روّاد الأعمال العرب والشركات الناشئة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٢/فبراير/٢٠١٨ ٠٥:٣٦ ص
روّاد الأعمال العرب والشركات الناشئة

أدريان بريدجوتر

مع تعدد الابتكارات في قطاع الأعمال التي تحفّزها مفاهيم جديدة في التوظيف وممارسات العمل سوف نبحث في كيفية استفادة العالم العربي من أساليبه العريقة في ممارسة أنشطة الأعمال لاعتناق التغيير الذي يعتبره الغربيون تحدّياً بسهولة.

يرى كثيرون أنّ منطقة الشرق الأوسط هي أصل اقتصاد الخدمات المستقلّة. فباعة الأطعمة الجوّالين، والباعة الذين يطرقون الأبواب لعرض بضاعتهم، وأصحاب الدكاكين في الأسواق، ومنتهزي الفرص التجارية بجميع أساليبها، كانوا وما زالوا جزءاً أصيلاً من عالم التجارة في الشرق الأوسط منذ عهد طريق الحرير إن لم يكن لقرونٍ قبل ذلك. واليوم لم يتغيّر الكثير، إذ ما زال بالإمكان رؤية الأساليب نفسها لمزاولة الأعمال والتجارة في السوق.

اليوم، يعمل العالم العربي المعاصر في مجموعاتٍ أكثر تنظيماً وتعاوناً وتناسقاً تستفيد من مستوى متقدّم من الإدارة العامة المتطوّرة. لذلك، يواجه روّاد الأعمال من مؤسّسي الشركات الناشئة تحدّيًا خاصًّا، يكمن في العمل بالروح الابتكارية التي كانت سائدة في الزمن الماضي وتطبيقها في العالم العربي الحديث.
سيكون ذلك تحدّياً صعباً، خصوصاً وأنّ المفهوم الأصلي لتجّار اقتصاد الخدمات المستقلّة من أيّ نوع، يحمل في طيّاته مفاهيم الفقر. لقد شهدنا، مجتمعات بأكملها تكرّس حياتها للنبش في القمامة وترفض ترك هذه الحياة لأنّ أفرادها يكسبون لقمة العيش من هذا التوجه غير الرسمي في إعادة التدوير. واليوم باتت توجد برامج منظّمة لإدارة النفايات تحلّ محلّ أولئك الأشخاص كون ذلك أكثر سلامة وأفضل للصحّة العامة ويُدار بشكل يحقق زيادة في الإنتاجية. ولكن كيف يمكن أن نشجّع أبطال الاقتصاد الذين «يسعون للمحاولة»، مع إبقاء أنشطتهم ضمن حدود المعايير الاجتماعية المقبولة في الوقت ذاته؟

ما يزيد من تعقيد هذا الوضع أنّ سوق العمل المنظّمة في دول مجلس التعاون الخليجي لا تؤيّد تماماً قضية الشركات الناشئة المستقلّة بالطريقة نفسها المعمول بها في الغرب. وعلى سبيل المقارنة، بينما تقدّم كلّ من مصر ولبنان فرصاً مفتوحة أكثر (إن جاز التعبير)، فإنّ دول الخليج توفّر عادةً أكثر السبل أمام المبتكرين في مناطق التجارة الحرة وتحت إشراف الجهات الراعية المحلية. يجزم مشفيق حسين شودري، الرئيس التفيذي لشركة «درايف أرابيا Drive Arabia»، أنّ نشاط الشركات الناشئة في منطقة الخليج، وبشكل متزايد في بقية أرجاء الشرق الأوسط، يمكن أن يواجه صعوبة نظرًا لأنّ المستثمرين هنا يريدون دلائل على وجود نموذج عمل قائم بالفعل. ويقول إنّ هؤلاء «يريدون نموذج عمل جاهز وفاعل ويُفضّل أن يكون مدرًّا للربح، وعندها فقط سيقومون بالاستثمار.
بالطبع نعلم أنّ نماذج الأعمال الفاعلة المعتمدة على التمويل الذاتي بإحكام والمعدّة بشكل جاهز للمستثمرين الأفراد، تُعتبر حلماً بعيد المنال بالنسبة للمستثمرين في عالم الواقع. فإذا كانت في صدد إصدار منتجات متميّزة مشابهة لـ«تويتر» أو «أوبر»، أو لديك أفكار متبلورة لشيءٍ يشبه «سوق.كوم».

يقول شاه زاد بهاتي، مؤسّس شركتي «كو وركينج بوب أب Coworking Popup» وشير ذيس سبيس Share This Space»، في معرض حديثه عن التحديات الرئيسية التي تواجه رواد الأعمال العرب اليوم من مرّاكش إلى مسقط، إنّ المشكلة غالباً تكمن في الحصول على التراخيص، وقوانين العمل الحكومية، والتكاليف الأساسية لإنشاء المكتب، التي تجعل من بدء عملٍ تجاري جديد في الشرق الأوسط أمراً بالغ المشقة.
يوضح باهاتي أنّ «عملية تعيين الموظّف (في العادة) تنطوي على تكاليف التأشيرة، والتأمين الطبي، وتوفير مكتب للعمل و (اشتراطات أخرى مثل) مخصّصات نهاية الخدمة. تعتبر هذه التكاليف باهظة للغاية بالنسبة لعملٍ تجاري صغير في مراحله الأولى، يحاول تحقيق الربح ومواصلته. وفي ظل الوضع الراهن، من المكلف جدًا بالنسبة لرائد الأعمال أن يبدأ شركته التجارية ولو بموظّف واحد، في كثير من مناطق العالم العربي».
لا يزال اقتصاد الأعمال الجديد في الشرق الأوسط في مرحلة التطوير، وهو بحاجة إلى تحسين مقاربته للقوى المحرّكة للأعمال التجارية والتي عملت على تشكيل وادي السيليكون ومناطق أخرى من أوروبا والشرق الأقصى لأكثر من نصف القرن الفائت. وإذا ما وصلنا إلى هذه المرحلة من التحسّن، نأمل أن يحلم رواد أعمال المستقبل بإنجاز أمورٍ عظيمة وعلى المستوى المحلي. ومن مسؤوليتنا جميعاً تحقيق ذلك من أجل رخاء وثروة المنطقة في المستقبل. والآن، هلّا سجلت هذه الفكرة بسرعة من فضلك؟