مسقط -
أنهى مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني مؤخرا وبالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتعليم لمحافظة مسقط بوزارة التربية والتعليم، وحديقة النباتات والأشجار العُمانية وشراكة مع عدد من المؤسسات الحكومية كوزارة الزراعة والثروة السمكية، والمزارع والحدائق السلطانية، والشركة العُمانية للصرف الصحي (حيا)، والشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة (بيئة) محاضرات برنامج (التوعية البيئية في المدارس) والتي تضمّنت محاضرات بيئية متخصصة ومختلفة عن التنوع الأحيائي ومفردات الحياة البرية التي يعتبر بعضها مهددا بالانقراض كالنمر العربي، والطهر العربي، والوعل النوبي، والغزال العربي، والصقر الأدهم، وكيفية مساهمة الطلبة في المحافظة على تلك الثروات الطبيعية. حيث تم استهداف شعبتين من الصف الخامس والعاشر من المدارس الثلاث التي شملتها المرحلة الأولى من البرنامج وهي: مدرسة دوحة الأدب للتعليم الأساسي، ومدرسة الخوير للتعليم الأساسي، ومدرسة خولة بنت اليمان للتعليم الأساسي من محافظة مسقط، وقد قام المتخصصون في الحياة البرية بتقريب المفاهيم البيئية حول التنوع الأحيائي للطلبة، وتعريفهم بالكائنات الحية النادرة في السلطنة وما تتعرّض لها من تحديات تهدد وجودها، وكيف يمكن أن يساهم الأفراد في الحفاظ عليها.
وقد لاقى البرنامج تجاوبا كبيرا من الطلبة حيث يقول وحيد الفزاري رئيس قسم الحياة البرية من مكتب حفظ البيئة، وأحد أعضاء فريق عمل البرنامج: «بعد انتهائنا من المرحلة الأولى من البرنامج نستطيع أن نقول إن هناك تعطشا ملحوظا لتلقي تلك المعلومات حول الحياة البرية في عُمان، واستزراع وتجميل أماكن منسية في مدارسهم وتحويلها إلى أماكن خضراء تطلق الأكسجين النقي وتضفي على الروح بهجة، الأمر الذي حدا بنا كفريق عمل البرنامج إلى مواصلة البرنامج ودعم هؤلاء الطلبة الشغوفين بمواضيع البيئة المختلفة بكل همة ونشاط.
مشاريع توعوية في المحميات
من جانبٍ آخر ما زالت فرق حفظ البيئة الطلابية التي أنشأها البرنامج في المدارس تواصل أعمالها وأنشطتها من خلال مشاريع توعوية تقوم بها داخل محيط المدرسة وخارجها، فقد قامت تلك الفرق بعمل برامج إذاعية في الطابور المدرسي لتوعية الطلاب بالكائنات الحية المهددة بالانقراض وبالتنوع الحيوي الذي تحويه المحميات الطبيعية في السلطنة، بالإضافة إلى تقديم معلومات لزملائهم وجيرانهم حول إعادة استخدام المخلفات في مشاريع مفيدة وصديقة للبيئة، كما نفّذ كل فريق عددا من المسرحيات التي تدور حول الحفاظ على البيئة وقاموا بعرضها على زملائهم الطلبة في الطابور المدرسي.
كما قام فريق حفظ البيئة بمدرسة خولة بنت اليمان بزيارة توعوية للأمهات في القرية التي يقطنّها لتعريفهن بالحياة البرية في محمية السرين الطبيعية القريبة منهن والتحديات التي تواجهها من انتهاكات الحياة البرية والصيد غير المشروع والرعي الجائر للنباتات البرية والاحتطاب من أشجار المحمية، إضافة إلى تنفيذ الفريق الطلابي زيارة للمحمية وتعليق لافتات توعوية عن ضرورة رمي المخلفات في أماكنها المخصصة، وعدم إزعاج الحيوانات والطيور بالمركبات والسلوكيات المخربة، فيما قام فريق حفظ البيئة الطلابي بمدرسة الخوير للبنين بزيارة محمية الخوير الطبيعية وتعليق سقايات طيور في أشجار السمر تم صنعها من مواد مُعاد استخدامها.
ويعمل فريق حفظ البيئة الطلابي بمدرسة دوحة الأدب للبنات حاليا بمشاريع توعوية تسهم في حماية الحياة الفطرية في محمية الخوير الطبيعية على وجه التحديد لقربها من المدرسة، كعمل لوحة تعريفية عن المحمية وما يعيش عليها من كائنات حية وما تواجهه من تحديات، للمارة من أمام المحمية وزوارها مستقبلا، كما يعكف الفريق نفسه أيضا على عمل لوحات إرشادية داخل المحمية.
مشاريع إعادة استخدام المخلفات
وتقوم المدارس الثلاث كذلك بعمل مشاريع أخرى خاصة بإعادة استخدام المخلفات في تشكيل مناظر خضراء في المدارس وإنشاء حدائق نباتية مصغرة تستخدم لغرض التعليم البيئي لمعلمي العلوم والجغرافيا ولإضفاء الشكل الجمالي على بعض الزوايا المهملة في المدارس عن طريق زراعتها وتشكيل أعمال فنية فيها. فقد قام فريق مدرسة خولة بنت اليمان بإعادة تأهيل أثاث قديم من المقاعد والطاولات كان ينتظر طريقه إلى القمامة، فحوّلته طالبات الفريق إلى لوحات فنية غاية في الروعة، كما قام الفريق الخاص بمدرسة دوحة الأدب باستخدام إطارات السيارات المستعملة في تشكيل مناظر خضراء في المدرسة، وإعادة وتأهيل أصص الزراعة القديمة استعداداً لزراعتها بنباتات جديدة فصلية، كما قمن بإعادة تأهيل مساحات مهمشة في المدرسة من خلال تشجيرها وإضفاء لمسات جمالية عليها من خامات البيئة.
زيارات توعوية للأمهات
وحول انطباعات المدارس المشاركة في البرنامج تقول الأستاذة صابحة عبدالونيس مشرفة فريق حفظ البيئة الطلابي بمدرسة خولة بنت اليمان بمنطقة صياء: «لقد استطاع برنامج التوعية البيئية في المدارس أن يكشف عن شغف الطالبات بحماية البيئة، فظهرت مبادرات تدعو للفخر في الحقيقة من طالباتنا تنم عن الرغبة في تغيير السلوكيات الخاطئة تجاه البيئة والمحميات الطبيعية بشكلٍ خاص فقمن بزيارات للأمهات في منازلهن لتوعيتهن بمخاطر صيد الحيوانات البرية الموجودة في محمية السرين الطبيعية باعتبارها المحمية الأقرب إلى سكنهن وتعريفهن بما تحويه المحمية من ثروات طبيعية وحثهن على ضرورة التضافر جميعا كمجتمعات محلية لحمايتها والتصدي لأية محاولات تخريب للحياة البرية فيها، بالإضافة إلى زيارتهن للمحمية وتنفيذ أعمال توعوية لزوار المحمية تساهم في توعيتهم بالسلوكيات الصحيحة أثناء زيارتهم للمحمية، كما لمسنا تفاعلا غير مسبوق من الطالبات في المحاضرات التي قدّمها فريق مكتب حفظ البيئة عن الحيوانات البرية المهدد بعضها بالانقراض الأمر الذي يجعلنا راضين كل الرضا عن هذا البرنامج البيئي ومتفائلين بأنه سيحقق أهداف التوعية البيئية التي تتعطش المدارس في الحقيقة لتلقيها من المختصين والعاملين في المجال البيئي».
يرى الأستاذ عبدالسلام الشامسي مشرف فريق حفظ البيئة الطلابي في مدرسة الخوير للتعليم الأساسي بأن برنامج التوعية البيئية جاء ليشرك الطلبة في عملية الحفاظ على البيئة في أكثر من حقل، فيقول: «البرنامج بداية موفقة لتقديم التوعية البيئية في المدارس، وقد أبدى أبناؤنا الطلبة تقبلا لافتا لهذا البرنامج من خلال تفاعلهم مع المحاضرات التوعوية بالحياة البرية في عُمان، ورغبة الكثيرين من الطلبة للانضمام إلى فريق حفظ البيئة الذي أفرزه البرنامج والتسابق على ابتكار أعمال تُساهم وتُعزز عملية الحفاظ على البيئة، ومن تلك الأعمال التي ابتكرها طلبتنا عمل سقايات للطيور من قوارير الماء البلاستيكية الفارغة، وتعليقها على أشجار السمر بمحمية الخوير الطبيعية لتشرب منها الطيور، ومحاولة الاستزراع في علب البلاستيك الفارغة، واستخدام أغطية القوارير البلاستيكية في تزيين جدار قديم بالمدرسة، ومشاريع أخرى ما زالوا يعملون عليها سَيُكشف عنها في نهاية البرنامج بإذن الله.. فكل الشكر للقائمين على البرنامج من مكتب حفظ البيئة وحديقة الأشجار العُمانية وكل من ساهم من مؤسسات أهلية وعامة في نجاحه حتى الآن». من جانبها ترى الأستاذة تسنيم مشرفة فريق حفظ البيئة الطلابي بمدرسة دوحة الأدب بأن البرنامج فرصة للمدارس للاستفادة من المعارف البيئية خاصة في مجال الحياة البرية، فقليل من الطالبات وحتى كهيئة تدريسية لم يكنّ يعرفن بأن هناك حيوانات برية موجودة بالفعل في عُمان وذلك بسبب قلة التوعية عنها، إضافة إلى أهمية وجودها في بيئتنا وما تمثله من إرث بيئي ينبغي على الجميع إدراك أهمية بقائه آمنا. وقد أثار البرنامج الهمم لدى طالباتنا وحرّك فيهن شغف البحث عن تلك الكائنات الحية والتوعية عنها داخل محيط المدرسة وفي محيط سكنهن، كما أن فكرة وجود فريق معني بمشاريع تسهم في حماية البيئة المحيطة والخارجية أمر رائع في حد ذاته، ومحفّز في نفس الوقت للطالبات لتبنّي مسؤولية كبيرة ومهمة تجاه البيئة، فقد قامت طالباتنا حتى الآن باستزراع أماكن كانت مهملة بالمدرسة وتحويلها إلى لوحة خضراء تبهج النفس وتساهم في إطلاق هواء نقي وروائح زكية تبعث روحا إيجابية لدى الطالبات، كما قمن باستغلال مخلفات البيئة في مشاريع صغيرة توعوية رسالتها (قلل من قمامتك ولا ترمي المخلفات التي تستطيع إعادة استخدامها بطرق وأشكال أخرى) كاستخدام إطارات السيارات في عمليات الاستزراع وتشكيل المناظر الخضراء. يشار إلى أن أعمال برنامج التوعية البيئية في المدارس المستهدفة ستستمر لهذا العام الدراسي حتى نهاية أبريل المقبل، حيث سيستهدف البرنامج خلال الفصل الدراسي الثاني ثلاث مدارس أخرى تم الإعلان عنها سابقا وهي: مدرسة أبي بن ثابت، ومدرسة ضباب للتعليم الأساسي، ومدرسة معاذ بن جبل، وستُتَوج أعمال المدارس الست من هذا البرنامج في نهاية العام الدراسي في حفلٍ بهيج، سيصاحبه معرض يعرض أعمال الطلبة الناتجة عن البرنامج. جدير بالذكر أن البرنامج لاقى تعاون ودعم عدد من المؤسسات الكبرى الحكومية والخاصة أبرزها المزارع والحدائق السلطانية بشؤون البلاط السلطاني، ووزارة الزراعة والثروة السمكية والمديرية العامة للتشجير والمتنزهات التي مدت البرنامج بعدد من الشتلات ليقوم الطلبة بزراعتها في الحدائق النباتية التي خصصت لذلك، كما قامت الشركة العُمانية لخدمات الصرف الصحي (حيا) بمد البرنامج بأكياس السماد المطلوبة للزراعة، فيما قامت الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة (بيئة) بفتح مرادمها للطلبة للاستفادة من المخلفات القابلة لإعادة تدويرها في أشكال مختلفة، ومؤخرا أبدت الشركة العُمانية للألياف البصرية رغبتها في دعم الطلبة وتكريمهم في نهاية البرنامج.