فريد أحمد حسن
في خطابه السامي لدى الإنعقاد السنوي لمجلس عمان العام 2009 أشار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم إلى أن السلطنة أولت منذ بداية عهده الميمون اهتمامها الكامل لمشاركة المرأة العمانية في مسيرة النهضة المباركة ، وأنه لهذا وفرت لها فرص التعليم والتدريب والتوظيف ودعم جلالته دورها ومكانتها في المجتمع وأكد على ضرورة إسهامها في شتى مجالات التنمية . والجميع يعرف أن صاحب الجلالة يسر ذلك "من خلال النظم والقوانين التي تضمن حقوقها وتبين واجباتها وتجعلها قادرة على تحقيق الارتقاء بذاتها وخبراتها ومهاراتها من أجل بناء وطنها ، وإعلاء شأنه" كما جاء في كلمة جلالته في تلك المناسبة .
قناعة قائد عمان بأن الوطن يحتاج إلى المرأة مثل حاجته إلى الرجل وتخصيصه يوم السابع عشر من أكتوبر من كل عام يوما للمرأة العمانية وفر لها حافزا وشجعها على العطاء الذي أثبتت من خلاله تميزها في مختلف المجالات فلفتت بذلك الأنظار وصار لها بصمات واضحة في عملية التنمية عززت تطلعاتها نحو المستقبل .
في تلك المناسبة وجه صاحب الجلالة إلى المرأة العمانية كلمة دعاها من خلالها "إلى الاستفادة من كافة الفرص التي منحت لها لإثبات جدارتها ، وإظهار قدرتها في التغلب على ما يعترض طريقها من عقبات" . وهكذا كان ، حيث صارت بالفعل ، وليس بالكلام ، شريكة في التنمية وتحملت كل الصعاب جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل وأثبتت قدرات مدهشة في مختلف المجالات فأكدت بفعلها وإصرارها صحة رؤية صاحب الجلالة ، الأمر الذي أدى إلى إعطائها مساحات أكبر لتحقق المزيد من النجاحات وتوفر العديد من الأمثلة على أنها تستحق الثقة التي منحها إياها باني السلطنة وقائدها .
المرأة العمانية أثبتت أنها شريك حقيقي ومقتدر في التنمية الوطنية ، شغلت وظائف مهمة في القطاعين العام والخاص وحققت نجاحات حتى على صعيد المشروعات الفردية ، أما نجاحها في تربية الأبناء وتنشئة الأجيال فدليله هو هذا الحب اللافت من أبناء عمان ، ذكورا وإناثا ، للسلطنة ولراعي السلطنة ، وهذا الإخلاص غير العادي للوطن والذي هو في كل الأحوال ترجمة حقيقية ورائعة لإيمانها بالمبادئ التي بنى عليها وبها جلالة السلطان عمان الحديثة لتكمل مسيرة العطاء الممتد عميقا في التاريخ .
لو سألت أي عماني عن رأيه في إسهام المرأة العمانية في العملية التنموية التي تشهدها السلطنة لقال على الفور إنه "إسهام قوي ومميز وواسع ومتواصل" كما جاء في أحد المقالات التي كتبت في هذا الخصوص ، ولو سألت غير العماني عن الأمر نفسه لأجاب بالإجابة نفسها وعيونه مليئة بالدهشة الممزوجة بالفرح والفخر .
المتابعون لأداء جمعيات المرأة العمانية وجمعيات المجتمع المدني على اختلافها وكل مجال يمكن للمرأة العمانية أن تسهم فيه يتفقون على أنها رافعة أساسية من رافعات المجتمع العماني وأنها نذرت نفسها لخدمة هذا الوطن . يظهر هذا أيضا في مختلف المجالات التي تخدم من خلالها . كثيرة هي النماذج التي يمكن الاستشهاد بها في هذا الخصوص ، وتقديم أحدها لا يعني أبدا التقليل من شأن النماذج الأخرى ، فالحصر هنا هو بسبب ضيق المساحة ولتوفر السيرة الذاتية للنموذج ، ليس إلا .
الإعلامية جيهان بنت عبد الله اللمكية ، التحقت كمذيعة بتلفزيون السلطنة قبل أربعة عشر عاما واجادت بقدراتها في قراءة نشرات الأخبار ، لكن عطاءها لا يقتصر على هذا المجال الذي هو امتداد لعطاء والدتها الإعلامية الشهيرة وإحدى مؤسسات تلفزيون السلطنة رحمة حسين ، ذلك أن جيهان عضوة بمجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية منذ نحو عشر سنوات ويعود لها الفضل في تأسيس لجنة الصحفيات بالجمعية . في مجال عملها اجتازت العديد من الدورات التدريبية التي مكنتها من اكتساب العديد من المهارات في اللغتين العربية والانكليزية وطورت قدراتها في إعداد التقارير وإجراء المقابلات والحوارات التلفزيونية والإذاعية . من إنجازاتها إعداد بحث علمي شامل عن منهجية العمل والتفكير في محطة (سي ان ان) العالمية والإعداد والإشراف على العديد من الفعاليات الإعلامية والصحفية داخل السلطنة وخارجها والمشاركة في الكثير من الفعاليات المتخصصة وتلك الخاصة بالمرأة العمانية وتقديم الاحتفالات الرسمية و العديد من المؤتمرات المحلية والدولية باللغتين العربية والإنجليزية مثل مهرجان مسقط على مدى عدة أعوام ومؤتمر الواهو للخيالة السلطانية العمانية .
حصلت جيهان اللمكية على العديد من شهادات التقدير في مجال عملها واهتمامها من العديد من الجهات في الداخل والخارج ، منها على سبيل المثال برنامج تطوير المرأة ( سبرنج بورد) التابع للمجلس الثقافي البريطاني ، ووزارة الخارجية في احتفال تكريم البحار العماني محسن البوسعيدي ، وجمعية الصحفيين العمانية في إنجاح إجتماعات الأمانة العامة للصحفيين العرب ٢٠١٠ ومهرجان مسقط السينمائي الخامس .
السيرة الذاتية للإعلامية جيهان اللمكية تضمنت الكثير من المعلومات عن نشاطها وإنجازاتها ، لا يتسع المجال لذكرها كلها ، فما تمت الإشارة إليه يكفي لتوفير نموذج لعطاء المرأة العمانية التي تريد أن تثبت دائما أن تقدير صاحب الجلالة السلطان المعظم كان في محله وأنها لم تخذل جلالته وأكدت أنها عضيد أخيها الرجل ، تتشارك معه في البناء والتنمية ، وعطاؤها لا يقل عن عطائه في مختلف المجالات .
من يتابع عطاء وإنجازات المرأة العمانية لا يملك إلا أن ينحنى أمامها تقديرا ، ولا يتردد عن تهنئة السلطنة بما حازت من قدراتها ، ولا ينسى أن يؤكد أهمية تدوين منجزاتها في العهد الزاهر .
· كاتب بحريني