حسام بركات
أتذكر قبل سنوات طويلة أزمة سوق المناخ في الكويت وما نتج عن انهيار الأسهم من نكبات لمستثمرين أغلبهم من الصغار، أما الكبار فلا خوف عليهم دائما.
كبار المستثمرين يملكون رأسمالهم الذي يربطهم بالشركات الكبيرة الرابحة دائما، فيما يبحث الأقل ثراء عن ضربة العمر في سهم مغمور ينتظر أن «يولع» بين ليلة وضحاها.
هذا ما يحصل تماما في سوق الانتقالات الصيفية لنجوم كرة القدم والتي أغلق بابها مع انتصاف الليل، حيث وجدت الاندية الكبيرة ما تبحث عنه - وجلبت الاسماء المضمونة - فيما بحثت الاندية الصغيرة عن المواهب المدفونة التي قد تتفجر مع الموسم الجديد وترتفع أسعارها إلى الملايين.
وعندما نقول الأسماء المضمونة فهذا يعني النجوم أصحاب «شباك التذاكر»، وليس شرطا النجوم الموهوبين الذين يأتون على يد أندية تهدف إلى تلميعهم وبيعهم لاحقا.
هناك أندية متخصصة في جلب الأسماء الكبيرة مثل ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد، كما أن هناك اندية ماهرة في جلب الموهوبين مثل بنفيكا البرتغالي واشبيلية الاسباني وايندهوفن الهولندي رغم خطورة هذه المغامرات في الكثير من الاحيان.
لكن الغريب على الدوام هو بقاء الأندية الكبيرة في كامل صحتها المادية مهما فشلت في الاختيار .. أما الاندية الصغيرة فليس أمامها إلا خيار النجاح وإلا فإن مصيرها الإفلاس.
سوق الاسهم عموما كما هي اسواق ميركاتو اللاعبين لا شيء فيها مضمون، فتارة تفشل الصفقات بعد دفع الملايين فيها، وتارة أخرى يتحول الدولار الواحد إلى ملايين كثيرة.
من الأمثلة البرتغالي الشاب ريناتو سانشيز الذي اشتراه بنفكيا بملبغ 750 يورو (ثمن 35 كرة قدم أصلية) وباعه إلى بايرن ميونيخ الالماني بمبلغ 35 مليون يورو.
ولم نذهب بعيدا فلاعب الوسط الفرنسي بول بوجبا انتقل من مانشستر يونايتد إلى يوفنتوس نظير تذكرة سفر باتجاه واحد (وربما كانت على الدرجة السياحية)، وها هو يعود (فيرست كلاس) بصفقة هي الأغلى في التاريخ نظير 105 مليون يورو.
وفي المقابل هناك العشرات إن لم نقل المئات من اللاعبين الذين يتم جلبهم من أمريكا الجنوبية وأفريقيا على أمل الثراء السريع لمن يراهن عليهم، فإذا بهم يأتون ويعودون دون أن يعلم بهم أحد.
ما أعجبني في تصريح سابق للجناح الانجليزي ديفيد بيكهام عندما وصف النجومية بالعملة النادرة فقال: «المهارة وحدها لا تكفي .. شخصية اللاعب تمثل النسبة الأكبر من نجوميته».
وهذا يفسر على الغالب كيف تدفع الأندية الكبيرة مئات الملايين على شراء اللاعبين النجوم ومع ذلك لا تخسر حتى وإن لم يقدموا ما هو مطلوب منهم على أرض الملعب.
فلاعب مثل الويلزي جاريث بيل مثلا وإن ساهم في جلب بعض البطولات وسجل أهدافا حاسمة إلا أن مبلغ 100 مليون يورو الذي دُفع فيه لم يعد على ريال مدريد بسبب هذه البطولات وإنما من واقع العقود التجارية والمبيعات الإعلانية التي تحصل علهيا النادي الملكي جراء بقاء عدد كبير من النجوم في صفوفه ومنهم جاريث بيل.
كما أن برشلونة يربح من وجود ميسي في صفوفه أضغاف ما قد يربحه في حال باعه لمرة واحدة مهما بلغت قيمة الصفقة، وذات الأمر ينطبق على نيمار وسواريز وغيرهم من النجوم.
سوق المناخ الكروي (الميركاتو) مطلوب دائما وضروري جدا لأنه يشعل الموسم على فترتين ويحرك المياه الراكدة صيفا وشتاء ويقلب موازين القوى في أحيان كثيرة.. فكيف تغيرت الأمور هذه المرة؟
كلنا شوق لمعرفة النتائج في القريب العاجل.
husam@karmicholding.com