محمد بن سيف الرحبي
malrahby
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
ما يجنى من أي أزمة هو الدرس الذي نتعلمه منها، فنكتسب خبرة في مواجهة الأزمات التالية، محاولين التخفيف من آثارها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وربما تسحبنا من القمة إلى القاع (ليس على المستوى المادي فقط) أو ما يمكن القول إلى ما تحت الصفر حينما تضرب «الكارثة» بقوة، حيث تتهاوى الحسابات النقدية (على سبيل المثال) فيتحول الفائض.. إلى ديون!
الإجراءات التقشفية التي تتخذها الحكومة في مواجهة تداعي أسعار النفط جديرة بالتأمل، فزمان الوفرة المالية جعل الإنفاق بسخاء، حتى أن وزارة المالية لم تنتبه إلى أشياء جديرة بالتنبه إليها، في جميع أحوالنا، مع ارتفاع الفائض أو مع زيادة الديون، وكلفتها على مرور السنوات، حيث لا يبدو أن قدرتنا المالية تسير إلا نحو المزيد من الاقتراض.
كيف لم تنتبه، مثلا، الحكومة ممثلة في وزارة المالية إلى أن نسب التعمين في الإدارات العليا للشركات الحكومية ضعيفة بحيث تتطلب نداء عاجلا بالنظر في فتح أبوابها أمام المواطنين. ومعروف حجم الإنفاق على هذه الوظائف، بخاصة إن كان المدير أجنبياً، وليس من الفئة التي ترتدي دشداشة ومصرّاً، وتتحدث اللهجة العمانية أمام طوفان من الألسن العابرة للقارات والبحار.
لا أتحدث عن السيارات الحاملة للرقم الأبيض، أو حتى تلك المحسوبة على اللوحات الأنيقة كما هي ســـيارات المراسم متاحة في المؤتمرات والمهرجانات والندوات، وغيرها، للضيوف، علا شأنهم أو صغر!
إنما أشير إلى جزئية صغيرة، وغريبة، وتثير التساؤلات..
إذا كانت الحكومة تصارع مؤسسات القطاع الخاص لتعمين الوظائف، فتترك التي رواتبها بالآلاف لتعمّن الواقعة في أدنى سلم الترتيب الوظيفي، فكيف بها، الحكومة، تنسى الوظائف العليا الواقعة تحت سلطتها مباشرة؟!
وكيف تنتبه إليها الآن، حيث ضربت الأزمة المالية بأطنابها، كما يقال، وحان دور فتح الأعين جيدا، مع أن إشارة وزارة المالية واضحة إلى أن الصرف في بعض الجوانب ارتفع بنسبة كبيرة..
أين دور الوزراء في قيادة مؤسساتهم وفق مقتضيات أزمة تضرب اقتصاد البلاد، أم أن الجزئية القابلة للتنفيذ تلك المتعلقة بحصار الصحف المحلية من خلال التضييق عليها بقطع الاشتراكات، أو محاصرة الوعي بالتشدد في الجوانب الثقافية، وإلغاء الفعاليات المحسوبة لصالح الثقافة والإعلام؟
وأخيرا.. سؤال آخر: متى سننتبه أيضا إلى المسؤولين «السوبرمان» والذين يقودون عدة شركات، كرؤساء مجالس إدارات أو اعضاء فيها، ولا تحقق من الفوائد ما يشفع لهذه الإنفاق على «مجلس الإدارة» وليس على المنتجين الحقيقيين الملامسين للعمل الشاق يوميا؟
لا نحتاج إلى أزمة لنستيقظ على وقائع تكدست وتراكمت وطال عليها العهد، ولا تحتاج سوى زيارة من جمعية حماية المتسهلك للتحقق من تاريخ صلاحية استخدامها البشري.. أو الوطني!