«الفقر» المحرك الأول لعربة الاحتجاجات العالمية

الحدث الأحد ٢٠/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص

مسقط – محمد البيباني

يعتبر الطبيب والمؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون (7 مايو 1841 - 13 ديسمبر 1931) من أوائل الذين درسوا السلوك الاحتجاجي في كتابه (الجموع.. دراسة في العقل الشعبي) بوصفه ناجما عن مظالم اجتماعية وانعدام العدالة الاقتصادية أدت إلى قهر وضغوط نفسية تجاوزت حدود القدرة على تحمّلها.

لم تكن مصادفة أن تسبق المطالبات الاقتصادية غيرها في شعارات ثورات الربيع العربي، فقد كان العيش «الخبز» دائما في مقدمة تلك الشعارات سابقا المطالبات بالحرية ومصحوبا بالعدالة الاجتماعية التي ترتبط به بشكل أو بآخر.
الأيام القليلة الفائتة شهدت عدة تظاهرات في العدة دول حول العالم.. المتأمل لأسباب تلك التظاهرات يجد أن العامل الاقتصادي هو محركها الأساسي وبطل أحداثها.
خيط رفيع يربط بين تلك التظاهرات رغم تعدد مطالبها واختلاف تفصيلاتها.. قد تكون المطالبات بالحرية إحدى المحركات وقد تكون العوامل السياسية محركا آخر.. إلا أنه يظل دائما البعد الاقتصادي أحد أقوى المحركات التي تقود عربات الغضب وتدفع الجماهير نحو شوارع وميادين الاحتجاج من ماليزيا الى البرازيل والأرجنيتين وصولا الى البرتغال كان الفقر العامل الرئيسي في التظاهرات التي شهدتها تلك الدول خلال الأيام الفائتة.

ماليزيا.. مزاعم بالفساد

في العاصمة الماليزية كوالالمبور تظاهر آلاف من المحتجين المناهضين للحكومة أمس السبت، مطالبين باستقالة رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، بسبب تورطه المزعوم في فضيحة اختلاس عدة بلايين من الدولارات.

وسار المحتجون من نقاط مختلفة صوب قلب كوالامبور وسط إجراءات أمن مشددة وهم يرتدون قمصانا صفراء غير عابئين باعتقال ناشطين وزعماء معارضة قبل ساعات فقط من ذلك التجمع.
وســـادت أجــواء احتفالية بين المتظاهرين وكانت أصوات قرع الطبول وأبواق الفوفوزيلا تُسمع إلى جانب الخطب والأغاني والهتافات من قبل المشاركين.
وكان نجيب قد واجه مزيدا من الصعوبات هذا العام عندما قالت دعاوى قضائية أقامتها وزارة العدل الأمريكية إن أكثر من 3.5 بليون دولار تم اختلاسها من الصندوق الحكومي الماليزي ام.دي.بي الذي أسسه نجيب وإن بعضا من هذه الأموال دخلت حسابات «المسؤول الماليزي رقم 1» والذي حدده مسؤولون أمريكيون وماليزيون بأنه نجيب.

الفقر يثير الغضب في الأرجنتين

وفي العاصمة الأرجنتينية «بيونس آيرس» تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص في الشوارع احتجاجا على تفاقم مشكلة الفقر في البلاد. وطالب المتظاهرون حسبما أفاد راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس السبت، بضرورة سن قوانين لحل هذه المشكلة.
وكانت المعارضة في الأرجنتين قد قدمت مشروع قانون وافق عليه مجلس الشيوخ الأرجنتيني يتضمن بنودا لزيادة الدعم المالي لخدمة الضمان الاجتماعي وإيجاد المزيد من فرص العمل.
وأشارت «بي بي سي» إلى أن القانون حاليا يعرض أمام الكونجرس، في وقت تؤكد فيه الحكومة الأرجنتينية أن الموافقة على مشروع القانون سيضع ضغوطا على الموازنة العامة للدولة في وقت تعاني فيه من كساد اقتصادي.

البرتغال... حالة أخرى

شوارع لشبونة هي الأخرى شهدت تظاهر آلاف الموظفين المضربين أمس الأول الجمعة للمطالبة بزيادة رواتبهم وتعميم نظام العمل 35 ساعة أسبوعيا، بناء على وعد قطعته الحكومة الاشتراكية.
وعبر إطفائيون وأساتذة وموظفون بلديون وممرضون شوارع العاصمة تحت زخات المطر قبل أن يتجمعوا أمام البرلمان، حيث هتفوا «كفى تجميدا للأجور، نريد زيادات».
وأوضحت رئيسة الجبهة المشتركة لنقابات الوظيفة العمومية آنا افوالا أنه أثناء سنوات التقشف الأربع التي التزمتها حكومة اليمين مقابل خطة مساعدة دولية، «خسر الموظفون 17,5 بالمئة من دخلهم».
وبعد أن تم في 2014 خفض أجور الموظفين بنسب تراوح بين 3,5 و10 بالمئة، رفع هذا الإجراء عن أصحاب الرواتب التي تفوق 1500 يورو وهو إجراء اعتبرته النقابات غير كاف مطالبة برفع الأجور بنسبة 4 بالمئة.

كما تطالب النقابات بتعميم نظام العمل 35 ساعة أسبوعيا على مجمل الموظفين العموميين بمن فيهم المتعاقدون غير المشمولين به حاليا.

تدابير التقشف في البرازيل

في بقعة غضب أخرى أطلقت شرطة ريو دي جانيرو الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وخراطيم المياه الأربعاء لتفريق تظاهرة احتجاجا على تدابير التقشف شارك فيها اكثر من الفي شخص من المعلمين الى الشرطيين خارج الخدمة.
ورفع المتظاهرون الذين التزموا عموما بالهدوء لافتات كتب عليها «الموظفون الحكوميون لن يدفعوا ثمن الأزمة».
وواجه الحشد الذي كان يهتف مطالبا باستقالة حاكم ولاية ريو لويس فرناندو بيزاو المؤيد لتدابير التقشف بسبب نفاد الأموال من خزينة الدولة قوات النخبة في الشرطة خارج برلمان الولاية في وسط ريو.
ورشق عدد من المحتجين حجارة على رجال الشرطة الذين اصطفوا خلف حواجز معدنية أمام البرلمان لكن بعض المتظاهرين تمكنوا من اختراق أحدها.
ومن بين تدابير التقشف التي يجري بحثها زيادة الاقتطاعات في معاشات الموظفين الحكوميين التقاعدية إلى 14% بدلا من 11%. وكان يجري سابقا البحث في اقتطاع حتى 30%.
وتفكر حكومة الولاية التي لم يعد لديها المال لدفع أجور موظفيها وتشغيل المستشفيـــات، في زيادة أسعار النقل والخدمات وخفض الدعم للمحتاجين.