وهم الإفلاس الجمهوري

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٥/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٠٨ م
وهم الإفلاس الجمهوري

سيمون جونسون

يوجد الآن شبه إجماع على أنَّ قانون دود-فرانك للإصلاح المالي، الذي تفعَّل عام 2010، لم ينهِ المشاكل المتعلقة بكَون بعض البنوك "أكبر من أن يُسمَح لها بالفشل". ولكن عندما يتعلق الأمر بالحلول المقترحة، فلا يوجد مثل هذا الإجماع. بل على النقيض، أصبح النظام المالي مسألة أساسية في الانتخابات الرئاسية والنيابية التي ستنعقد في نوفمبر.
إذن، من يملك الخطة الأكثر وجاهة وفعالية في تقليل المخاطر المرتبطة بشركات مالية كبيرة جدا؟ لدى الديمقراطيين استراتيجية متفق عليها وقابلة للتطبيق ستمثِّل تقدما حتميا عن الوضع القائم. أمَّا المقترح الجمهوري، فهو للأسف طريقة مضمونة لتحقيق كارثة أكبر مما مرت به الولايات المتحدة والعالم عام 2008.
على الجانب الديمقراطي، تشير المواد الدعائية الخاصة بحملة هيلاري كلينتون الانتخابية وبرنامج الحزب إلى خطة مفصلة للدفاع عن قانون دود-فرانك وللتمادي من ناحية الضغط على الشركات الكبرى كي تصبح أقل تعقيدا، وأصغر في حالة الضرورة. على البنوك كذلك تمويل أنفسها بأسلوب أكثر استقرارا. إذا فازت هيلاري، ستجذب عند دفعها في هذا الاتجاه دعما قويا من النواب الديمقراطيين، بمن فيهم منافسها في ترشيح الحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز، وإليزابيث وارن، زميلته في عضوية مجلس الشيوخ.
يزعم بعض المعلقين أن هيلاري قد «انجرَّت إلى اليسار» في مسألة النظام المالي خلال الحملة الانتخابية. ولكن إذا نظرت بتمحيص إلى تصريحاتها خلال هذه الدورة الانتخابية، ستجد أنها منذ البداية مطابقة تقريبا لما ظلت إليزابيث وارين تسعى إليه طوال السنوات الستة الماضية. وتتماشى هذه الأهداف تماما مع ما يريده كل المسؤولين المختصين. يرغب كل عاقل في منع البنوك الكبرى من الخروج عن السيطرة، وتحويل المخاطر إلى أنشطة غامضة غير منظمة (داخل الميزانية أو خارجها)، ونهب المستهلكين.
هذه أجندة صالحة وحكيمة تماما. ويعارضها بالطبع مَن يتقاضون مالا ــ بطريقة أو بأخرى ــ لتمثيل البنوك الكبرى.
على الجانب الجمهوري، فإن نوايا دونالد ترامب المحددة أقل وضوحا، رغم أنه يدعو نفسه بفخر «ملك الديون»، وهو أمر غير مشجِّع تماما. ربما تساعد جبال الديون الضخمة في إثراء الممولين أو مطوري العقارات الأفراد، ولكنها تضيف متاعب إجمالا إلى الاقتصاد الكلي. كانت تلك الجبال بالتحديد هي التي انهارت فوق رأس الاقتصاد الأمريكي والعالمي عام 2008. دُفِن الكثيرون في الركود الكبير الذي تلا هذه الفترة، وما زال كثيرون يحاولون النجاة منه.
وعلى عكس ترامب، صاغ ممثلو الحزب الجمهوري في مجلس النواب خططا مفصلة يمكن مقارنتها إلى حد ما بما قد قدمه الديمقراطيون، ونشروها. وفي حالة تولِّي ترامب الرئاسة، ستكون السياسة المالية على الأرجح بنسبة كبيرة من تصميم لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، التي تتلخص أولويات رئيسها المعلنة بوضوح في تقليص حماية المستهلك وإزالة أي قيود فعالة على أنشطة البنوك الكبيرة.
تقع في قلب استراتيجية ممثلي الحزب الجمهوري في مجلس النواب فكرة بسيطة: على كل الشركات المالية التمكن من الإفلاس دون الإضرار ببقية الاقتصاد ودون أن تتورط الحكومة. وهذا حسن إذا كان شعار حملة. ولكن في هذا المنطق مشكلة كبيرة.
في سبتمبر 2008، أفلس بنك ليمان براذرز بالفعل، ولم يُقدم له أي من أشكال الدعم الحكومي. وكانت العواقب وخيمة على بقية القطاع المالي، والاقتصاد غير المالي، والعمالة.
يقترح ممثلو الحزب الجمهوري في مجلس النواب إصلاح ذلك عبر تعديل قانون الإفلاس. يبدو هذا أيضا جيدا، ولكن ماذا يعني بالتحديد؟
إن مجرد الوعد بعدم الإنقاذ لا يتمتع بالمصداقية. والولايات المتحدة دولة كبيرة وقوية، وعندما يهجم الخطر، يشتري المستثمرون الديون الحكوميةالفيدرالية، فيدفعون بذلك أسعار الفائدة إلى الانخفاض. لدى أمريكا ميزانية «حصينة»، إضافة إلى أحد أكثر البنوك المركزية جدارة بالثقة في تاريخ العالم.
كبير خبراء الاقتصاد لدى صندوق النقد الدولي سابقا