واشنطن – ش – وكالات
دشن الرئيس الاميركي باراك اوباما امس السبت في واشنطن متحفا مكرسا لتاريخ الاميركيين من اصول افريقية في خطوة تحمل رمزية قوية، مع تجدد التوتر العرقي في البلاد.
ومنذ انتخابه العام 2008 اكد الرئيس اوباما مرات عدة ولا سيما خلال ولايته الرئاسية الاولى انه ليس رئيس السود بل رئيس كل الاميركيين.
والمعادلة دقيقة بالنسبة لباراك اوباما المكبل اليدين بسبب هيمنة الجمهوريين على الكونغرس ووعوده بالحياد ولانه للمفارقة، اسود.
وتعرض اوباما لانتقادات حتى على هذا العصيد خصوصا وانه في ظل رئاسته ولا سيما في السنتين الاخيرتين عاد التوتر العنصري مع زيادة ملحوظة في اعمال العنف التي ترتكبها الشرطة في حق السود من الاميركيين.
ويلقي الرئيس الاميركي السبت في وقت يشهد فيه التوتر العرقي فصلا جديدا في شارلوت وتالسا، خطابا في جادة ناشونال مال الكبيرة القريبة من البيت الابيض حيث المتحف الوطني لتاريخ السود وثقافتهم.
وقال باراك اوباما الجمعة في البيت الابيض ان تاريخ الاميركيين السود "زاخر بالمآسي والمشاكل الا انه يحفل بمحطات الفرح والانتصارات الكبيرة".
واضاف "هذا التاريخ لا يتوقف فقط على الماضي بل هو حي اليوم في كل زاوية من زوايا اميركا". وكان اوباما قام مع عائلته الاسبوع الماضي بزيارة خاصة للمتحف.
سياق تاريخي
وقال الرئيس اوباما ان توقيت التدشين في ظل تجدد التوترات العرقية "ملفت" موضحا "من وجهات نظر عدة انه الوقت الافضل. لكن هذه المرحلة مضطربة واذا لم نتوخ الحذر قد نعود الى الوراء بدل المضي قدما".
واضاف "من الاسباب التي تدفعني الى السرور لافتتاح المتحف خلال عطلة نهاية الاسبوع هذه هي انه سيسمح لنا كأميركيين باعادة بعض الاحداث الى سياقها التاريخي".
وشدد اوباما على ان زيارة المتحف تجعل الزائر يدرك ان التحديات التي واجهها السود في الولايات المتحدة "حديثة العهد".
واضاف "لا يمكن لاي احد منا ان ينسى ان السبب الوحيد لوقوفي هنا اليوم هو لان احدا ما وقف للدفاع عنا وفعل ذلك عندما كان في الامر مجازفة وعندما لم تكن المرحلة مؤاتية لذلك".
واكد توماس ديفرانتس المسؤول عن الدراسات حول السود في جامعة ديوك لوكالة فرانس برس "افتتاح المتحف تحت ادارة شخص يفهم فعلا هوية السود عبر التاريخ امر مهم جدا".
وقبل ثمانية اسابيع على الانتخابات الرئاسية في الثامن من تشرين الاول/اكتوبر وقبل اشهر قليلة على مغادرته البيت الابيض يبدو اوباما متحررا من اي ضغوط حول القضايا العرقية بعد ثماني سنوات امضاها في السلطة واداء غالبا ما انتقد عليه في هذا المجال.
وحمل المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يسعى الى توسيع قاعدة ناخبيه، على الرئيس اوباما في الفترة الاخيرة في هذا المجال مؤكدا انه "لم يفعل شيئا للاميركيين السود".
بين الكبار
وفي حين يطعن البعض في صفوف السود باداء باراك اوباما حول بعض النقاط، الا ان الرئيس الاميركي نجح في تحقيق بعض الانجازات الرمزية خلال ولايته الثانية ولا سيما اطلاق منظمة "ماي براذيرز كيبر ألايانس" التي تسعى الى توفير فرص اكثر لشباب الاقليات. كما طرح اوباما تعديلا للنظام القضائي والسجون يشمل خصوصا العقوبات غير المتناسبة مع الجنح المرتكبة والتي تصدر في حق تجار صغار للمخدرات وتشمل السود خصوصا.
وخضعت قوات الشرطة في مدن عدة مثل فرغسون التي شهدت تظاهرات ضخمة ضد اخطاء الشرطة حيال السود، لتحقيقات فدرالية.
ويحاول اوباما خصوصا في نهاية ولايته الثانية هذه، ان يظهر ارثه الرئاسي باجمل صورة.
وقال في مقابلة بثتها "ايه بي سي" الجمعة "اظن ان رئاستي وجهت رسالة الى الاطفال بان الفكر البشري بامكانه تحويل اسوأ الظروف الى شيء رائع وقوي".
واضاف ان المتحف "يضع رئاستي وعملي في البيت الابيض في اطاره ويوضح اننا نقف الى جانب كبار. لذا يشرفني ان اكون جزءا من هذا التاريخ الا انني اعتبر انني جزء صغير نسبيا منه".
وينقسم المتحف الجديد الى قسمين، احدهما تحت الارض وهو مخصص لتاريخ الاميركيين السود والثاني في الطبقات الاعلى وهو مخصص للشؤون الثقافية والاجتماعية.
وتعرض في المتحف الاف المقتنيات منها خوذة سوداء وقفازات حمراء لمحمد علي كلاي، وسترة سوداء لامعة لمايكل جاكسون، ومقصورة خضراء من قطار تعود الى ايام الفصل العنصري.
ويتضمن المتحف معرضا حول الفصل العنصري في المتحف مع صور لمالكوم اكس وروزا باركس التي رفضت ان تخلي مقعدها لرجل ابيض في حافلة العام 1955، الى جانب صور فظيعة لرجال سود شنقوا وايديهم موثقة ببعضهم البعض.
غضب ومطالبات
و تظاهر نحو 300 محتج في شوارع مدينة تشارلوت بولاية نورث كارولاينا الأمريكية في رابع ليلة من المظاهرات يوم الجمعة مطالبين السلطات "ببث شرائط الفيديو" المتعلقة بإطلاق الشرطة النار على رجل أسود مما أدى لموته وذلك بعد ساعات من بث أسرته فيديو خاصا بها . وتجمع المحتجون بعد حلول الليل في متنزه صغير وكتبوا بالطباشير على أحد الشوارع أسماء ضحايا رصاص الشرطة في شتى أنحاء الولايات المتحدة ولكن لم تظهر أي علامة على العنف الذي شاب المظاهرات في الأسبوع الماضي.
وتظاهر المحتجون تحت بصر قوات الحرس الوطني المسلحة مرددين"قاوموا الشرطة" إلى جانب دعوات لبث الشريط المصور لإطلاق النار يوم الثلاثاء على كيث سكوت وهو أب لسبعة أطفال وعمره 43 عاما.
وتقول شرطة تشارلوت إن سكوت كان مسلحا ببندقية وهو شيء نفته الأسرة.
ولم تُظهر المشاهد التي نشرتها الأسرة اللحظة التي أطلق فيها رجل شرطة أسود النار على سكوت. وسجلت زوجة سكوت الفيديو الذي يبلغ طوله دقيقتان وتضمن صوتها وهي تتوسل لرجال الشرطة بعدم إطلاق النار أثناء مواجهتهم لسكوت في مرأب للسيارات خارج مجمع سكني في تشارلوت .
وكان يمكن سماعها وهي تقول لرجال الشرطة وهم يقولون بصوت عال لسكوت"القي السلاح." "لا تطلقوا النار ليس معه سلاح ."
وفي شريط الفيديو الذي قدمته الأسرة لوسائل الإعلام الأمريكية كان يمكن سماع زوجة سكوت وهي تصرخ"كيث كيث لا تفعل ذلك." قبل أن تدوي أصوات إطلاق انار .
وكان مقتل كيث الأحدث في سلسلة من عمليات قتل الشرطة لسود في أمريكا والتي أدت إلى احتجاجات وأعمال شغب في شتى أنحاء الولايات المتحدة وإلى انتقاد دولي لأسلوب معاملة الولايات المتحدة للأقليات.
وفي شريط الفيديو الذي نشرته الأسرة تقول زوجة سكوت أيضا للشرطة إن زوجها يعاني من إصابة في الدماغ وإنه أخذ للتو"دواءه." ولم يُعرف من الفيديو ما إذا كانت الشرطة سمعت الزوجة أو طبيعة أي إصابات ربما يكون سكوت يعاني منها.
ونقلت شبكة (سي.إن.إن) عن مصدر قريب من تحقيق تشارلوت قوله إنه عُثر على بندقية محشوة في مكان الجريمة وإن البصمات والحمض النووي والدم التي كانت موجودة عليها تضاهي بصمات والحمض النووي ودم سكوت.