بركاء - حمود العامري
شهدت ولاية بركاء نهضة عمرانية كبيرة، خصوصاً بعد العام 2005، الذي نما فيه قطاع العقارات بشكلٍ لافت، كما شهدت تداولاً نشطاً وارتفاعاً كبيراً لاسيما مع إعلان إقامة عدد المشاريع الكبيرة في الولاية منها المدينة الزرقاء والمنطقة الصناعية وغيرها من المشاريع التي أدت إلى تضخم في أسعار العقارات لتصل إلى مبالغ خيالية. تذبذبت أسعار العقارات كثيراً في الولاية ولم تجد سبيل الاستقرار إلا في السنوات الأخيرة التي اتضحت فيها معالم المشاريع وأماكن إقامتها وبالتالي هرع المستثمرون إلى الشراء وبخاصة من تلك المناطق.
أسعار الإيجارات تأثرت أيضاً بارتفاع أسعار العقارات كون إقامة العقار وتملكه أصبح مكلفاً وبالتالي فإن صاحب العقار لا يمكن أن يؤجره بنفس السعر السابق لذا حصلت زيادة مطردة في أسعار إيجارات العقارات بالولاية.
فإذا ما أردنا أن نعطي بيانات تفصيلية دقيقة فعلينا أن نقسم الولاية إلى جزأين الأول شمال الشارع العام والآخر جنوبه ثم نقسم كل جزء إلى ثلاثة أقسام شرق الولاية وهي الجهة الملاصقة لولاية السيب بمحافظة مسقط ووسط الولاية وغرب الولاية، وكل جزء له وضعه الخاص من حيث أسعار إيجارات العقارات ووفرتها، كما أننا لو أردنا أن ندقق في الوصف فسنجد أن شمال الشارع العام هي المناطق المأهولة كلياً بالسكان وبالتالي تجدها الأكثر ارتفاعاً في أسعارها عن مثيلاتها في جنوب الشارع العام.
إحصائيات
ووفق السجلات المتوفرة لدى بلدية بركاء فإن عدد العقود المسجلة في عام 2014 بلغ 5860 عقداً وفي عام 2015 زاد عدد العقود ليصل إلى 6612 عقداً وفي العام الحالي 2016 وحتى العشرين من أكتوبر الفائت وصل عدد العقود إلى 6053، وهذا مؤشر على أن عقود الإيجار في زيادة مطردة.
تشبع تام
“الشبيبة” اقتربت من المستأجرين والمؤجرين وكانت لنا هذه اللقاءات نستهلها بلقاء صاحب مؤسسة الرائد للخدمات العقارية أحمد بن عبد الله العويسي، الذي قال: العقارات في بركاء لها مجالات مختلفة السكنية والتجارية والصناعية والزراعية وكلٌ له طابعه الخاص من حيث وفرته وارتفاع أسعاره أو انخفاضها، بالنسبة لإيجار العقار السكني قبل سنتين من الآن كانت مرتفعة، إلا أنه ومع كثرة البناء وقلة المستأجرين وصل السوق إلى تشبع تام وأصبح كل مالك عقار يخفض السعر ويعطي ميزات أخرى من أجل جلب المستأجرين، حيث وصل عدد الشقق في البناية الواحدة إلى مائة وخمسين وأكثر وبالتالي لا يجد مالك العقار من يستأجر كل هذه الشقق بالقيمة الفعلية للسوق، كما أن تركز الوافدين هو في محافظة مسقط، وهناك قلة في أعدادهم في الولايات الأخرى ومنها بركاء.
ضعف الطلب
عندما بدأت الوفرة في الشقق والمساكن بدأ معها الانخفاض في الأسعار فقبل ثلاث سنوات بالتحديد كان إيجار الشقة في منطقة الصومحان ثلاثمائة ريال في الشهر الواحد بينما اليوم يتراوح بين مائة وخمسين إلى مائة وثمانين ريالا عمانيا كحد أقصى.
وحول أكثر المناطق بالولاية نشاطاً قال: مركز الولاية بالتأكيد من أنشط المناطق وبالتحديد على الخط الذي يربط جسر بركاء بالسوق كونه حيا تجاريا وتتوافر به جميع الخدمات وزيادة الطلب عليه أدت إلى ارتفاعه نوعاً ما وثبوت سعر الإيجارات سواءً للمحلات التجارية أو الشقق السكنية، أما جهة الشرق ففيها طلب جيد ولديها أفضلية من ناحية قربها من محافظة مسقط بينما المناطق الواقعة بعد جسر بركاء باتجاه صحار فهناك ضعف في الطلب وقلة في عدد البنايات.
عتب
وأضاف: بالنسبة للمنطقة الصناعية فهناك عتب على بلدية بركاء بإعطاء التراخيص خلاف ما خصصت له فمثلاً الأرض الصناعية ينبغي أن يقام عليها نشاط صناعي فقط ولا يسمح بأن تستغل بإقامة شقق وغرف وغيرها خارج الإطار الصناعي، وما يحدث الآن في المنطقة الصناعية وفرة محلات ووفرة شقق وبالتالي أسهم ذلك في انخفاض أسعار الإيجارات بالمنطقة الصناعية، فكان المحل يؤجر بمائتي ريال عماني وأكثر أما الآن فإيجار المحل في حدود المائة ريال كما أن هناك العديد من المحلات غير مؤجرة.
قطاع متنام
وتابع: بالنسبة للمجال الزراعي فهو بالتأكيد قطاع متنام وهناك استغلال للمزارع خاصة في إقامة المنتزهات والنزل الخضراء الذي تبنته وزارة السياحة مؤخراً، فكانت قيمة الأراضي الزراعية زهيدة أما الآن فأصبحت الطلب كبيراً على الأراضي الزراعية من ناحية الشراء أو الاستثمار وحتى الإيجار، وتوجه عدد من المستثمرين إلى شراء الأراضي الزراعية وإقامة منتزهات وتأجيرها بشكل يومي وذات دخل جيد.
أفضل المواقع
وعن توقعه لقطاع إيجارات العقارات في المستقبل، قال: بالنسبة للشقق فأعتقد أن الأسعار الحالية منخفضة وهناك انخفاض بين فترة وأخرى بخاصة وأن هناك عددا من المجمعات السكنية الكبيرة في مراحلها الأخيرة ومعروضة للإيجار بمائة وثمانين ريالا عمانيا على الشارع العام مباشرة ومع قلة المستأجرين سيضطر مالك العقار إلى تخفيض قيمة الإيجار لتصل إلى مائة وخمسين ريال عماني وهذا في أفضل المواقع فماذا لو تحدثنا عن المخططات السكنية الداخلية.
وبالنسبة للمحلات التجارية ينطبق عليها ما ينطبق على الشقق السكنية فمع الذروة والطلب الزائد ستنخفض الأسعار فما نلحظه الآن فإن معظم المؤجرين يتوجهون لبناء الأسواق التي تضم عددا كبيرا من المحلات التجارية ومع تعددها تجد وفرة في المحلات وبالتالي انخفاض أسعارها والمستأجر لديه خيارات متعددة ويستطيع المفاضلة بين المعروض.
تحتاج إلى تنظيم
بركاء تحتاج إلى تنظيم في قطاع تأجير العقارات السكنية خاصة فرغم المشاريع الضخمة التي تشهدها الولاية إلا أن قطاع الإيجارات السكنية لم ينتعش ويرجع ذلك إلى أن هذه العمالة تستأجر منازل داخل الإحياء السكنية فتجد من عشرين إلى أربعين شخصا في منزل واحد وبسعر زهيد وبالتالي وجودهم لا يخدم القطاع إطلاقاً.
القوة الشرائية
كما التقينا بمالك مؤسسة المتألق للعطور هلال بن حمد النعماني الذي أسس مشروعه واستأجر له محل على الشارع المؤدي للخط الرابط بين جسر بركاء والسوق ليعرض منتجاته، وسألناه عن أسعار إيجارات المحلات التجارية بالولاية، فقال: إيجارات العقارات وأخص بالذكر هنا المحلات التجارية في بعض المواقع في ولاية بركاء أسعار معقولة نسبياً والبعض الآخر مبالغ فيه بدرجة كبيرة، فمثلاً عندما تتحدث عن قيمة إيجار محل (فتحة واحدة) خمسمائة ريال فهذا يثقل كاهل التاجر البسيط فأين المردود الذي سيجده ذلك التاجر، فالقوة الشرائية قلت بدرجة كبيرة بعد ارتفاع أسعار الوقود وهذا ما يجب أن يدركه أصحاب تلك العقارات والقائمون على ذلك بحيث تقنن تلك الأسعار، فليس من المنطق أن تصل الأسعار إلى هذه الدرجة فأعتقد أننا في ولاية بركاء لم نصل لدرجة أن التاجر يستطيع كسب كل ذلك من تجارته وبالتالي يستطيع أن يسدد قيمة الإيجار الباهظة وفاتورة الكهرباء وراتب الموظف، ولو أردنا أن نحدد المتضرر من هذه المبالغة فهو بالتأكيد المستهلك لأن التاجر يضطر لرفع الأسعار كي يستطيع سداد المتطلبات الشهرية التي سبق ذكرها ثم يفكر بالربح.
وأكد النعماني أن نسبة كبيرة من المستأجرين الحاليين هم الأجانب والشركات الكبيرة وهي غير متضررة ويقع الضرر على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وهذا من التحديات التي تواجه هذه المؤسسات، كما أن البلدية رفعت رسوم عقود الإيجار لتصل إلى خمسة في المائة مقارنة بثلاثة في المائة سابقاً وهذه تكلفة تضاف على المؤجر، أما إذا ما كان الاتفاق مسبقاً على المستأجر فهو من يتحمل هذه الرسوم.
30 ريالاً شهرياً
ومن القطاع السكني التقينا عادل مصطفى سليمان الذي تواجد بالولاية منذ عام 1993م وسكن في مواقع عدة بالولاية وسألناه عن بداية الإيجارات والطفرة التي حدثت فقال: منذ قدمت إلى عمان وبالتحديد إلى ولاية بركاء استأجرت شقة في منطقة المراغ بثلاثين ريال شهرياً ثم انتقلت بين السوق ومنطقة الجحيلة وكل الأماكن لا تتجاوز خمسين ريالاً عمانيا شهرياً.
شقق غير مؤجرة
وأضاف: في عام 2004 بدأت الزيادة في قيمة الإيجار وكانت زيادة معقولة نوعاً ما، وفي صيف عام 2007 بالتحديد بدأ التضخم في أسعار الإيجارات ووصل الإيجار الشهري للشقة التي كنا نستأجرها بخمسين ريال إلى 250 ريالا عمانيا شهرياً واستمر الوضع على هذا الحال وفي نهاية العام الفائت وبداية العام الجاري بدأ الانخفاض في أسعار إيجارات الشقق إلا أن هذا الانخفاض يعد ضئيلاً إذا ما قورن بالارتفاع الذي سبق، كما أن المعروض كثير والطلب قليل ورغم ذلك لا زال عدد كبير من ملاك العقارات يبقي على أسعار الإيجارات بشكل مبالغ فيه ويفضل أن يبقي الشقق خالية ولا أن يخفض في سعر الإيجار وبالتالي تجد معظم البنايات بها شقق غير مؤجرة وبشكل لافت.