لندن – ش – وكالات
شرعت شركة محاماة في إجراءات لضمان موافقة مجلس العموم على تفعيل قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتمثل شركة، ميشكون دي ريا، مجموعة من رجال الأعمال والأكاديميين، وتقول إن رئيس الوزراء ليس من حقه تفعيل المادة 50 دون نقاش مستفيض وتصويت في البرلمان.
وتأتي هذه الإجراءات عقب تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو. وقالت الحكومة إن البرلمان له "دور" في إيجاد "الطريقة الأمثل للمضي قدما".
وأعلن رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، عقب الاستفتاء أنه سيتنحى بحلول شهر أكتوبر، وسيترك لمن يخلفه في المنصب مهمة تفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة.
وستكون بعدها أمام بريطانيا فترة عامين للتفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتقول شركة ميشكون دي ريا إن الأعراف الدستورية في بريطانيا تنص على أن تفعيل المادة 50 من صلاحيات البرلمان.
وتواصلت الشركة من المسؤولين في الحكومة من أجل الحصول على ضمانات بشأن الإجراءات. ويقول محرر الشؤون القانونية في بي بي سي، كلايف كولمن، إن شركة المحاماة تعتقد أن أي رئيس وزراء يستعمل صلاحياته التنفيذية لبدء الإجراءات سيكون قد انتهك القانون لأنه يخالف قانون 1972 الذي نص على دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبي.
وتضيف شركة المحاماة إن التشريع لا يلغى إلا بتشريع آخر، وفق الأعراف الدستورية، وعليه فإن موافقة البرلمان مطلوبة لمنح رئيس الوزراء سلطة بدء إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويقول المحامي، كسرى نوروزي، من شركة ميشكون دي ريا: "علينا أن نتأكد من أن الحكومة تتبع الإجراءات الصحيحة، احتراما للقانون وحماية للأعراف الدستورية البريطانية، وسيادة البرلمان، في هذه الظروف غير المسبوقة". ويضيف: "أن نتيجة الاستفتاء ليست محل تشكيك، وإنما علينا اتباع الإجراءات التي تحترم القانون البريطاني".
ويرى القانونيون أن رئيس الوزراء بمفرده لا تسمح له صلاحياته بتفعيل المادة 50 ولابد له من تشريع في البرلمان يعطيه السلطة الكاملة. وسيمنح عرض القضية على البرلمان فرصة للنواب، وأغلبهم مع البقاء، للتعبير عن رأيهم في الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتصويت وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم.
ولكن لا يمكن أن يتصور أحد، وفق الأعراف الدستورية، أن يرفض النواب الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعدما صوت له الشعب في استفتاء وطني. وإذا كان الاستفتاء لم يغير شيئا من الناحية القانونية، فإنه غير كل شيء من الناحية السياسية.
ويدعو قادة الاتحاد الأوروبي بريطينا إلى عدم تأخير خروجها من الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جون كلود يونكر، إن بريطانيا ليس أمامها شهر للتفكير" في تفعيل المادة 50.
ولا يمكن تمديد فترة العامين من المفاوضات، وفق المادة 50، إلا بإجماع الأعضاء الباقين وعددهم 27 دولة. وإذا لم تحصل الموافقة على تمديد فترة المفاوضات، فإن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي، على أساس ما تم الاتفاق عليه في فترة العامين. وقال متحدث باسم الحكومة: "مثلما أوضح رئيس الوزراء في مجلس العموم، فإننا نفحص تفاصيل الإجراءات، وسيكون للبرلمان، دون شك، دور في إيجاد أفض السبل".
وعلى صعيد آخر؛ دعم وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس الاثنين وزيرة الداخلية تيريزا ماي لتصبح رئيسة الوزراء في البلاد قائلا إنها تتمتع بالواقعية اللازمة للتوصل لأفضل اتفاق ممكن فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال هاموند الذي نظم حملة من أجل التصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي إن رئيس الوزراء القادم يجب أن يحقق توازنا بين استمرار الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة في أعقاب تصويت بريطانيا الشهر الماضي في استفتاء لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي وبين الحد من حرية الحركة.
وقال لصحيفة ذا ديلي تلجراف "الحركة غير المقيدة لمواطني الاتحاد الأوروبي كما كانت تسري حتى الآن لم تعد مطروحة بعد الآن على المائدة.
"يجب أن نعطي الأولوية لتأمين أفضل وصول ممكن للشركات البريطانية للسوق الموحدة فيما يتعلق بالسلع والخدمات ولكن في إطار القيود المفروضة علينا جراء هذا الواقع السياسي."
وقال هاموند "للتوصل لأفضل اتفاق نحتاج يدا ثابتة وأعصابا فولاذية وحكما سليما... الاتفاق الذي نتوصل إليه ويتعلق عليه مستقبل بريطانيا الاقتصادي يعتمد على تمتع رئيس وزرائنا المقبل بهذه الصفات. "ولهذا أدعم تيريزا ماي بصفتها أفضل شخص قادر على حماية مصالح بلادنا في مثل هذه الأوقات العصيبة."
*-*
مؤيدو انفصال بريطانيا مكتئبون
تسيطر مشاعر الحزن والقلق على عدد كبير من البريطانيين المؤيدين للانفصال عن الاتحاد الأوروبي منذ التصويت لصالح الخروج من هذا التكتل الأسبوع الفائت.
«يمكن القول إنني أعاني حالياً من القلق والاكتئاب»، قالها «ميك واتسون»، الباحث في جامعة أدنبره، مضيفاً: «أنا قلق جداً. وأقضي وقتي على الإنترنت، وهذا ينعكس على عملي وحياتي في المنزل«.
وقالت جاي واتس، من جامعة كوين مارى في لندن: «ردود فعلنا متعدّدة. أول رد فعل كان الشعور بالصدمة وبنوع من الخيانة لدى مؤيدي البقاء، شعر الكثيرون منهم بأنهم لا يعرفون المملكة المتحدة التي يعيشون فيها. لقد أثار الأمر انقساماً في مشاعر الناس حيال القيم البريطانية«
وقال ويل ديفيس، من جامعة جولد سميث في لندن إن «الشعور السائد هو عدم القدرة على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وبهذا المعنى فإنه أصعب من الطلاق، وأشبه بموت يمكن تفاديه«
وقال الممثل الإنجليزي الأمريكي ديفيد شال، إن النتيجة دفعت الكثيرين إلى تأمل الذات: «أنا أصحو فى الليل قلقاً بشأن مستقبل البلاد ومستقبلي الشخصي، كيف سأتكيف مع الوضع الجديد«.