محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
عمان، المستحقة لمتحفها الوطني الذي يليق بها منذ سبعينيات القرن الفائت، افتتحته بعد 45 عاما من نهضتها المعاصرة، بعد أن أضنى الوزارة المعنية، والحاملة مفردة التراث كحالة عربية متفردة، تنفيذ ما تصورناه حلما ثقافيا كبيرا، مجمع عمان الثقافي، وقد كان على الورق كطموح منذ عام 1976، ورأينا لجانه الاستشارية وأخباره الصحفية ولوحته الإرشادية على الأرض سنوات إثر سنوات.
ولكن، مع المتحف الوطني عرفنا ما معنى أن يوجد صرح كهذا، وآلاف الزوار يتدفقون عليه، وهناك شباك تذاكر يمكن أن يكون رافدا لهدف أكبر، الاستفادة اقتصاديا من مقدرات الثقافة السياحية، أو لنعكس الكلمتين: الثقافة السياحية، كما هو الحال في كهف الهوتة، وقد زاره خلال أيام من إعادته للحياة أكثر من عشرة آلاف زائر.. وبتذاكر دخول.
هذه المشاريع التي تأخرت، وكان يمكنها أن تقدم للبلد جملة أهداف: ترفيه، وسياحة داخلية، وعامل جذب للزوار من خارج السلطنة، هل سنتعلم منها درسا، وهو كيف نختصر الوقت، ونمضي إلى توسيع نطاق استفادتنا من كنوز تدخل دوائر التيه الإداري وتنتظر عقودا حتى ترى النور؟
خطت الحكومة مرحلة مهمة في تفعيل رؤيتها لتجارب الآخرين، بخاصة التجربة الماليزية، من خلال المجموعة التي تعمل حاليا على برنامج «تنفيذ» كأبرز الرهانات على الخروج من حلقة الاجتهادات التي أضاعت من عمر مسيرتنا وقتاً وجهداً ومالاً بما كان يشكل طفرة حقيقية على مستويات التقدم ثقافياً وسياحياً، وبالتالي اقتصادياً، كون هناك تجارب دول عرفت كيف تسوّق لهذه المفردات فكسبت منها بما لم يجعلها «بلداً نفطياً» وإنما صناعة حضارية دائمة.
يقول أحد المسؤولين المطلعين على رؤية «تنفيذ» إنه متفائل، كأنما يشير إلى أن الحكومة وجدت ضالتها في هذه المفردة وقد تاهت كثيرا في أروقة الروتين والبيروقراطية والاجتهادات الشخصية واللجان المتناسلة من لجان، فيما يبدو التنويع الاقتصادي بحاجة إلى تنويع فكري في الأساس، لأننا بحاجة، أيضا، إلى رؤية الآخر، وهي أكثر شمولية لما يمكن أن يجذب اهتمامه على خارطة مقوماتنا المتعددة: ثقافياً وسياحياً وبيئياً، علماً بأن مؤسسة السياحة في كوريا الجنوبية وضعت على رأسها قيادة ألمانية، إذ يعرف الرجل الأوروبي ماذا يشد بني جنسه من مفردات الحياة في هذه البلاد الواقعة في أقصى الشرق.
مهمة «تنفيذ»، وهي تبدأ مرحلة المختبرات، اكتشاف «البكتيريا» التي تصيب طموحنا في رؤية الكثير من المشاريع ذات القيمة المضافة «حضاريا»، يمكنها أن تعزز مفهوم «عمان الحضارة والتاريخ» لا عمان النفط، وكما تقف الطوابير حاملة تذاكرها المدفوعة لدخول «كهف الهوتة» يمكن رؤيتها أمام منافذ جمالية أخرى، بحيث لا يتردد زائر عمان في حيرته وهو يبحث عما يقدم وجه البلاد على صعيد الهوية، حيث «المجمعات التجارية» متشابهة، ولا يمكننا التعويل عليها، والمنافسة بها، لأننا في هذا المضمار بعيدون جدا.. ما نزال.
التعويل على أن توضع مفردة الثقافة بما تستحق على صعيد الرؤية الإستراتيجية، وكيف تتحول إلى داعم للاقتصاد، وليست عالة عليه.