كهف الهوتة كنز للسياحة والاقتصاد الوطني

مؤشر السبت ٠٣/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٣٦ م
كهف الهوتة كنز للسياحة والاقتصاد الوطني

الحمراء - فريد قمر

لن يكون افتتاح كهف الهوتة غداً، وبعد أربع سنوات من الإغلاق القسري، مجرد حدث عابر في يوميات السلطنة، فبوابة الكهف التي تخفي خلفها ملايين السنين من الاسرار الطبيعية، تشرع الباب أمام فرص غير متنهاية لتطوير المنطقة باسرها ودعم السياحة العمانية وخطط تنويع الاقتصاد التي تستهدفها السلطنة.
ويقول مدير تطوير المشاريع في عمران خالد بن محمد ميرزا أن الشركة ومنذ تكليفها من قبل وزارة السياحة بمشروع تطوير وصيانة الكهف وضعت نصب أعينها خطط لا تشمل صيانة الكهف فحسب بل منحه قيمة إضافية تعود بالفائدة على منطقة الحمراء وبهلاء ككل لمساعدة المواطنين على تطوير مشاريعهم الخاصة والمساعدة بذلك في تنمية المنطقة.
وأكد ميرزا أن عمران تعمل جاهدة على أن يكون هناك تغييراً نوعياً في إدارة المشروع ليكون نقطة جذب سياحية متكاملة من خلال إطلاق فاعليات سياحية ونشاطات متعددة.
واستلمت عمران المشروع منذ نحو عام غير أن العمل الفعلي لم يبدأ إلا من خلال الاشهر الستة الأخيرة ولم يكن أمام الشركة الات نحو 3 أشهر للقيام بأعمال الصيانة ما يعكس حجم الجهد الذي بذل في الموقع ليفتتح بابه أمام الزوار.
وعن تكلفة الصيانة الإجمالية أكد ميرزا "أن الشركة اكتفت بأعمال الصيانة اللازمة ولم تقم بصرف مبالغ هائلة على المشروع لأن الهدف كان افتتاح الكهف أمام الزوار بالدرجة الأولى" موضحاً "أن المبلغ الذي رصد للمشروع كان نحو 180 الف ريال عماني فقط، وستقوم الشركة بتنفيذ أعمال إضافية خلال فترة التشغيل".
مؤكدأً أن الهدف الاساسي لعمران كان افتتاح الكهف باسرع وقت ممكن ما فرض تنفيذ الصيانة بوقت قياسي ليكون جاهزاً للافتتاح ومن ثم البدء بالأعمال الإضافية التي تزيد من جمالية المشروع وتحسن خدماته.
وأكد ميرزا أن ثمة صعوبات وعقبات كبيرة في تشغيل الكهف وهي عقبات قد يستحيل تفاديها لكونها طبيعية "فكهف الهوتة هو موقع منفرد لأنه كهف وممر مائي في ذات الوقت إذ تلتقي فيه ثلاثة أودية ومجاري مياه عند سفح الجبل وتمر في الوادي. ما يجبرنا على إغلاق الكهف لفترات معينة هو نتيجة ارتفاع منسوب المياه في بطن الكهف ما يؤثر على الأجهزة الالكترونية والمصابيح فيه.
وأكد أن الكهف تم إغلاقه في العام 2012 بعدما تسببت المياه بانهيار كبير في داخله وغمرت المياه أجزاء كبيرة منه، ما أدى إلى إغلاقه لفترة استمرت اربع سنوات".
وعن التأخر في بدء أعمال الصيانة وافتتاح الكهف رغم انحسار المياه أوضح "أن الوزارة كانت تفكر بتنفيذ أعمال جذرية لمنع تكرار الحادث ومن بين الحلول التي كانت مطروحة هو تغيير مجاري الأودية لتكون خارج الكهف وهو مشروع مكلف جداً ويحتاج إلى دراسات عدة، وبعد الانتهاء من تلك الدراسات تبين ان أي تغيير في مجرى المياه الطبيعي من الممكن ان يؤثر على الكهف وتغيير خصوصيته الطبيعية، لذلك صار التوجه إبقاء الكهف على ما هو عليه"، مضيفاً أنه "في حال أتى موسم الامطار ودخلت المياه بكميات كبيرة إلى الكهف سيتم العامل مع الأمر بحسب ما تفرضه الحاجة مع السعي الدائم لتكون فترات اغلاق الكهف محدودة".

تنمية مستدامة
وإذا كانت المبالغ التي رصدت لصيانة كهف الهوتة كلفت نحو 180 ألف ريال عماني، فإن الجدوى الإقتصادية للمشروع لا يمكن حصرها، فالإضافة التي العائدات المباشرة للمشروع من خلال تذاكر الدخول الى المشروع، ثمة مردود اقتصادي أكبر لا يشمل تشغيل الكهف فقط بل يتعلق بتنمية منطقة بكاملها،
ويقول ميرزا إن الحمرا مثلاً "هي منطقة جذب سياحي وفيها عدة نقاط سياحية غير معروفة ومن مهمتنا أن نساهم في التعريف بتلك المناطق لدعم السياحة فيها. وعندما يأتي السائح إلى كهف الهوتة لا نريده أن ينهي زيارته ويعود من حيث أتى، أن يستفيد من وجوده هنا ويساهم في إنعاش المنطقة اقتصادياً" ولتحقيق ذلك يوضح انه سيتم تقديم عرض بصري عن المنطقة ونقاط الجذب فيها في صالة العرض الاساسية داخل مبنى الزوار، ودعوة السياح إلى زيارة الأماكن السياحية في الحمراء وبهلاء وغيرهما من المناطق".
وعن تنمية المنطقة ويضيف ميرزا :"علينا الاعتراف أن السياحة هي عامل رفد اساسي للاقتصاد الوطني وكهف الهوتة من الممكن ان يساهم من خلال تنشيط السياحة وإيجاد فرص عمل، لذلك نخطط لتنفيذ مجموعة من المرافق الجانبية في المشروع والقيام بنشاطات ومشاريع يقوم بإدارتها وتشغيلها المواطن نفسه".
ويؤكد أن الارقام تظهر قدوم بين 50 و75 ألف سائح إلى الموقع سنوياً ما يعني تدفق عدد كبير من الناس الذين يشكلون الدافع الأساسي لاي استثمار مما سيشجع المواطنين على افتتاح مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، كافتتاح المطاعم والمقاهي ومتاجر التذكارات والهدايا والتصوير، وربما الفنادق والمشاريع الأكبر، على ان تكون تلك المشاريع على مستوى لائقف يناسب السياحة وتنميتها، وهذا من شأنه ان يوجد الكثير من فرص العمل ويؤمن المداخيل للكثير من عائلات المنطقة.
ويؤكد ميرزا أن هذه الخطة بدا تنفيذها بالفعل من خلال تسليم المطعم والمقهى ومحل الهدايا داخل المشروع كمرحلة أولى إلى شركات صغيرة ومتوسطة.

كفاءات وطنية
ولأن المشروع يحتاج إلى كفاءات وطنية كبيرة تكون على قدر المسؤولية أوضح مدير تطوير المشاريع في عمران ان وزارة السياحة بذلت جهداً كبيراً لتدريب وتاهيل الكوادر داخل الكهف لييتمكنوا من تشغيله بافضل طريقة ممكنة، مؤكداص أن عمران ستسير على النهج من خلال توفير دورات في اللغة الإنجليزية ودورات في علوم الجيولوجيا ليحصّل المرشد معلومات كاملة عن تكوين الكهف والصخور فيه وغيرها المعلومات العلمية الدقيقة، لاسيما أن الكثير من الباحثين وأهل العلم والاختصاص سيزورون الكهف وعلى كوادرنا الوطنية انتكون مؤهلة لاستقبالهم".
ويضيف:"ومن ناحية أخرى نحن نقوم بتدوير الموظفين لكي يشتغل كل موظف في موقع مسؤولية محدد ليكتسب جميع الخبرات الممكنة ويكون ذا قدرات كبيرة".

تكامل مع السياحة
وعن التعاون مع وزارة السياحة يؤكد ميرزا أن "هناك تكاملاً بين عمران والوزارة وتعاون كبير بينهما وعلى جميع الاصعدة ونحن نقدم استراتيجيات التطوير ونستفيد من الخبرات الكثيرة الموجودة في وزارة السياحة نضيفها إلى خبراتنا لنكون الأداء في المشروع في افضل مستوى ممكن".
وعن السياحة المستهدفة يقول:"إن العمل جار على جذب جميع أنواع السياح أكانت السياحة الداخلية من بين أبناء السلطنة والمقمين فيها أو السياحة الخليجية والعالمية، فأهمية الكهف تكمن في أنه الأكبر في منطقة الخليج وثاني أكبر كهف في الشرق الأوسط، وللكهوف زوار معينين من اصحاب الاختصاص، لذلك نسعى لجذب الجميع، ونعمل على تطوير خطة متكاملة لتحقيق ذلك أكان من خلال الموقع الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، أو من الخطة الإعلامية والإعلانية الشاملة التي نطورها لتسويق الكهف وتعريف الناس على أهميته".
الطريق إلى الكهف
وعن الطريق إلى الكهف وإذا ما كان مهيئاً لاستقبال السياح يقول: "إن الطرقات إلى موقع الكهف ممتازة ومجهزة وتمر بمزارع جميلة جداًَ ما يمنحها لمسة جمالية طبيعية، لكن يبقى هناك نقص في الإشارات الإرشادية الكافية ومن استراتيجيتنا توفير علامات إرشادية بمواقع أكبر وأحجام أكبر لكي يصل السائح إلى الكهف بسهولة وسلاسة".
وأكد ميرزا انه لا مشكلة مع سكان المنطقة لتطوير المشروع لاسيما اننا نحترم الخصوصية العمانية ونتفهمها لكوننا عمانيين بالدرجة الأولى ولن نقوم بمشاريع تتعارض مع تقاليدنا وثقافتنا أو تغير هوية المنطقة، فضلاً عن أن موقع كهف الهوتة بحد ذاته بعيد عن الأحياء السكنية والمواقع العمرانية.
مؤكدأً ان المشاريع الجانبية ومنح المواطنين وسكان المنطقة الفرصة لتطوير أعمالهم وتجارتهم ستجعلهم متحمسين اكثر للمشروع بل سيدعمونه بكل قوتهم.

3ملايين سنة
وبدوره يقول مدير مشروع كهف الهوتة ابراهيم بن سعيد الوهيبي إن الكهف يعد من الكهوف النادرة عالمياً وهو غني بالموروثات الجيولوجية وعمره يتراوح بين من مليونين الى 3 ملايين، ويحتوي على تشكيلات كلسية روعة في الجمال، ما يشكل قدرة على جذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
وإضافة إلى قيمته الجيولوجية يؤكد الوهيبي وجود مجموعة من الكائنات الحية النادرة داخل الكهف كالسمكة العمياء التي تعد من أندر الاسماك في العالم، فضلاً عن وجود الخفافيش والعنكبوت الصياد وغيرها من الحيوانات.
وأوضح أن الكهف تم اكتشافه عن طريق السكان المحليين في ستينيات القرن الماضي، وتمت دراسته من قبل علماء جيولوجيين من جميع انحاء العالم.
وأكاد أنه بالإضافة غلى قيمته الطبيعية تم تجهيز الكهف بأفضل الوسائل التقنية ليكون مشروعاً سياحياً بامتياز، موضحاً أنه تم توفير قطار حديث للوصول إلى كهف من مبنى الزوار، وتم تجهيز القطار بشاشات عرض فضلاً عن نظام حماية متطوروكذلك تم تجهيز معرض جيولوجي في مبنة الزوار ويتحتوي على أجهزة تقنية عدة تشرح تشكل الكهف والصخور والتشكيلات الكلسية الموجودة فيه، فضلاً عن عروض مرئية حول التطور التاريخي للكهف والمنطقة فضلاً عن التطور الذي طرأ على جغرافيا العالم منذ ملايين السنين إلى اليوم.
معايير السلامة
وعن معايير الأمن والسلامة اكد الوهيبي "عدم تسجيل اي حوادث في مشروع كهف الهوتة وهو مزود بأعلى معايير السلامة والأجهزة الرقابية ومزود بأنظمة السلامة وأجهزة الأوكسيجين وطفايات الحريق"، موضحاً ان "فريق العمل مؤهل بشكل تام للتعامل بحرفية عالية مع أي طارئ قد يحدث".
وعن استكشافات داخل كهف الهوتة أكد ان الاستكشاف مستمر وهو مازال كموضوع دراسة العديد من العلماء الذي يزورون الكهف باستمرار، ويمكننا القول أن هناك الكثير من الاسرار الطبيعية التي لم تكتشف بعد في الكهف ويمكننا ان نتوقع اي اكتشافات جديدة في اي وقت في المستقبل".