كوبنهاجن -العمانية/ حظي الدولار الأمريكي بالكثير من الاهتمام الأسبوع قبل الماضي، فيما تلقت المعادن الثمينة والصناعية دعما بفضل التعليقات الحذرة التي صدرت عن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، واستمر هذا الدعم حتى نهاية الأسبوع مع بدء ظهور بوادر الضغوط المتعلّقة بالرواتب في تقرير الوظائف الأمريكي، مما حفّز حركة جني بعض الأرباح. واوضح اولى هانسن رئيس استراتيجيات السلع لدى "ساكسو بنك" أن بعض المعادن الصناعية - وفي مقدّمتها الزنك-استفادت من ضعف الدولار الذي ساعد على تحفيز حركة تعافٍ قصيرة الأمد في الصناديق الا أن كافّة القطاعات لم تستطع الاستفادة من ضعف الدولار لإجراء قفزة، مما أدّى إلى استمرار معاناة السلع القوية المرتبطة بقطاع الطاقة كنتيجة للإفراط في المعروض، غير أن النفط الخام نجح في تشكيل أرضية مؤقتة بفعل الحديث المتواصل حول تعاون وتنسيق محتمل لخفض الإنتاج. وقال في تحليل له إن فلزات الحديد حققت أعلى قفزاتها منذ مايو الماضي بفضل الطلب المتزايد من المصاهر الصينية خلال هذه الفترة التى تشهد طلبا قويا بشكل موسمي، ومن جهة أخرى تلاقي القهوة طلبا متواصلا منذ تسجيلها قاعاً في أواسط يناير، مع بدء تحسّن منظورها العام. أما صناديق التحوّط، فقد حافظت على مواقع قصيرة صرفة بشكل مستقر طوال العام الماضي، ولكن المعنويات تلقت دعما بفضل التقارير التي تشير إلى تراجع الإنتاج وانخفاض قيمة الأسهم، إلى جانب الارتفاع الذي شهده الريال البرازيلي الأسبوع الماضي مقابل ضعف الدولار. وشهد الذهب تعافيا طوال الشهر الماضي بالتوازي مع الاضطرابات المستمرة التي عصفت بأسواق الأسهم والنفط مطلع العام الحالي؛ حيث كانت المصاعب التي واجهها قطاعا النفط والغاز الأمريكي سببا في تباطؤ النمو الأمريكي خلال الربع الأول من 2015، وهو ما يدفع صانعي قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بهدوء إلى التفكير في تخفيف حدّة الخطوات المستقبلية لرفع أسعار الفائدة.
وقال ستانلي فيشر نائب رئيس مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أن الاقتصاد الأمريكي قد يواجه صعوبات إذا تواصلت التقلّبات التي تشهدها الأسواق المالية أخيرا مما سيفضي إلى تباطؤ عام في الاقتصاد العالمي. لذلك قد تتفق اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في لقاءاتها القادمة على إجراء خطوتين أو ثلاث فقط - أو حتّى أقل- لرفع أسعار الفائدة هذا العام، بدلاً من أربع خطوات كما هو متوقع أن يكون الأمر عليه هذه السنة، وهو ما سيأتي منسجما مع وضع السوق التي لم تأخذ أي ارتفاع لأسعار الفائدة في حساباتها للعام الجاري. وفي حين رزح الذهب تحت ضغوط أثناء عملية رفع أسعار الفائدة الأمريكية وبعدها في ديسمبر، غير أنّ المنظور بخصوص أصناف الأصول الأخرى تراجع بشكل كبير منذ ذلك الحين. وبالتالي، فإنّ الأسعار الآجلة للأموال الفيدرالية في ديسمبر 2017 هبطت يوم الإثنين الماضي إلى /75ر0/ بالمائة من /45ر1/ بالمائة، بينما هبطت أرباح السندات الحكومية الممتد أجلها لسنتين بنسبة /40ر0/ بالمائة نقطة منذ 29 ديسمبر. وقد عاد المستثمرون بأعداد كبيرة إلى السلع المتداولة عبر البورصة، إذ سجّل مؤشر "بلومبيرج" تدفقاً بقيمة /4ر2/ مليار دولار إلى سلع الذهب المتداولة عبر البورصة منذ بدء العام الجاري واستأثرت حصص الذهب في صناديق إيصالات "ستاندرد آند بورز" للإيداع بأكبر كمية من هذا التدفّق، حيث تلقت لوحدها /8ر1/ مليار دولار. وقال اولي هانسن ان هذا التدفّق الإيجابي يشبه ما شاهده العام الماضي عندما أثمرت الأسابيع الخمسة الأولى لعام 2015 عن ارتفاع في إجمالي المخزون من 84 طنا إلى 90 طنا، وهي الكميّة الإجمالية لهذا العام. وبعد أن اتخذ مديرو الأموال صفقات بيع غير مسبوقة في بداية العام الحالي، فقد أدّت العودة إلى صفقات الشراء الصرفة إلى دعم الذهب خلال الأسابيع الأربعة الماضية. ومن الممكن الآن- بعد الوصول إلى أعلى مستوى منذ أكتوبر الماضي- من المتوقع الوصول إلى مستوى عند 1177 دولارا للأونصة، إلا إذا واصل الدولار تراجعه. واستفادت الفضّة والبلاتين والبالاديوم من ضعف الدولار وارتفاع أسعار الذهب قبل أن تشهد حركة لجني الأرباح مع تعافي الدولار بحلول نهاية الأسبوع؛ حيث شهد البلاتين ارتفاعا من جديد بعد أن كان قد هبط قبل عدة أسابيع بمعدل غير مسبوق يبلغ 25 بالمائة قياساً بالذهب. وسيشكّل حدوث أي تجاوز للمستوى 900 دولار أول بادرة تشير إلى انتهاء هذا المسار، ومن المتوقع الآن لهذا المعدن أن يستعيد بعض ما تراجع عنه، بما يشمل انخفاضه أمام الذهب. ومن ناحية أخرى، يبدو أن الفضة تسلك مسارا مثيرا للاهتمام على الرسوم البيانية مع احتمال مواصلة الصعود؛ إذ كان إغلاقها الأسبوع قبل الماضي فوق /20ر15/ دولار بمثابة بادرة تشير إلى احتمال حدوث صعود أولي نحو 18 دولارا. ومن شأن حدوث ارتفاع كهذا أن يحفّز انقباضا في نسبة الذهب/الفضة مما قد يفسح مجالا أقلّ تقلبا لحدوث ارتفاع متواصل في المعادن. ومن المتوقع أن نرى تجدداً في قوة الدولار لأسباب عديدة، بما فيها التأثير السلبي للوضع الحالي.
ولا يزال متداولو النفط يواجهون تحديا كبيرا نظرا للسيولة العالية من عدم اليقين التي تسود على القطّاع حالياً؛ حيث بدأ الأسبوع الحالي بهبوط لمدّة يومين هو الأكبر من نوعه منذ سبع سنوات، تلاه انتعاش يعادله قوّة. وكان يوم الأربعاء من الاسبوع قبل الماضي قد شهد بعد صدور التقرير الأسبوعي للمخزون الأمريكي أولى البوادر التي تنبّه المتداولين إلى أنهم قد يكونون عالقين ضمن صفقات البيع. واتسم التقرير بسلبية أسعاره من كافّة النواحي نظرا لارتفاع مخزونات النفط والبنزين بمستويات تفوق ما هو متوقع؛ فقد تجاوز مخزون النفط الخام 500 مليون برميل ليبلغ أعلى مستوياته عن 80 عاما، بينما واصلت مخزونات البنزين صعودها بقوّة. وفي حين يعزى بعض هذا الارتفاع إلى انخفاض الطلب بفعل العواصف الشتوية، غير أنّ ذلك لم يدعم الصعود القوي الذي تلا الإعلان. وانخفض سعر خام برنت منذ بداية العام وحتى الآن بمقدار 3 دولارات، غير أنّه شهد هذه المرة تغيّرا بمقدار 30 دولارا حتّى وصل إلى هذا المستوى. ولا تزال المراهنات التخمينية آخذة في الارتفاع ضمن المواقع الطويلة والقصيرة في السلع الآجلة والمنتجات المتداولة عبر البورصة على حد سواء، وهو تطوّر يعكس مدى انقسام السوق حول إذا ما كان المستوى التالي يتمثّل في 30 أم 40 دولارا. ولا تزال الأساسيات سلبية والمخاوف حيال تباطؤ الطلب تتسبب بحركة بيع قصيرة الأمد في أوساط مختلفة بما يشمل المتحوّطين. وقد وجدنا أن 9 من أصل 10 من الخيارات الأكثر تداولاً في سوق عقود الخيارات تنتمي إلى فئة خيارات بيع الأصول مقابل أسعار محدّدة أو قبل تواريخ محدّدة لكن رغم ذلك استطاعت السوق تحقيق استقرار بحكم اعتقاد البعض بأنهّا قد تجاوزت أسوأ السيناريوهات المحتملة. ولا يزال منتجو النفط التائقون إلى رفع الأسعار يأملون بانعقاد لقاء بين الدول الأعضاء في ’أوبك‘ والدول غير الأعضاء فيها، وهو ما يعتبر مستبعد الحدوث، غير أن توصّل هذه الدول إلى اتفاق ناجح سيكون من شأنه تحقيق ارتفاع مذهل في الأسعار بما أنه يعكس واقع تشكّل قاعدة. ومن المرجّح لخام برنت أن يستقر ضمن نطاق واسع مع دعم تحت 30 دولارا، في حين يبدو احتمال الصعود غير مدعومٍ فوق المستوى 37 دولارا. /العمانية/ م..س .. انتهت النشرة الاقتصادية لهذا الأسبوع ..