدة لعابري السبيل بتوفير وجبات الإفطار عبر مشروع إفطار صائم في عامه الرابع على التوالي الذي يُنفَّذ بمبادرة شبابية تطوعية وبالتعاون مع مؤسسة سهيل بهوان للأعمال الخيرية والفريق الخيري بولاية الخابورة «فريق البلد الطيب» وبدعم إعلامي من شبكة وادي الحواسنة، والمشروع عبارة عن نقاط توزيع على طريق وادي الحواسنة مسكن ووادي الحواسنة الخابورة في آخر نصف ساعة قبل موعـــــــد الإفطار حيث نقوم بتوزيع الوجبات الخفيفة على العابرين في ذلك الوقت الحرج لعدم توافر المحلات الغذائية أو المطاعم.