مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية لـ"الشبيبة" استراتيجية عربية موحدة لإنتاج الإحياء المائية

مؤشر الاثنين ٠٥/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٤٢ م
مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية لـ"الشبيبة"
استراتيجية عربية موحدة لإنتاج الإحياء المائية

القاهرة- خالد البحيري
أكد المدير العام المنظمة العربية للتنمية الزراعية د. طارق بن موسى الزدجالي أن حجم الاستثمارات التي وجهت إلى البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي في مرحلته الأولى تجاوزت 28.5 بليون دولار، خلال السنوات الخمس الفائتة، ما أدى إلى تثبيت الفجوة الغذائية وعدم اتساعها بالرغم من ارتفاع الكثافة السكانية.
وقال في حوار خاص لـ"الشبيبة" من مقر المنظمة بالقاهرة إن الدول العربية حققت اكتفاء ذاتيا من اللحوم الحمراء بلغ 85% ولدينا اكتفاء ذاتي من انتاج الأحياء المائية (الأسماك) حيث ننتج سنويا 4.3 مليون طن تصل حصة مصر وحدها نحو 1.35 مليون طن حيث التقدم الكبير في الاستزراع السمكي.
وأضاف: أن هناك مغالطات كثيرة فيما يتعلق بتقدير حجم الفجوة الغذائية في الوطن العربي، وأن منظمة الزراعة العربية هي المنوط بها ذلك، واحصاءاتها تحظى بمصداقية، ويتم عرضها باستمرار على الجهات المعنية بالدول العربية من خلال الجامعة العربية.
وتابع: نعمل على إعداد استراتيجية لتربية الأحياء المائية لوضع هذا المجال الحيوي والإنتاج الفعلي في إطار وبرامج قومية.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالتعليم الزراعي واستخدام التقنيات الحديثة فيها، مع ضرورة توسيع وتنويع قاعدة البحث العلمي المتعلقة بالمجال وجعلها أكثر فعالية في خدمة القضايا الملحة والاستشراف المستقبلي.
المزيد من التفاصيل في سياق الحوار التالي..

- منذ قرابة سبع سنوات وأنت مديرا للمنظمة العربية للتنمية الزراعية.. من أين بدأت وكيف هي التحديات التي واجهتك؟

كانت البداية بإعادة هيكلة العمل العربي المشترك في مجال التنمية الزراعية، وإعادة صياغة دور المنظمة لتسهم بفاعلية في تقديم الدعم الفني والاستشاري في مجال تخصصها، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق والتكامل بين الدول العربية في مجال التنمية الزراعية.
عند تولى المنصب في منتصف العام 2009 كان هناك قرارين من قرارات القمة العربية يجب أن يدخلا حيز التنفيذ، أولها: قرار قمة الرياض عام 2007 للموافقة على استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة لعقدين، والثاني: قرار قمة الكويت الاقتصادية التنموية والاجتماعية عام 2009 بشأن إطلاق البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي، وكان أمامي تحد كبير لعدم توفير أموال أو تخصيص دولار واحد لتنفيذ مهام هذه القرارات الاستراتيجية.
وكان البرنامج في ذاك الوقت يحتاج إلى 64 بليون دولار للتنفيذ خلال 20 عاماً، بالإضافة إلى ضرورة وضع خطة تنفيذية لمراحله الثلاثة، وللتغلب على مشكلة التمويل والخطة التنفيذية كان القرار بأن دور المنظمة هو تقديم الدعم الفني والاستشاري والمتابعة مع الجهات المنفذة فقط، أما التمويل فيترك لكل دولة بحسب إمكاناتها والمشروعات المنفذة على أراضيها أو بمعرفتها في الخارج، وكذلك يتم وضع الخطة التنفيذية بعد تقسيمها لثلاث مراحل بمعرفة الدول المنفذة.. وبفضل الله خلال الشهر المقبل سيتم الانتهاء من المرحلة الأولى في البرنامج الطارئ باستثمارات تجاوزت 28.5 بليون دولار، وبعدها نطلق المرحلة الثانية.

مؤشرات إيجابية
- هل لك أن تطلعنا على بعض مؤشرات نتائج هذه المرحلة؟
لقد حققت المرحلة الأولى المستهدف منها بنجاح بفضل التعاون من كافة الدول العربية مما أثمر استقرار الفجوة الغذائية العربية،وهنا نقول إن الأرقام المعلنة فيما يتعلق بالفجوة الغذائية بها بعض الخلل، إلا إنه يمكن القول بأنها الفرق بين الفائض والعجز، وما يتم تداوله من أرقام غير دقيقة نتيجة بنائها على حسابات غير دقيقة أيضا وربما يتم ذلك بغرض "الشو الإعلامي" أو التضخيم.
وتعتمد الدول العربية على إحصاءات المنظمة باعتبارها الجهة المسؤولة عن ذلك فيما يخص الغذاء والزراعة فضلا عن تمتعها بمصداقية عالية محليا ودوليا.

- ما هي أبرز الدول التي استفادت من البرنامج العربي الطارئ؟
الدول العربية جميعها استفادت من البرنامج، حيث شكّل مخطط المغرب الأخضر إضافة كبيرة للأمن الغذائي العربي برعاية مباشرة من جلالة الملك محمد السادس، وبرنامج التجديد الفلاحي والريفي في الجزائر برعاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والذى يعتمد على فكرة "الري التكميلي" لتحقيق استقرار في الفجوة الغذائية، وهناك برامج ناجحة أيضا في تونس، والمبادرة الزراعية في العراق، ومخطط السعودية للزراعة في الخارج بالإضافة إلى مشروع المليون ونصف المليون فدان في مصر برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومشروع تعزيز أمن الغذاء العربي في السودان برعاية الرئيس عمر البشير ولكنه في مرحلة وضع الخطة التنفيذية.

- كيف نحقق التنمية الزراعية في ظل ندرة المياه؟
علينا الحفاظ علي هذا المورد النادر في مستوى معين لعدم حدوث مشكلات كبرى في المستقبل، وهناك أجندة التنمية المستدامة 20-30 التي وافقت عليها الأمم المتحدة في سبتمبر 2015، والتي سيتم خلالها تقييم الدول بما حققته من تقديم في تنفيذ بنودها.. المياه مورد مهمة يدخل في كل المنتجات الغذائية، وهناك ضرورة لتعظيم العائد منه مع الاهتمام بمنظومة البحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا لبلداننا مع توطينها والاستفادة منها وتوظيفها لخدمة أغراض التنمية، والعمل على التوسع الرأسي الزراعي من خلال هذه البحوث وذلك لمضاعفة العائد المادي باستخدام كل متر مكعب من المياه في الإنتاج السمكي قبل استخدامه في الزراعة على سبيل المثال.

تحلية المياه
- هل تسهم برامج تحلية مياه البحر في التنمية الزراعية؟
نعم.. ولكن يجب معرفة الكُلفة الاقتصادية التي تحتاجها تحلية مياه البحر فإذا كانت أعلى من الاستيراد فمن الطبيعي عدم اللجوء إليها وبالتالي لابد من معرفة اقتصاديات استخدمها، مع ضرورة العمل في البحث الزراعي لإيجاد حلول تنموية وسريعة.

- هل نحن مقصرون في البحث الزراعي العربي؟
البحوث الزراعية غير مقصرة، ولكن منظومة دعم البحوث الزراعية والاهتمام بها يشوبها بعض التقصير؛ فنجد أجندة البحث الزراعي والنقل التكنولوجي في الوطن العربي تعمل بما لديها من إمكانيات متوفرة ورغم وجود كوادر كبيرة متخصصة، لكن هناك نقص في الموارد المالية.
وعلى الجانب الأخر يجب أن تكون موضوعات البحوث في مجال التنمية بصورة مباشرة، وأن تعمل البرلمانات العربية على محاسبة هذه المنظومات وتقييمها سنوياً.

- ما المطلوب لمواجهة مشكلات التنمية الزراعية وزيادة الإنتاج في بلداننا؟
لا نريد أن ننتج غذاء بأي شكل من الأشكال ولكننا يجب أن نراعي الاستدامة مع الحفاظ على سلامة الغذاء كماً ونوعاً، وترشيد الاستهلاك حيث نجد هدرا كبيرا في الغذاء، فإذا كان لدينا الآن العملة الصعبة لاستيراد ما نحتاج إليه فهل ستظل هذه الإمكانيات متاحة؟! ربما لا نمتلكها يوماً ما.. وهنا تأتي أهمية تعزيز التكامل بين الدول العربية في هذا المجال.

مخاطر وفرص
- لماذا يعتبر الاستثمار الزراعي مخاطرة كبيرة في الوطن العربي؟
لأن الريف العربي يعاني كثيراً من قصور في البنية الأساسية وتمويل المؤسسات وكذلك سلسة القيمة "كالتسويق– التخزين– النقل"، وعدم توفير مدخلات الإنتاج "الأسمدة– البذور– المعدات الزراعية"، فعندما نقارن أنفسنا بالعالم نجد فجوة تقنية كبيرة.
بالإضافة إلى الاعتماد على النظم التقليدية وتقسيم الأراضي، وعدم أحقية المرأة في امتلاك الأرض رغم دورها المهم في العملية الزراعية.

- هل ترى أن التعليم الفني في الوطن العربي أصبح مجرد "شهادات" فقط؟
نعم.. جاء الوقت لتقييم هذه المنظومة، هناك العديد من الخريجين بالمجال الزراعي بدون عمل، ويجب عقد منتديات وحلقات عمل للتعليم الزراعي في الوطن العربي، لأننا نجد الطالب يتخرج من الجامعة ولا يعرف كيفية استخدام المعدات الزراعية أو قيادة "جرار".

أسعار الغذاء
- حدثنا عن أسعار الغذاء في الوطن العربي ومقارنتها بالأسعار العالمية؟
الأسعار تختلف من دولة لأخرى، ومن عام إلى أخر ولكن من خلال المتابعة لاحظنا أن أسعار السلع الغذائية التي ترتفع في بلادنا لا تهبط مرة أخرى عكس الأسعار العالمية التي تتغير باستمرار صعوداً وهبوطاً.د

- هل يعتبر الاحتكار أو غياب منظومة المتابعة وحماية المستهلكين سبباً في ارتفاع الأسعار؟
في الدول العربية ننتج كثيرا ونستورد كثيرا، ولكن علينا أن نعمل على تفعيل منظومة حماية المستهلك بشكل جاد وأن يتم إعطائها قوة القانون لتحقيق الفائدة لتاجر الجملة والتجزئة وكذلك المستهلك.

- ماذا عن الثروة السمكية في الوطن العربي؟
هناك فائض في الثروة السمكية، فالدول العربية تنتج حوالي 4 مليون وثلاثمائة ألف طن، ومصر وحدها تنتج مليوناً وثلاثمائة وخمسين ألفاً لأن الاستزراع السمكي في الوطن العربي ينحصر بشكل أساسي حالياً في مصر، بالإضافة إلى إمكانية مضاعفة الإنتاج بسهولة لوجود المياه العذبة في الدول العربية خاصة السودان.

- هل هناك استراتيجية لتحقيق الاستفادة القصوى من الاستزراع السمكي؟
حالياً نعمل على إعداد استراتيجية لتربية الأحياء المائية لوضع هذا المجال الحيوي والإنتاج الفعلي في إطار وبرامج قومية، وبالتالي يجب النظر إلى الأمن الغذائي وتحقيقه بمضاعفة الإنتاج ووضع خطط للوصول إلى ذلك في وقت قريب، لأن أساس كل استراتيجية تبادل الخبرات بين الدول العربية والاستفادة من التجارب الناجحة.

الإنتاج الحيواني
- وماذا عن الإنتاج الحيواني والداجني في الدول العربية؟
الثروة الحيوانية مهمة جداً في منظومة الأمن الغذائي ولدينا 85% اكتفاء ذاتيا من اللحوم الحمراء في الدول العربية ومع التركيز على ثلاث دول هي: الصومال – السودان – موريتانيا، يمكننا الوصول إلى اكتفاء بنسبة 100% مع فائض للتصدير، على الجانب الأخر نجد الدواجن لها عدة مشروعات ضخمة وبالرغم من ذلك لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي منها لأننا نستورد المواد الأولية من الخارج (الأعلاف) والتي يجب التوسع في إنتاجها بشكل كبير في الوطن العرب.
كما يجب تعزيز الأمن الغذائي من داخل الوطن العربي حتى لا يتحكم في سياستنا الأخر ولا يعيبنا أن نستورد من الخارج إذا كنا قادرين على الاستيراد.
ومن الضروري أن تخطط كل دولة وفقاً لمواردها وذلك لتوفير البروتينات والسعرات الحرارية، والدهون فهناك الكثير من الدول التي استبدلت القمح بالذرة الرفيعة بسبب التكلفة العالية لاستيراد القمح من الخارج حيث يلزم لزراعته حزام معين وأغلب الدول العربية خارج هذا من الإنتاج.
وعلى مراكز البحوث والتصنيع الغذائي والتغذية الاهتمام بإدخال الذرة الرفيعة في خليط مع القمح للتقليل من الاستيراد، مع إمكانية التوسع في زراعة الذرة في السودان وموريتانيا.