تجارة «قرن» وحيد القرن

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٧/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٣:٣٣ ص

روس هارفي

قامت المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا في وقت فائت من هذا العام بوقف قانون العام لسنة 2009 الذي يمنع التجارة بقرون وحيد القرن. وكانت هذه ضربة مدمرة لمجموعات حماية الحيوانات التي أشادت بالتدابير التي اتخذتها جنوب أفريقيا من خلال الحظر العالمي على هذه التجارة منذ العام 1977.

ولكن مع وقف قرار المحكمة، يواجه المربون التجاريون وجماعات حقوق الحيوان سؤالا حاسما: هل يمكن أن يؤدي إنشاء سوق قانونية إلى كبح معضلة الصيد التي تطالب بحوالي 1500 وحيد قرن بري سنويا؟
وبالنسبة لتجارة وحيد القرن في جنوب أفريقيا، كان قرار المحكمة عبارة عن نقطة تحول. استضاف جون هيوم، أحسن مربي لوحيد القرن في العالم، أول مزاد للقرن عبر الإنترنت في البلاد في أغسطس. وكتب على موقع المزاد على الإنترنت أن «الطلب على قرن وحيد القرن مرتفع، ويمكن للتداول المفتوح للقرن تلبية هذا الطلب لمنع الصيد غير المشروع لوحيد القرن».
ويقول معارضو التجارة أن الطلب على القرون يمكن أن يزداد نتيجة لإضفاء الشرعية، وإحياء الفائدة النائمة. وهذا النمو يمكن أن يتجاوز العرض التجاري، بل ويزيد من الصيد غير المشروع للحيوانات البرية. ومما يثير قلق النقاد أيضا أن إنهاء الحظر سيزيل أي وصمة عار متبقية مرتبطة بحيازة قرن وحيد القرن، مما يزيد من الطلب.
ويرى المربون والتجار مثل هيوم أن الطلب «لن يتراجع في أي وقت قريب». لكن بما أن القرون هي مورد متجدد - فهي تنمو مرة أخرى عندما تقل، وإن كانت بطيئة - فاٍن جنوب أفريقيا في حاجة إلى حوافز لتشجيع تربية وصيانة هذا الحيوان. وقال هيوم «إذا لم نتخذ الخطوات اللازمة لتلبية الطلب»، فإننا لن نستطيع إنقاذ وحيد القرن».
وما زلنا لا نعرف كيف سيؤثر قرار المحكمة على طلب مورد ثمين في جميع أنحاء آسيا لقيمته الطبية. ومع ذلك، فمن الواضح أن وضع الكثير من الثقة في نهج الحفظ التجاري أمر محفوف بالمخاطر. وتشير الدلائل أنه رغم أن زراعة وحيد القرن لديها إمكانات السوق المتخصصة، لكنها لن تمنع الصيد غير المشروع لوحيد القرن البري.
وقد فشلت جهود مماثلة لحماية الحيوانات البرية من خلال الزراعة. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت في فيتنام العام 2010 أن الزراعة التجارية لحيوان النيص في جنوب شرق آسيا، وهو مصدر لحم شعبي، لم تخفض بشكل كبير جراء صيد النيص البري. وهي نفس قصة عاج الفيل، الدب الصفراء، ومسك الغزال. وغالبا ما يفوق الطلب على المنتجات البرية بكثير ما يمكن أن تقدمه تربية تجارية واقعية.
كما أن برامج التربية التجارية تعاني من نقص كبير بسبب اعتقاد بعض المشترين أن المنتجات البرية أكثر قيمة. وكما لاحظت عالمة جامعــة جوهانســـبرج لورا تنسن، «تعتبر الحيــوانات البرية متفــوقة بسبب ندرتها وتكلفتها العالية».
وهذا ينطبق بشكل خاص على وحيد القرن. وغالبا ما يثبت الصيادون صحة منتجهم غير المشروع عن طريق عرض قرون المشترين التي أزيلت من قاعدة الجمجمة، وهي طريقة استخراج تتسبب في قتل الحيوان. فقط المستهلك ذو ضمير من يضمن أن القرون التي يشترونها تكون من المربين المرخص لهم.
تاريخيا، كان الصيد غير المشروع أيضا في مأمن من التقلبات في أسعار التجزئة من قرون وحيد القرن. أما بالنسبة لآلية الأسعار للقضاء على الصيد غير المشروع، فإن الطلب سيحتاج إلى الانخفاض. ومع تزايد الطلب فعليا، وبدون عتبة السعر لتشجيع التكاثر، من غير المرجح أن تكون التدخلات من جانب العرض فعالة لحماية وحيد القرن البري. حاليا، يباع قرن وحيد القرن بحوالي 60.000 دولار للكيلوغرام الواحد في بعض أجزاء آسيا.
أما المربون فهم مقتنعون بأنه مع نظم التصاريح وتكنولوجيات الكشف، يمكن التعرف على قرون قانونية، يمكن أن يحول إنفاذ القانون دون الاتجار بالقرون غير المشروعة، ويمكن للتجارة المحلية أن تقلل من الضغط على المخلوقات البرية. ولكن هذه الحجج تتوقف على عدد من الظروف وهي، في الوقت الراهن، كبيرة للغاية.
لكن، لن تنجح التربية التجارية إلا إذا اعتبرت القرون المستزرعة بديلا عن المنتجات المستمدة من الحيوانات البرية. وكما يقول باحثون مثل تقرير تنسن، هذا أمر غير مرجح على المدى القريب، نظرا للوضع العالي المرتبط بالمنتجات غير المستزرعة.
كما يلزم أيضا مضاعفة الجهود المبذولة لإنفاذ القانون من أجل الكشف عن الإمدادات غير المشروعة وتفكيك حلقات غسيل الأموال. وللأسف، فإن النقابات غير المشروعة التي تهرب منتجات الحياة البرية، تكون غالبا بمساعدة من المسؤولين الحكوميين، البارعين في التهرب من الكشف.
وأخيرا، يفترض النقاش المؤيد أن المربين التجاريين سيحصلون في النهاية القرون على أسعار أقل من الصيادين. ولكن التربية المقيدة مكلفة. وقد أظهر العلماء في جامعة كاليفورنيا، في سان دييغو، على سبيل المثال، أن وحيــد القــرن الأبيض نادرا ما يتناسل في الأسر. وعلاوة على ذلك، فإن قرون الصغار تنمو بنحو ستة سنتيمترات فقط في السنة، وهذا المعدل يتناقص مع التقدم في السن.
ويقول المربون التجاريون إن عمليات «الأسر» ونموذج هيوم تهدف إلى تكرار الظروف البرية بقدر الإمكان. ومع ذلك، إذا كان ينظر إلى الحلول المستزرعة على أنها بديل عن الحصاد البري، فسيحتاج مربون آخرون إلى تكرار هذه الظروف. وســتكــون التكلفة كبيرة، والنتيجة لن تكون فعالة.
ومع حرص المربين على الدفاع عن تجارتهم، فقد كشف الاقتصاديون أن السوق المحلية القانونية في قرون وحيد القرن سوف تحافظ على المخلوقات البرية. وحتى لو استوفت الإمدادات الآتية من جنوب أفريقيا جزءا من الطلب على الصعيد العالمي، فإنها لن تغير الطلب بين المستهلكين أو أولئك الذين لا يبالون بالمصدر. ومن المرجح أن تكون جنوب أفريقيا قريبا موطنا للأسواق الموازيـــة، مع تبييـــض واسع النطاق للقـــرن غير القانوني. وهذا قد يكون مقبولا لدى المربين، ولكنه غير منطقي بالنسبة لأولئك الذين يحاولون الحفاظ على وحيد القرن البري.

باحث بارز في معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية