مسقط - محمد سليمان
نُشرت منتصف العام الفائت دراسة استقصائية دولية بالتعاون مع المؤسسة الدولية للمعوقين في (121) بلدا، أشارت إلى تصدر السلطنة مؤشر قياس مستوى تطور الدول في تطبيق متطلبات اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للنفاذ لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مقارنة بالدولة العربية المشاركة في الدراسة.
لكن بجانب تلك الإحصائيات المهمة، لا زالت قضية الدمج تشكل هاجسا كبيرا لدى المهتمين، معتبرين أنها تحتاج إلى تكاتف مجتمعي بجانب القرارات والإجراءات الحكومية.
عضوة مجلس الدولة المكرمة صباح البهلانية، قالت لـ«الشبيبة»: لدينا فئتان من ذوي الإعاقة تختلف الصعوبات في كل منهما، الأولى من أصحاب الإعاقات الجسدية، وهؤلاء يمكن دمجهم في المدارس والتأقلم مع البيئة المدرسية، أما الفئة الأخرى فمن لديهم مشكلات ذهنية وتأخر في الإدراك وتلك الفئة يصعب دمجها في التعليم النظامي، نظرا لما تحتاجه من مواد علمية تناسب قدراتها الذهنية وتلك الفئة عادة ما يتم دمجها في التعليم الفني والمهني.
وفي هذا السياق فإن وزارة التربية والتعليم، لديها برامج دمج مخصصة، تعنى بوضع فئة من فئات الإعاقة في صفوف خاصة، مثل أن يكون أصحاب الإعاقة الجسدية في صفوف منفصلة، وذوي الاحتياجات الخاصة من المكفوفين في صفوف أخرى، بحيث تسهل عملية دمجهم وفي التوقيت ذاته يتم تسهيل الأمر على الأسر بوضع أبنائهم في مدارس قريبة، وكذلك توفير مناهج وتدريبات علمية مخصصة لهم.
وأضافت: لا تغطي مراكز التعلم الخاصة معظم المحافظات أو الولايات، وهذا يتســبب في زيادة معاناة الأســــر ســـواء في تكبد مشقة المسافات أو الأعباء المادية، وبجانب كل تلك التفاصيل فإن الوضع المتعارف عليه الآن في دول العالم هو دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في الصفوف التعليمية.
وعن التحديات التي تواجه الدمج قالت البهلانية: لا زالت برامج الدمج حديثة العهد في مدارسنا، وكافة البرامج الجديدة تحتاج إلى تكاتف مجتمــعي ودعــم، نظرا لصعوبة تأقلمهم مع البيئة المحيطة دون توافر الدعم المجتمعي الكامل الذي يهتم بأدق تفاصيلهم مثل تناول الطعام والذهاب للحمام، بالإضافة إلى وجود مدرسين متخصصين. مع وجود مدارس مصممة بطرق تستوعب ذوي الاحتياجات الخاصة وبناء ما يطلق عليه مدارس الدمج، وهذا يحتاج إلى تكاتف من الأسر والمدارس والمدرسين والمجتمع، وعدم ترك كافة الأعباء على المدرسة فقط، وإنما جهود الجميع.
من جانبه قال عضو اللجنة الصحية والبيئية بمجلس الشورى، هلال الصارمي في تصريحات خاصة لـ«الشبيبة» إن مجلس الشورى تطرق لقضية الدمج، لكن الجهود المبذولة في هذا الجانب لا زالت دون المؤمل، ولم تقم كافة القطاعات سواء الحكومية الخاصة بالدور المناط بها أن تؤديه خلال الفترة الفائتة، حيث كنا نأمل أن نجد صفوف الدمج في معظم مدارس السلطنة وبجميع المحافظات، لكننا لا زلنا نرى أن عدد المدارس «يعد على الأصابع» ولا يرتقي إلى خطوات الدمج الحقيقة، حيث لا يزال يحتاج إلى مزيد من الجهد والمثابرة.
وأضاف: لقد تم التواصل مع الجهات المعنية والتي أفادت أن الوضع المالي في السلطنة هو المسبب الرئيسي لتأخر خطوات تنفيذ الدمج المقترحة نظرا لما يحتاجه إلى تجهيزات خاصة، ومعلمين مؤهلين، وذلك لا يتأتى إلا من خلال موازنة مالية مقترحة معدة لهذا الغرض، يمكنها أن تواجه البطء الشديد في التنفيذ.
وفي نفس السياق قال عضو اللجنة الوطنية لخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة مختار الرواحي: خلال السنوات الأخيرة توالت الجهود الحكومية لتحقيق مفهوم الدمج على أرض الواقع، ورافق ذلك تنظيم ورش عمـــل تدريبـــية ودورات مكثفة للمدرسين.
بدورها قامت اللجنة الوطنية لذوي الاحتياجات الخاصة برفع الوعي بأهمية الدمج وضرورته، وإجراء نقاشات مجتمعة حول قضية الدمج، وتحويل دراسة الطلاب من المراكز الخاصة إلى التعليمية الحكومية ووضعهم مع أقرانهم من نفس الأعمار. ولهذا نتطلع ألا تقف الجهود عند حد معين، وإنما ينبغي الوقوف على ما تم تحقيقه على أرض الواقع وتقييمه والوقوف على التحديات التي تلامس وتعيش قضية الدمج، وعبر حوار مجتمعي كامل يمكن مواجهة القضية وحلها.